عاشوراء كوردي ذي ستة اصابع

عماد علي
رفع كف (ميرلي) الولد الاسمر الهادئ المغطى بالجص ليريه لصاحبه (شاولي) الجالس بجانبه .ونادى بصوت مرتفع على (فلامرز) حينها تأمل (ميرلي)كفه ذوي الاصابع السته والغافية في كف الخال (شامرتي)وبتعجب وذهول وهو يتطلع الكفوف التي كانت تقلب كفه المختلف .وهم يتفحصون اصبعه السادس بتعجب .وكأنه في صالة العمليات ينصت بصمت لذاك التشريح الدقيق لتلك الضاهرة الغربية .وبعد التدقيق انتصب الخال (شامرتي)واخذ موضع الحكيم .وكأنه احد ائمة الحسنينية وقد هيئ نفسه لالقاء خطبة يوم الجمعة .دون ادني شعور بأحساس (ميرلي) الصبي ذو الرابعة عشرة من العمر.

قال بنبرته المعهودة في الاستعلاء؛

اها ..اهاا..هل تعرف يا(فلامرز)لم يمتلك هذا الصبي ستة اصابع؟

رد (فلامرز)؛

-لا والله ليس لي علم.

فقال (شامرتي) وبجديه؛

-هذا الاصابع الستة هي نتيجة ما اقترفه والدي (ميرلي)فقد جامع والده امه في ليلة عاشوراء لذا كان الفعل المخالف قد انتج صبيا بستة اصابع لتبقى دليلا على فعلتهم الشائنة .

وذاك الحديث اوقظ (ميرلي) كضربة ناقوس في عمق مخيلتة المضطربة .

بدهشة قال فلامرز :لابد ان يكون هذا صحيحاً ,فهم من الطائفة الاخرى ولا يبالون بسوء التقدير ,فوالديه القذرين قد اقترفا هذا الجرم وافضى فحشهم عن هذا الصبي ذو الاصابع الستة .

بثقة كبيرة لاكتشافة المذهل في ايجاد تفسير دقيق لتلك الظاهرة قال (شامرتي) وبعصبية مؤكدة :

-ابن من هذا الصبي اخرسك الله يا (فلامرز)

قال (فلامرز):

-هذا المسكين ابن (سيفالي) واسمه (ميرلي) واطلق عليه الاطفال الحي (ميرالي ذو الستة اصابع).

بعد ذالك الابداع التشريحي والفكري والفلسفي التي اطلقها (شامرتي) وتحت رؤيته العظيمة في التحليل واكتشافه لنضرية الخلق والتكوين الجسدي للانسان! .استند(شامرتي) الى الحائط الطيني واخذ لفافة سكائره من الكيس المعلق الى خصرهِ .منشغلا بلف سكارة واخرج ولاعته المتهالكة بهدوء واشعل سكارته بطريقة فخمة .

وقال :بلهجة حكيم ,ومن يكون والد هذا الطفل المنكوب اي (سيفالي) تقصد؟

رد (فلامرز):

-كيف لا تعرفه ؟ (سيفالي الساكن بجوار بيت (التوينه) ,واردف في التوضيح (سيفالي)ذاك الرجل العتال الذي يركن بعربته امام حانوت (فرزالي)الاعرج قرب السوق (القيصرية)

هذا الصبي المسكين (ميرالي) كان للتو قد تفتق عقله لتلك العلاقات الجنسية بين الجنسين ومعرفة اسرار الحياة نظر الى الرجال الثلاثة بغضب ماحق ليس فكرا بل تملك كل كيانه واخذ جسده بالارتجاف خجلاً وهماً كالغشاوة طاف به .وهو يسأل الخال (شامرتي)بدهشة وذهول:

-مالذي قلته عن اصابعي الستة ومن مسببها ؟

-لا شيء يابني .الله لا يوفق والدك ويجعله كسيحاً لما اقترفه من قبيح الافعال .لا احياه الله هذا المجرم .اتمنى ان اراه كي اطمره تحت وحل (علي أوى)

ذاك الحديث الذي جرى منذ اعوام بين الخال (شامرتي) ورهطه والتهديد الذي وجهه لابيه قد بات صراعا مستمراً في عقله الذي اضيف الى تداعيات اختلاف مذهبه والحاجة التي تحيق بعائلته التي بالكاد تؤمّن قوت يومه وقد بات اصبعه السادس احدى جوانب ذاك الصراع المضني .ومن سوء حظ هذا الصبي انه ولد من مذهب لا يد له فيه .

