شرق الفرات بين التصريحات وواقع الحال.. مآلات التدخل التركي المرتقب

ما إن بدأت منظومة الدفاع الجوي الروسية “إس 400” بالوصول إلى تركيا ضاربة عرض الحائط التهديد والوعيد الأمريكي ومن وراءه حلف الناتو، حتى ظهرت قضية جديدة قديمة، وهي إعلان تركيا عن إرسال تعزيزات عسكرية إلى الحدود مع سوريا وتحديداً منطقة “أقجة قلعة” والتي يقابلها داخل سوريا بلدة تل أبيض بريف الرقة أحد معاقل إرهابيي تنظيم ال “بي كا كا”، والهدف كالعادة بدء عملية عسكرية شرقي الفرات بهدف القضاء على التنظيمات الإرهابية هناك.

وبحسب وكالة أنباء الأناضول فقد نشر الجيش التركي عشرات الدبابات في تلك المنطقة، كما وصلت قافلة مكونة من 15 شاحنة إلى قضاء جيلان بينار المحاذي للحدود مع سوريا، ضمت دبابات ومدافع وذخائر وغيرها. حيث جاءت هذه التعزيزات بعد إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عن “خطوات مرتقبة في منطقتي تل أبيض وتل رفعت شمال سوريا بهدف تحويل ما يسمى بـالحزام الإرهابي إلى منطقة آمنة”.

كما أشار الرئيس التركي خلال اجتماع ضمه مع رؤساء تحرير مؤسسات إعلامية تركية إلى أن بلاده “تستعد لتحضيرات سيتم تنفيذها في تل أبيض وتل رفعت”، وقال إنه نقل الموضوع إلى زعماء روسيا والولايات المتحدة وألمانيا خلال مباحثاته معهم مؤخرًا، مضيفاً “هدفنا الحالي هو تطهير تلك المنطقة من الإرهاب بأسرع وقت من أجل تسليمها لأصحابها”.

على الجانب المقابل، ردت ميليشيا قوات سوريا الديمقراطية المعروفة بـ “قسد” بحشود مماثلة، حيث أفادت مواقع محلية عن استقدامها عشرات العناصر من بقية مناطق الرقة ودير الزور، وبدأت التجهيز لهذه العملية العسكرية في حال بدأت.

رسالة بوست كانت قد استطلعت آراء مجموعة من العسكريين والإعلاميين والأخصائيين للوقوف على تبعات الموقف التركي الحالي ومآلاته وتداعياته على مختلف الأصعدة.

فقد قال العقيد رياض الأسعد لرسالة بوست حول التطورات الأخيرة، ” الحديث عن عملية عسكرية شرق الفرات واقامة منطقة عازلة ليست وليدة اللحظة وانما هي قديمة جديدة ولكن هذه الايام زاد الكلام عنها وإن هناك إجراءات عسكرية تمت على حدود تل ابيض من زيادة للحشود العسكرية وإزالة جزء من الجدار الإسمنتي والشائك على المعبر لتل ابيض وأعتقد هذا يأتي في وقت التجاذبات الداخلية الخارجية وخاصة بعد إتمام صفقة الصواريخ الروسية الاس ٤٠٠ وعدم الرضا الأمريكي والغربي عن ذلك باعتبار تركيا جزء أساسي من الناتو”.

كما أضاف الأسعد “وفي حال حدوث العملية العسكرية سيكون لها مآلات كثيرة على كافة الصعد فعلى صعيد الداخل التركي سيكون لها ارتدادات في الداخل على المستوى الاقتصادي والسياسي واعتقد سيؤدي ذلك الى رفع أصوات المعارضين لحزب العدالة وخاصة إذا أقدمت أمريكا على فرض بعض العقوبات الاقتصادية على تركيا وممكن أن يتم المطالبة بإجراء انتخابات مبكرة لإرباك المشهد السياسي ومحاولة إسقاط حزب العدالة.”

