متى تهتز قدسية كربلاء؟

بقلم: البروفسور الدكتور سامي آل سيد عگلة الموسوي

بغض النظر عن طبيعة حفل افتتاح بطولة كرة قدم في ملعب كربلاء (الدولي) ولمجموعة صغيرة من الدول العربية الاسيوية فأن الضجة التي أثيرت حوله أصبحت تشكل ادانة محرجة لمثيريها بل ولاصحاب السلطة في العراق. وبسبب تلك الضجة دققنا النظر بهذا الحفل فلم نرى فيه ما يخدش قدسية المدينة سوى رقصات تعبر عن السلام والمحبة واطياف الألوان للاعلام المشاركة في البطولة. اما العازفة فهي من بلاد أخرى ولم تكن موجودة في عين مكان يعتبر مقدس ولكن في ملعب اطلقت عليه تسمية (دولي) والدولي معناه يستقبل من جميع الدول بمختلف الثقافات وضمن حدود الاداب العامة المتعارف عليها دولياً. والا لماذا يشيدون ملعب يسمونه (دولي) اذا كان غير منفتحاً باستقبال الاطياف الأخرى.

ان كان هناك ثمة شيء يمكن ان ينتقد في هذا وغيره من الاحتفالات فهو النشيد الوطني الغير عراقي والذي تبنته أحزاب السلطة الفاشلة منذ عام ٢٠٠٣. هذا النشيد (موطني) يثير الإحباط في النفس فهو عند قراءته …. موطني … موطني … هل اراك هل اراك …. سالما منعما وغانما مكرما…. ؟ يجعل الشخص يشعر بان وطنه في حالة سيئة جدا تثير الشك في انه سيتعافى منها بل واليأس ومن خلال كلماته الأخيرة فهو غير مستقل وان شبابه اما ان تبيد او تحصل على الاستقلال وانه في حالة حرب …. يبدو ان قدر العراق اصبح هكذا مسلوب الإرادة تحت وطأة الأحزاب العميلة التي حكمت العراق منذ عام ٢٠٠٣ وليومنا هذا. ومع احترامنا وتقديرنا للكاتب الفلسطيني الذي كتب كلماته ولكن لكل زمان ومكان خصوصياته وقد مرت اكثر من خمسين سنة على كتابة هذا النشيد في لبنان وليس العراق.

من ناحية أخرى فأن قدسية كربلاء تهتز عندما يتم سرقة المال العام من قبل أحزاب السلطة ورموزها الفاشلين والعملاء وان قدسية كربلاء تهتز عندما يكون ولاء بعض الأحزاب فيها للاجنبي وان هذه القدسية تهتز عندما ينشغل القائمون عليها بجمع المال واستشراء السلطة بينما يجوع أهلها وتملأ النفايات شوارعها ولايجد المريض فيها علاجاً وتمتهن كرامة مواطنها الفقير ويتم التمييز بين مواطنيها حسب انتماءاتهم وقراباتهم ومحسوبياتهم ويستشري فيها الفساد الإداري والسلطوي والحزبي والمذهبي والعشائري. ليس قدسية كربلاء بسبب موسيقى معبرة عزفت لدقائق في ملعب انشأ لامثال ذلك من أغراض ولكن قدسيتها يتم تدنيسها اذا أوكلت السلطة والمناصب الدينية والدنيوية لغير أهلها وتسنم الفاسدون هرم السلطة وبقي الفاشلون عند ذلك الهرم رغم تسببهم بمقتل الالاف وسرقاتهم المعروفة. قدسية كربلاء تستمد شرفها من مباديء جدنا الحسين بن علي (عليهما السلام) والذين ينتهكون حرمة مباديء الحسين معروفين لان افعالهم لاتتماشي مع تلك المباديء وان صرخوا بانهم معها او اصبحوا من أصحاب الملايين لانهم اعتاشوا بشكل او باخر على الحسين وهم يسيؤون اليه. ان قدسية كربلاء تهتز عندما تهدر كرامة انسان عراقي من قبل السلطة مهما كان مذهب او دين او انتماء هذا الانسان. وهي تهتز عندما يتم السكوت عن الحق وتسلب الحريات العامة وتنتهك الحقوق وتخرب البلاد وتستغل السلطة ويتم نشر الطائفية وتتقاسم الأحزاب السلطة من اجل المال والجاه. ان مباديء جدنا الحسين بن علي (عليهما السلام) تنتهك عندما يموت طفل بسبب الاسهال في البصرة من جراء شرب الماء الملوث وتنتهك عندما يهجر مواطن من بلدته في الموصل او الانبار او تكريت وتنتهك عندما تتسبب السلطة بتجهيل مواطن بمنع التعليم عنه وتنتهك عندما تنتشر في البد البطالة بين الشباب وأصحاب الشهادات وتنتهك عندما يعجز رئيس الوزراء الحالي ومن سبقه في وضع البلاد على الطريق الصحيح وتنتهك عندما لايستطيع هذا الرئيس من تشخيص ومحاسبة كبار السراق بل والسكوت عنهم خوفا او تماشيا او تدليساً. بل وتنتهك مباديء الحسين عندما يسكت الشعب ومن يعتبر نفسه ممثلاً له عن قول الحق والدفاع عن الشعب المظلوم.

من منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر!

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here