أطفال سورية.. مقتلة أسدية وسط عجز المنظومة الدولية

أكدت منظمة الأمم المتحدة للرعاية والطفولة (يونيسيف) أن “الأطفال في سورية يُقتلون كل يوم دون وجود من يوقف هذا القتل للطفولة”. ويقول المدير الإقليمي للمنظمة خيرت كابالاري إنهم “تحققوا من مقتل 140 طفلًا في سورية منذ بداية العام”، معبرًا عن الصدمة من الأخبار التي تتحدث عن مقتل الأطفال في إدلب.

وأضاف: “لقد دفع هؤلاء الأطفال الثمن الأعلى والأكبر”، منبهًا إلى أنه قد تم قتل المزيد من الأطفال، من جراء ما يجري في محافظة إدلب. وحذّر المسؤول الأممي من أن الأرقام تتصاعد بسرعة كبيرة. وأشار إلى أن “ربع المدارس في سورية لا يمكن استخدامها بسبب الحرب”، لافتًا إلى أن “عام 2018 شهد وقوع أكبر عدد من الهجمات على المرافق التعليمية وعلى الطواقم التعليمية للأطفال، منذ عام 2011”.

علاء ظاظا، رئيس مجلس إدارة منظمة (حراس الطفولة)، قال لـ (جيرون): إن دور منظمات المجتمع الأساسي هو صناعة الرأي، وإيصال صوت المجموعات المتأثرة، ويجب أن تستمر الجهود لإيصال صوتهم والدفع باتجاه وقف استهداف المدنيين، والمساءلة على جرائم الحرب التي ارتكبت، وما زالت ترتكب بشكل منهجي يهدف إلى تهجير المدنيين الآمنين لتمرير الأهداف السياسية والعسكرية”.

وأضاف: “يجب أن تكون المدارس، كما باقي الأماكن المدنية، ملاذًا آمنًا للمدنيين، وبخاصة الأطفال، ولكن ما يحدث هو العكس تمامًا. قمنا بتوثيق 61 حالة قتل للأطفال تسبب بها القصف، ومنها 11 طفلًا قُتلوا في المدرسة، 25 في بيوتهم، 10 في السوق، اثنان في مخيم نزوح مؤقت، وطفل في مشفى، وآخر نتيجة انفجار قذيفة من مخلفات القصف الجوي، وغيرهم في أماكن متفرقة محمية بموجب القوانين الدولية، وهذا يعطي تصورًا واضحًا أنه لا يوجد مكان آمن للأطفال في شمال سورية اليوم، على الإطلاق”.

وأكد أن “لا مجال لليأس في عملنا، ومهما كان أثر ما نقوم به فإنه يجب أن يستمر، وتتضاعف الجهود لتشكيل ضغط على حلفاء النظام، وتجريمهم، ورفع التكلفة على تكرار الهجمات، خاصة الاستهداف الممنهج للمدارس. والتنسيق مع باقي القطاعات خاصة الصحة وغيرها سيضاعف من أثر جهود المناصرة، بالتزامن مع الجهود الميدانية الرامية إلى زيادة معايير الأمان ووسائل الاستجابة الطارئة للتعامل مع الأحداث اليومية، والأخذ بأسباب الأمن والسلامة”.

وتابع: “من جهة أخرى، من الملفت اهتمام المجتمع السوري بالتعليم والدور الكبير الذي يلعبه في زيادة مرونة الأطفال، وقدرتهم على التكيّف، وإعطائهم معنًى ومسارًا للمستقبل. يجب أن تستمر الجهود لتوفير استجابة تتضمن حماية الطفل والتعليم في حالة الطوارئ للأطفال، واعتبار التعليم استجابة أساسية للتصعيد الذي يحدث. قد يدفعنا التركيز على النتائج كوقف استهداف المدارس إلى الإحباط من عجز المنظومة الدولية عن إلزام النظام وحلفائه بالقوانين والمواثيق الدولية”.

بدوره، قال هيثم عثمان، المختص في مجال حماية الطفل، ومؤسس شريك في منظمة (أطفال عالم واحد) إن “من المنطقي أن أولئك الذين يتناوبون على قتل الشعب السوري، على مدى أكثر من ثماني سنوات، هم بالمقام الأول المسؤولون والمطالَبون بإيقاف الجرائم، التي ترتكب يوميًا على مرأى ومسمع الجميع، بحق المدنيين والمستضعفين من النساء والأطفال”.