وفي ذاك اليوم المشؤوم كان الصبي قد ذهب للعمل كأجير في عطلته الصيفية .ليعين نفسه بالحصول على اموال تساعده لاتمام فصله الدراسي القادم ,وطوال نهار العمل وحتى انقضائه لم تنقطع تلك الهواجس والاضطراب في تفكير الصبي والذي بات يؤرقه طوال السنين اللاحقة

وحاول في ان يتناسى تلك الفاجعة بالمطالعة ولعب كرة القدم ليستطيع ان يخمد تلك الهواجس المؤرقة لبعض الوقت لكن الافكار كانت تلاحقه بلا انقطاع .لكن الذي احيا تلك المواجع ان الكرة التي حاول صدها قد اصابت اصبعه السادس فكسرت لتعيد تلك المأسي الى واجهة حياته مرة اخرى .ولم يستطيع نزع هذا الهم المستدام الذي رافقه الى دراسته الجامعية .فأتخذ قرارا بأستاصال الاصبع السادس رغم انه قد سمع من احد نساء الحي ان بترها ربما يؤدي لموت (ميرالي) لكنه قرر مع نفسه التخلص منه يستحق المجازفة .فأنطواء (ميرلي) واخفاء ذاك الاصبع عن الطلاب كان يؤرقه وما ان تخلص منها حتى غمرته الانتشاء وازداد ثقةً بنفسهِ وشعر حينها ان احد الابواب المغلقة قد فتحت وتسربت الى نفسه مشاعر الألفة وان قبساً من النور قد اضاءت جانباً اخر من شخصيته.

ومنذ يوم تعليق الخال (شامرتي)على الاصابع الستة كانت الهواجس تدق كالاجراس من ذاك التعليق السخيف .من ان الجريمة الجنسية التي اقترفها والداه في ليلة عاشورا والتي قد تحقق منها ومحاولة فهمها بطريقته الخاصة قد جعلت من تلك الحادثة مرتكزا لكل تلك الاضطربات والعقد في مجرى حياته .

وقبل تلك الواقعة كان (ميرلي ) صاحب عقيدة راسخة فيما حقن من افكار دينية واجتماعية وكانت من بديهيات تلك المصداقية فيما يعتقد .

ولكن تغيرت كل تلك الافكارباتت من الماضي الذي لوثتها روية (شامرتي) في تحليله الغبي لمنشاء الاصابع الستة .ولكن وقبل مآثر( شامرتي) في اطلاق فهمه للموضوع ورغم شعور (ميرلي) بالنقص بين اقرانه لكن اعتقاده بان الاصبع السادس لا علاقة له باي خطيئة او ذنب لاحد بل صفة من صفات الخلق الطبيعية .

عند العودة من يوم عمل مضني منهك كعامل بناء والتي زاد من تعبه قهراً ما اطلقه الخال (شامرتي)عن تلك الخطيئة استند الى حائط الغرفة الطينية حال دخوله البيت .فاستقبته امه التي كان يحبها جدا ,فنظر في عينيها الزرقاويتين بعمق وفي سره بصق في عينيها وقال نفسه (ويحكم أَلم تجدو يوما اخر لاطلاق شبقكم ألا تلك الليلة المقدسة والتي اثمرت جرمكم عن تشوه في خليقيتي التي ترافقني وانا لا ذنب لي بها )

والتي لم اكن اعرف قبلا ان الاصابع الستة ليس ألا هفوة في الخلق ولا ذنب لاحدهم فيها .لكن (شامرتي)ايقض غول الجريمة بمخيلتي.

وحين افاق من تيه افكاره

قال ,موجها حديثه لها :

-اماه كم بقي ليوم عاشوراء؟

ردت :

-بني خذ قسطا من الراحة واستحم واحتسي شايك الذي اعددتها لك وبعدها نتحدث عن عاشواء وما يتوجب تحضيره لذاك اليوم .

واردفت بعد أن صوبت نظرها اليه ؛بني مالذي ذكرك بعاشوراء الان .

