سوريا و اليمن الطريق المشترك نحو السلام

على الرغم من البعد الجغرافي بين البلدين سوريا و اليمن الا ان مصير الحرب الأهلية في كلا البلدين يبدو مشتركآ و الترابط بين التصعيد العسكري في اليمن يقابله تصعيد في سوريا و العكس يكون صحيحآ ايضآ و حين تستعمل الجماعات المعارضة اسلحة متطورة او اشد فتكآ في سوريا يكون الحوثيون في اليمن قد استخدموا هم ايضآ اسلحة اكثر تقدمآ و تدميرآ في مواجهة القوات الحكومية و حلفائها الخليجيين فالصراع السعودي – الأيراني يتخذ من الساحتين السورية و اليمنية ميدانآ لتصفية الحسابات الأكثر وضوحآ و ان كانت هناك ميادين و ساحات اخرى تتخذها دولآ اقليمية في مواجهة اعدائها بعيدآ عن شعوبها و اراضيها .

اذا كانت الحرب في اليمن كتلك التي تدور في سوريا و بحكم التدخل الأيراني و السعودي في هاتين الحربين فأن تأزمت العلاقة بين طهران و الرياض اكثر استعرت الحرب في ذلك البلدين اكثر و ان هدأت الأمور بينهما و لو قليلآ كانت جبهات القتال في سوريا و اليمن هي الأخرى اكثر هدوءآ و ان كان قليلآ و اذا كان هناك من ارتباط وثيق بين الحرب في سوريا و كذلك تلك التي في اليمن فأن فرص السلام هي الأخرى في هذين البلدين متشابكة و مترابطة فأن الحل في البلدين سوف يكون على طاولة واحدة و ضمن اطار واحد .

بعد الهزيمة العسكرية التي منيت بها الفصائل المسلحة المناوئة للحكومة السورية و الذي كان بمثابة اندحار للمشروع الخليجي في اسقاط الحكم السوري و الذي كانت كل من السعودية و قطر رأس الحربة في ذلك المشروع و كان انكفاء الفصائل المسلحة و التي تمول و تجهز من تلك الدولتين كان بمثابة النهاية الحزينة للحلم الخليجي في اسقاط الحكم السوري في حين كانت ايران قد رسخت وجودها في اليمن اكثر من خلال دعم التمرد الحوثي و الذي يحقق المزيد من التقدم على الصعيد الحربي و في مختلف الجبهات و بالأخص في المواجهة مع القوات السعودية التي منيت في الأيام الأخيرة بالمزيد من الخسائر .

لم يتبق للدول الخليجية في سوريا سوى تنظيم القاعدة ( جبهة النصرة او جبهة تحرير الشام ) و الذي تعول عليه تلك الدول في الضغط على الحكومة السورية و حلفائها و بالأخص الأيرانيين و على الرغم من العلاقة الحذرة بين السعودية و قطر من جهة و بين تنظيم القاعدة من جهة اخرى كونه تنظيمآ ارهابيآ لا يجوز التعامل معه عدا عن دعمه و تمويله الا ان تلك الدولتين لم تجدا غير هذا التنظيم المتواجد و بقوة على الأرض السورية ما يحقق و بالأخص للسعودية التخفيف من الورطة التي وقعت فيها حين هاجمت اليمن عسكريآ و التي كانت تتوقع ان لا تطول الحرب كثيرآ هناك فأذا بالقوات السعودية تغوص اكثر في الرمال اليمنية المتحركة و تستنجد و تستغيث للخروج من هذا المأزق المهين و المميت .

عندما تنتهي الحرب في سوريا و يتوقف هدير المدافع فيها سوف تتوقف الحرب في اليمن و تضع اوزارها هي ايضآ فالتسويات السلمية قادمة لا محالة خاصة مع استحالة الحسم العسكري لأن وجود ( القاعدة ) في الشمال السوري و بالتحديد في محافظة ادلب هو أمر مقلق للحكومة السورية التي تريد بسط سيادتها على كامل الأراضي السورية و هي مشكلة للحكومة التركية و التي عليها التواصل و بشكل مباشر مع تنظيم ارهابي يمنع التعامل معه وكذلك الأمر ذاته في اليمن فالسعودية سوف تجد نفسها مجبرة على التفاوض مع الحوثيين و الذين هم بدورهم مصنفين ايضآ ضمن التنظيمات الأرهابية و للخروج من المأزق اليمني فلا مناص من التفاوض مع الأرهابيين سواء كانوا في سوريا او في اليمن و عندها سوف توقف السعودية حربها على اليمن في اطار تسوية سلمية تشارك فيها كل الأطراف اليمنية المتصارعة في مقابل سحب ايران لقواتها المتواجدة في سوريا في اطار تسوية سلمية للأزمة السورية تشارك فيها معظم فصائل المعارضة المسلحة و تعود الأمور الى نقطة البداية و كأن شيئآ لم يكن سوى الالاف من القتلى و ما يفوقهم من الجرحى و المعوقين و خراب البنى الفوقية و التحتية للبلدين المنكوبين في تصفية حساب غير مقدس و غير شريف دفع ثمنه الباهض الشعبين السوري و اليمني .

حيدر الصراف

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here