القوة المعاصرة علمية لا دينية!!

الأديان قٍوى تراجعية , بمعنى أنها تؤدي إلى تدحرجات ورائية وإبتعاد شاسع عن ركب الحاضر والمستقبل , فهي ذات زخم إرتجاعي متواصل الإنحدار إلى أسفل سافلين , بينما الدنيا تتسلق سفوح الأنوار المعرفية وتجني ثمار الإنجازات العلمية المتواكبة كالتيار.

ذلك أن الأديان ذات طبائع عقائدية منغلقة , وتميل إلى التعبير الأصولي والتخندق في دوغماتياتها الإنفرادية الإنغلاقية القاهرة لإرادة التفاعل والتحمل والإنفتاح.

وبما أنها عقائدية , فأنها ستعزز أوهامها بتكرارية متوارثة ومتراكمة عبر الأجيال , مما يجعلها ذات أتراس فولاذية وقدرات تنافرية هائلة تدفعها للتصادم الفتاك مع غيرها.

ولا يوجد في تأريخ البشرية نظام عقائدي إستطاع أن يتواصل في قيادة المجتمعات ويبني حياتها المتلائمة مع عصرها , بل أنها أحزاب وأديان وفرق وجماعات , تمكنت فدمرت وخربت وسفكت دماءً وجرّمت وكفّرت وأمعنت ببناء السجون والمعتقلات وأقبية التعذيب البشري والبلاء, وإستنفدت قدراتها السلبية فانكمشت وتهالكت.

وقد تعلمت البشرية من تجاربها المريرة الوحشية القاسية , أن عليها أن لا تشركها بإدارة شؤون الحياة , لأنها في جوهرها ضد الحياة ومن أشد الدعاة للموت وفقا لمنظورها العقائدي الفتاك.

ولهذا إتخذت من العلم منهجا لصناعة القوة والنماء وتحقيق السعادة البشرية الصالحة لإستيعاب تطلعات الأجيال , فأصبحت العلوم بفروعها ومنطلقاتها هي البوصلة المنيرة لدروب المسيرة , فتحرر العقل من أسر الأوهام , وأخذت التجربة دورها والأدلة قيمتها , وإبتدأت الحياة التي نعيش مبتدءات توثبها نحو آفاق علمية ومعرفية وإدراكية غير مسبوقة.

وتمكنت وتطورت المجتمعات التي تعز العلم وتساند العلماء , وتتخذ من التفكير العلمي سبيلا للتقدم والرقاء , وإندحرت المجتمعات المكبلة بالعقائد الدينية المانعة لفعل العقل وللسؤال والبحث عن الإنجاز والإقتدار.

ذلك أن الأديان بمفهومها التجاري والإستثماري تحث على التبعية الخنوع والإستسلام , وتجرد البشر من المسؤولية والحرية , وتجعله يتيقن بأنه رقم من الأرقام , وعليه أن يكون رهينة عند ألف دجال ودجال.

ومن هنا فأن المجتمعات التي يقبض على مصيرها ما يسمى بالأحزاب الدينية المعممة بالفساد , ستمضي متدحرجة إلى الوراء , وسينتفي فيها العلم ويُحتَقر العلماء , وستمعن بتأخرها وبلائها والدنيا من حولها تتقدم بإضطراد منقطع النظير , وهذا سيؤدي إلى صراعات داخلية مروعة مع توارد الأجيال المنورة بإرادة الحياة , التي تكشفها لها وسائل التواصل السريعة مع البشرية المتنعمة بالعلم والأمل , والتقدم العلمي والرقاء المدني المعاصر المشعشع الأضواء.

فهل سنعي أن الحياة العزيزة في العلم والتفكير العلمي , وأن الموت يتوطن جُبَبَ الأدعياء؟!!

د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here