رد (ميرلي)ليس لشيء فقط اردت معرفة الوقت

قالت :بقي على عاشوراء عدة اشهر وانا اعرف انك تريد موعدها لتقضي انت واقرانك عشرة ايام من الخروج والتسكع ومعاكسة الفتياة فانتم لا تبالون بشهاد الامام الحسين قدر بحثكم عن تلك المتعة

رد (ميرلي) وهل نحن فقط من يتمتع بايام عاشوراء ؟ فتمتعكم بها يفوق مما نكون عليه في تلكم الايام .

ردت الام :كيف يا بني من اننا نتمتع بها اكثر منكم ؟ فليس لنا في العمر ألا التعب والهم .

فأردف (ميرلي) انت اعلم بما اقصد يا أماه .

ردت الام بدهشهة :اهاا مالذي تقصد يابني؟

اضاف (ميرلي) وبأبتسامة ساخرة :

اماه لِمَ لم تبترو لي الاصبع السادس منذ طفولتي ؟ لاقطعها الان واتخلص منها اليس ذاك افضل ؟

قالت الام بذهول لم تعهده من صبيها الذي تحبه :

ما بك يا بني انت تقفز من حديثك عن عاشوراء الى اصبعك السادس ,واضافت بني لقد خفنا عليك في طفولتك ان نبترها لانها احدى ايات الله في خلقه وراعنا من يصيبك بترها بسوء .

وفي خظم ذاك النقاش المبطن من (ميرلي )مع والدته ذاك الصبي المسكين والمستضعف بعشرات العقد والافكار السوداء التي تخيم على مخيلته الطفولية .همس في نفسه كم كنت اتمنا لو بتر ذاك الاصبع حتى وان ادى ذالك لفنائي .ومالذي كان سيحصل لو مت اثناء ذلك ,لا شيء لا شيء.

لكن بعض من الهمس الخفي قد وصل مشوشا الى سمع والدته فقالت بخوف: مالذي قلته يابني؟

رد (ميرلي)لاشيء لاشيء يا اماه .

اتعرف يابني عندما مرضت في طفولتك اخذناك الى طبيب اسمة خليل سخن او ساخن الفلسطيني وعندما اشتد عليك المرض نذر والدك ان يأخذك لزيارة الامام الحسين واخوه العباس كل عام حتى تكبر وتستطيع ان

تزورهما لوحدك .وعند عودتك من اول زيارة كانت خدودك قد توردة من جديد وعادت اليك العافية.

وبتنهد عميق قال (ميرلي):

اعلم يا أم كل عام يصطحبني ابي الى كربلاء ,وهل تعتقدون انتم ايضا يتلك العقائد ؟!!

ردت الام :

مالذي تقوله يا بني هل ترانا جاحدين لتلك العقائد؟

وبأستهزاء وبأبتسامة ماكرة رد (ميرلي):

يعني انكم تؤمنون بيوم عاشوراء امي الحبيبة .بضحكة ساخرة هههه.

ضحكت الام ببراءة وقالت :

مالذي تقصده ياولدي؟

رد (ميرلي):

هذا يعني ان لعاشوراء قدسية كبيرة لديك وابي .اراد (ميرلي)ان يفجر الموضوع ولكن اخفاه بشيء من المكر.

واضاف :وهل استوجب ان …في تلك الليلة .ابتلع (ميرلي)الكلمات دون ان يكملها .

وبدهشة قالت الام :

يستوجب ماذا يابني؟

رد (ميرلي) ان تحفظ قدسية تلك الليلة وتبقى طاهراً.

لم تدرك الام ما يذهب اليه (ميرلي)في حديثه ,قالت بصفاء سريرتها :

_مالذي تعنيه يابني,هل من المعقول ان تكون نجساً وموحلاً في تلك الليلة المباركة ….في النهار الاول لعاشوراء يمكن للناس ان يمرغوا انفسهم في الطين ويلطمون

رد (ميرلي):

-حسناً حسناً يا أم، فهمت.

عندما كانت الام قد قدمت قدحً من الشاي لولدها المتعب من العمل .خذ يا بني اشرب لتزيح عن كاهلك تعب اليوم …

اخذ (ميرلي )يرتشف الشاي والتعب كان قد اخذ منه مأخذا فاطبق جفونه ونام قبل ان يكمل ثمالة القدح .وهكذا بقي ذاك السر الذي ينخر في دواخلة دون ان يستطيع البوح به .واستمر في عمله ليجمع مصروف دراسته التي لم يتبقى على البدء بها الا قليلاً ,وهذا الهاجس المضني والمؤرق لم يبارح عقل (ميرلي)طوال الوقت .