وأشار العقيد رياض الأسعد أيضاً “أما على صعيد الثورة السورية فسيكون لها تأثير كبير من انعكاسها على العملية السياسية وتحجيم نفوذ ال ب ك ك في المنطقة الشرقية والقضاء على المشروع الانفصالي ومنع التغيير الديموغرافي في المنطقة الشرقية وخاصة إذا تمت العملية بتوافق أمريكي وهذا يعني انتهى دور ال ب ي د ومشروعه.”

أما العقيد فايز الأسمر فقد أجاب رسالة بوست حول رأيه بالموقف التركي الحالي، “التهديدات التركية بعمل عسكري شرق الفرات ضد قطعان قسد الارهابية المحمية أمريكيا هي قديمة جديدة ومتكررة وهي أتصور عسكرياً وحسب قراءة الموقف والمعطيات السياسية والميدانية لشرق الفرات وتواجد القواعد ونقاط المراقبة الأمريكية فيه ليست أكثر من تهديدات للاستهلاك الإعلامي وخلط الأوراق.”

كما أضاف الأسمر أن “التصعيد التركي للمواقف لإجبار واشنطن فتح بازار سياسي والحصول على مكاسب وتنازلات سياسية من الإدارة الأمريكية خاصة في هذا الوقت الحرج وبعد تهديد واشنطن تركيا بحزمة قريبة من العقوبات الاقتصادية وعلى دفعات إثر مضي تركيا لإتمامها استلام منظومة s400 الروسية ونشرها على اراضيها وضربها بعرض الحائط تهديدات الناتو وواشنطن.”

من ناحيته قال الإعلامي السوري أحمد كامل لرسالة بوست: “نحن ننتظر هذه العملية منذ وقت طويل بفارغ الصبر، وما زلنا غير متأكدين من أنها سوف تحصل، لأن من يعادي هذه العملية أطراف كثيرة، الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا و الـ PKK ومشتقاته وروسيا والنظام السوري وإيران وإسرائيل والأنظمة العربية المعادية لثورات الربيع العربي، كل هؤلاء ضد العملية العسكرية شرق الفرات.”

وحول رأيه بنتائج هكذا عملية في حال تمت قال كامل:

” أولاً- ستزداد المساحة الخضراء الحرة التي نعيش فيها بحرية.

ثانياً- ستتقلص الأفعى الصفراء والمناطق التي يسيطر عليها تنظيم PKK الإرهابي التركي وفروعه السورية، والذين كانوا على وشك يخنقوا سورية كلها، قبل أن تحصل عملية “درع الفرات” ثم عملية “عفرين”. مضيفاً أن “هذه العملية هي المرحلة الثالثة بعد “درع الفرات” وبعد “عفرين” للقضاء على الأفعى الصفراء والكيان التوسعي الذي أنشأه تنظيم الـ PKK الإرهابي التركي.”

وفي جوابه عن تأثيرات ومآلات هذه العملية على الثورة السورية أجاب أحمد كامل “فستزداد مساحة المنطقة الحرة، وسيزداد ضعف النظام وضعف تنظيم الـ PKK وفروعه السورية.” وأضاف “على المستوى الإقليمي سيزداد حضور الشعب السوري والجيش السوري الحر مع الجيش التركي وتركيا، مقابل حشد الأشرار الأعداء الهمج وهم الروس والإيرانيين وحزب الله والـ PKK والنظام السوري وحتى الوجود الأمريكي والبريطاني والفرنسي في تلك المنطقة، وهذا كله خير للشعب السوري والثورة السورية.”

كما سألت رسالة بوست المحلل السياسي عادل حنيف داوود عن رأيه بخصوص هذه المعركة المرتقبة فأجاب، “لن تحدث دون تفاهمات دولية وخاصة مع الوﻻيات المتحدة الأمريكية وروسيا سينتقدانها علنا ويؤيدانها سرا؛ ويبدو بأن ورقة قسد انتهت؛ وتركيا وأمريكا وروسيا لهم مصالح مشتركة مهما بدا للعلن بأنهم مختلفين لكنهم قطعا في السر متفقين؛ و سوريا التي كنا نعرفها قبل آذار 2011م أصبحت من الماضي من التاريخ.”

تحقيقات

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here