وأضاف في حديث إلى (جيرون): “عندما يبلغ الإجرام مبلغه، بتعمد استهداف الأطفال في المدارس والمشافي والمناطق السكنية، يكون لزامًا أن تكون هناك آليات توثيق ومحاسبة، وتدخل فاعل لإنقاذ المستضعفين والأبرياء وأولهم الأطفال”، معقبًا: “مع الأسف، لم تستطع الأمم بمجلسها ولا منظماتها ولجانها أن تمنع هذا النهج الوحشي من انتهاك معاهدات حقوق الطفل، ومعاهدات وقوانين حقوق الإنسان الدولية”.

وتابع: “لذلك نعتقد بأن الوقت قد حان لعمل مراجعة حقيقية لطبيعة هذه الأجسام المعنية بضمان حق الإنسان بحياة حرة وكريمة، وأصبح من المهم مساءلة هذه المنظومات الأممية والدولية عن كفاءة وفاعلية هياكلها وأنظمتها ومناهج عملها.” وأضاف عثمان: “يمكننا أن نميز هنا بين المنظمات واللجان الأممية والدولية، بحسب طبيعة عملها، حيث إننا نرى بعضها مختصًا بشكل أساسي في تقديم المساعدة والاستجابة الطارئة، وأخرى معنية بتوثيق الانتهاك ومناصرة حقوق الطفل/ الإنسان”.

وعدّ أن “المنظمات الإنسانية المعنية بالطفل والطفولة وأهمها -على سبيل المثال وليس الحصر- (يونيسف) كمنظمة أممية، و(أنقذوا الأطفال) كمنظمة دولية، ما زالت منذ اللحظات الأولى تقدم الاستجابة الإنسانية الطارئة (للأطفال بشكل خاص).. لكننا لم نستطع أن نلتمس لها دورًا حقيقيًا وبارزًا، في مناهضة ما يقع على الأطفال من انتهاكات سوى مجموعة من الرسائل التي تتسم بغالبها بالدبلوماسية، وتتحاشى أن يكون لها أي موقف عملي قوي ومؤثر، بدعوى ما يحكمها من المبادئ الإنسانية كالحيادية، عدم الانحياز، والاستقلالية”.

ورأى أن منظمات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة أو مجلس الأمن بشكل مباشر، أو التابعة لمجلس حقوق الإنسان، تبقى “قاصرة وعديمة الفائدة أمام فيتو واحد في مجلس الأمن، يفسح المجال لمزيد من الانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية وضد الأطفال في سورية”.

كما قالت الإعلامية السورية فرح عمورة، وهي إحدى العاملات في منظمة سورية إنسانية معنية بالأطفال، لـ (جيرون) “عادة ما تعبّر الأمم المتحدة عن قلقها إزاء أعمال العنف في سورية، وينتهي دورها عند رفع هذه التقارير الإحصائية إلى مجلس الأمن. لكن تقصير المنظمات الإنسانية المعنية بحماية الطفل (التي صرحت بالتزامها في أعلى مستويات الحماية للأطفال الذين يتم التعامل معهم ) يحيلنا إلى ضرورة مطالبتها الدائمة ورفع الصوت، لإنقاذ الأطفال في سورية، والتوضيح للعالم أجمع، لينتفضوا ضد جرائم الإنسانية غير المسؤولة ضد أطفال سورية الذين باتوا يحتاجون إلى الأمان قبل الطعام”.

حسناء الحاج، الناشطة السورية والعاملة في إحدى الهيئات المعنية بالمرأة والطفولة، قالت في حديث إلى (جيرون) إن إيقاف قتل الأطفال “يتم عند محاسبة القاتل”، وعدّت أن “القاتل سيستمر في قتله ويتمادى، حين يأمن المحاسبة والعقاب، وقد كشف دور المنظمات الإنسانية الحقائق، والجرائم، وفضح أفعالهم أمام جمعيات حقوق الإنسان الدولية”، ولكن حتى الآن ما يزال مسلسل الجرائم مستمرًا.
عن موقع جيرون

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here