وهو يواصل العمل لذاك الصيف .

وفي احد ايام الجمع وبعد حديث الخال (شامرتي )والعقدة التي خلفها ذاك الربط بين عاشوراء والاصبع السادس قرر (ميرلي)وصاحبه (شيرلي) زيارة جارهم (سيرزي)ذاك الرجل المرح ذو الهيئة المحببة والذي كانت عمامته السوداء تضفي عليه الهيبة رغم كل مرحه وخفة ظله .لقضاء بعض الوقت بصحبة ذاك الرجل والاستعلام عن بعض الاسئلة التي كانت بحاجة للاستفهام عنها .ومن مواصفات (سيرزي)بالاضافة الى انه رجل دين ويعتمر عمامة السادة فقد كان مشغولاً باستمرا بمطالعة الكتب الدينية والتي كان قد عود ابنه (ابراهيم)على دراستها .فقد كان الرجل يحفظ العشرات من اشعار حافظ الشيرازي والفردوسي والحكم الكوردية والفارسية والتي غالباً ما كان يقراها فيضفي ذاك الروح المتنورة على مجلسة روح المرح والدعابة وجمال الشعر وسلامة القائها ممزوجاً بتعاليم الدين .ولم يكن (سيرزي)يتأخر عن المحبين الذين يلجئون له للتواصل مع حبيباتهم فقد كان رجلاً يخوض غمار كل العلاقات الانسانية والثقافية

والدينية .رغم ان حالته المادية كانت رثة ومقترة .لكن ذاك لم يدفعه لاخذ اي اموال مقابل عمله فقد كان نزيها ورعاً محباً .وبالقرب من دار (سيرزي)وعلى بعد حوالي 50 متراً كان يسكن (أليوي)المدعي انه رجل دين لكنه كان نصف متعلم ولا يرقى الى ان يكون قد اطلع على بعض الكتب وحفظ بعض الايات .ويحاول منافسة (سيرزي)رغم ان صفاته كانت مختلفة كلياً عن طبيعة واخلاق (سيرزي)والذي كان محبوباً من الجميع .

وقد مارس (أليوي) الدجل والشعوذه من خلال السحر والجادو وكتابة الادعية للمرضى الذين غالباً ما يتعرضون للاحتيال من خلال طلباته التي كانت عبارة عن البيض والدجاج والماعز فقد كان يطلب من رواده ان يدفنوا البيض في المقبرة عند قبر فلان ومن جهة القدم للقبر في الساعة المحددة من قبله وحين انصراف الشخص كان (أليوي)قريبا ليستخرجها من الحفرة ويتلذذ بطهيها .او ان يريد دجاجة سوداء ذو افخاذ ممتلئة ليشفي مريضً .وحين يكون في حضرته مريضاً منهكاً يطلب ماعزاً على ان لا يكون هرماً وخالياً من الامراض ليعزم على لحم وعظام تلك المعزة وهو ينهشها في غدائه .اما للمراهقين من الجنسين فقد عمد ان يكتب اوراقاً مثلثة او مربعة ويغلفها بخرقة خضراء ويعمل هو على ان يلتقي العشاق من خلال الايحاء للطرفين بذاك وغالباً ما تكون اللقاءات في منزله الذي بات وكراً لها ومقابل ذاك كان يقبض من الطرفين .فهذا المدعي كان في بحبوحة من العيش بفضل سذاجة الاخرين وسعة حيلته .

وفي الوقت المحدد من يوم الجمعة ذهب الصديقان لزيارة (سيرزي)في منزله الذي كان لا يخلو من محبيه .ودار حديث شيق عن الشعر والحكم واقوال الامام علي .واحتدم النقاش والاسئلة التي يشغل بال الشباب عن الخلق والكرامات عن الشعر والحوادث التي قيلت فيها، عن الجيران والساكنين فيها عن الفتياة الجميلات في الحي ولم يكن (سيرزي)يتجاهل ادغام العشق والغراميات التي تدور رحاها بين شبان وفتياة الحي ليضفي على الجلسة نشوة التواصل وليبث في روح الشباب الرغبة في معاودة زيارته بلا انقطاع، وفي خضم ذلك الحديث الشيق دخل الى مضاف

(سيرزي) جاره القديم الذي جاء للتو من بغداد لزيارة اهله واقاربه مهللاً لرؤية (سيرزي) والغبطة على محياه .

قال (سيرزي) مرحبا بجاره القديم المحبب لقلبه:

جاري العزير ممو (هير) كم كنت مشتاق لرؤيتك .

وبعد مراسيم الترحيب عاد الحديث اكثر حرارة من ذي قبل.

قال (سيرزي)موجهاً حديثة لممو (هير) :

-هل تذكر جارنا (هميد و هواس) جيراننا الذي كان (هياس) يرعاهم.

-كيف لا اذكرهم ياعم موجها كلامه ل (سيرزي)

تأوه (سيرزي)وشهق بحسرة بعد صمت موقر ادار وجهه صوب (شيرلي ) و (ميرلي)وقال:

أتعرفون بأي مرض مات (هياس)؟ انه قضى بالمرض الخبيث .واردف قائلاً كل تلك الحسنات والانسانية لم تشفع له عند الله ولم يأخذه الله بعين العطف!!

بعديث الحديث اللطيف والشيق اخذ (ميرلي)يروي ما جرى له عندما اطلعه الخال (شامرتي)عن اصبعة السادس وربطه بعاشوراء وقص قصتة البائسة بما جرى وبالتفصيل للعم (سيرزي) وعندما استمع (سيرزي)لتلك القصة تنهد وقال:

-تفسير ذاك الرجل لاصبعك حماقة رجل خرف ولا تأخذ كلامه على محمل المعرفة وكأنه قد اكل غائطه .

وبدهشة مفرحة قال (ميرلي):

-مالذي قلت ياعم ؟هل تصدقني القول؟

رد (سيرزي)بود وحنان ابوي:

-ياولدي الامام الحسين ليس ظالماً للينغص على محبيه فرحتهم وليجعل من نشوتهم تشويها والماً ,ان الله لا يفسد فرحة محبيه .

رد (ميرلي) :

-وما سبب ذاك الاصبع المارق النابت في غير موضعه .

رد (سيرزي)يا بني ايً كان فالامام الحسين لا يتمنى لمحبيه شيئاً مؤذياً ولا الله .وهذا الذي تدعيه انه شيء نافر .فانه من صنع الله ولان الله يحبك فقد اضاف اليك شيئاً كمعجزة في خلقة .ليريه عباده انه قادر على كل شيء .وان كان الاصبع المارق يزعجك بامكانك ان تبتره ولن يصيبك اي مكروه .

قال (ميرلي)بتعجب :

-حقاً سوف لن يحصل اي مكروه لي ؟

-نعم بحق مولانا لن يحصل ما يضيرك .قالها (سيرزي) بثقة

وبعد عودة (ميرلي)الى البيت اخذ يحلل كلام (سيرزي)متعمقاً في تفسيره وايقن ان هذا المعمم ربما يفكر بطريقة حضارية وعلمانية اكثر من المتنورين العلمانيين .وهذا ما ادخل في قلبة فرحة لا تسعها السماء، لقد تخلص من وهم الخال (شامرتي) ذاك الخرف الجاهل .

وتلك الليلة بقيت معلقة في ذاكرتي التي لا زالت تحتفظ بتفاصيلها من المرح وحديث العشق والهزل واشعار الخيام التي كان (سيرزي)يليقها على مسامعنا بلذة وحميمية والتي كانت تجتذب الكثير من شباب الحي للمواضبة على زيارة داره .ولكن لا بد لي من اذكر ان (سيرزي) كان يتجنب دوما الحديث عن اصوله ومن اي بلاد هو او لأي ملة ينتمي .واغلب اهل الحي كانو يومئون من ان اصله فارسي فقد كان يتقن الفارسية بفصاحة .وفي احد الصباحات كانت الجيش الحكومي يطوق منزل (سيرزي)واعتقلو مع اسرته ويقال قد هجروا الى ايران وتلك الحادثة اضافت هما جديدا على هموم (ميرلي) الذي كان يستأنس بزيارته ويشعر بالراحة لذاك الرجل المعطاء والمزيح لهمومه التي كانت تؤرقه .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here