الفرق بين البروتستانت والإنجيليين

Attachment thumbnail

إيهاب مقبل

 

هناك خلط واضح لدى الكثير من الناس بين البروتستانت والإنجيليين، وقدْ لفت انتباهي إتهام البعض لزعيم الإصلاح البروتستانتي مارتن لوثر بإنه زجَ العقيدة اليهودية داخل العقيدة المسيحية، وإنه كان يعمل ضد الكنيسة الكاثوليكية بالتنسيق مع اليهودِ.

 

والحقيقة أن مارتن لوثر نفسه مُتهم بـ«معاداة السامية»، حيث كتبَ أكثر من ستين ألف مقالة ضد اليهود. يقول لوثر في كتابه «عن اليهود وأكاذيبهم»، والصادر سنة 1543م، أن «اليهود لم يعودوا شعب الله المختار، وإنما أناس الشيطان»، ودعا لإحراق الكنس اليهودية، وتدمير منازلهم، ومنع الحاخامات من الوعظ، والاستيلاء على أملاكهم، ووصفهم بأنهم «الديدان السامة التي يجب أن تعمل أو تطرد إلى الأبد»، وبين أنه «من الخطأ عدم قتلهم». ولذلك، ينبغي التفريق بين البروتستانت والإنجيليين بدقةٍ، لكي تكون جذور المشكلة واضحةً للعيان.

 

في القرن السادس عشر الميلادي، وتحديدًا في عام 1517م، ظهرت أطروحة الراهب الألماني مارتن لوثر إلى العلن في انتقاد الكنيسة الكاثوليكية، وقدْ شرحها في 95 بند، فكانت تلك نقطة انطلاق الإصلاح البروتستانتي في أوروبا. ومن أبرز النقاط التي هاجمها المصلحون البروتستانت في الكنيسة الكاثوليكية هي: «صكوك الغفران، والمطهر، والدينونة، وشراكة مريم في الخلاص، وشفاعة القديسين، ومعظم الأسرار الكنسية، وسلطة البابا». ولذلك، يمكن القول أن البروتستانتية مصطلح عام يغطي بعض الطوائف المسيحية المنفصلة عن الكنيستين الكاثوليكية والأرثوذوكسية، وتشمل اللوثرية والميثودية والأنجليكانية والمعمدانية والمشيخية والسبتية والخمسينية وهلم جرا، والرافضين لبابا الفاتيكان رئيسيًا للكنيسة.

 

إما الإنجيلية أو البروتستانتية الإنجيلية، فهي حركة حديثة داخل البروتستانتية نفسها، وقدْ نشأت في القرن الثامن عشر الميلادي، ولكنها اكتسبت اهتمامًا وطنيًا من القرن العشرين فصاعدًا بسبب ارتباطها بالمسيحية الأصولية في بريطانيا وأمريكا الشمالية. ويؤمن الإنجيليون عادةً بتطرف «الكتاب المقدس»، وضرورة استخدامه في الحياةِ اليومية كأعلى سلطة للخلاص. وهذه هي النقطة المحورية للتمييز بين البروتستانت والإنجيليين، إذ لدى البروتستانتية التزامًا واضحًا بـ«الحرية» على الرغم من إيمانها بـ«الكتاب المقدس» كوسيلة للخلاص، كما لديها التزامًا واضحًا بالفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وكذلك فصل كنيسة الدولة، وتقسيم الصلاحيات بحيث تكون موازنة لها. وهكذا يمكن القول أن كل إنجيلي بروتستانتي الإنتماء، ولكن من غير المؤكد أن كل بروتستانتي إنجيلي الإنتماء.

 

ويؤمن الكثير من الإنجيليين بمعظم الأفكار الصهيونية، من بينها «ضرورة عودة اليهود إلى فلسطين لدفع المسيح للعودة مرة ثانية إلى الأرضِ لتطبيق شريعته». إما البروتستانت، فهم يؤمنون بالعودة الثانية للمسيح، ولكنهم في الغالب لا يتبنون الأفكار الراديكالية الصهيونية.

 

ويؤمن الإنجيليون بضرورة التحول الفردي والجماعي للإنجيلية، والاعتراف بالخطيئة والحاجة إلى التوبة، ويسمونها «الولادة من جديد»، ولذلك يستهدفون جميع الأفراد والأديان والمذاهب والفرق الدينية في العالمِ، بما فيها الكنائس الكاثوليكية والأرثوذوكسية. إما البروتستانت، فهم يؤمنون في المقام الأول بضرورة إصلاح الكنائس الكاثوليكية والأرثوذوكسية، ولذلك لا يستهدفون غيرهم إلا في حالات نادرة.

 

وتُعتبر أمريكا الشمالية الموطن الأكبر للإنجيليين، حيث يُقدر عددهم فيها حوالي 92 مليون عضو، ومعظم هؤلاء «المحافظون البروتستانت» يصوتون للجمهوريين. بينما تُعتبر البلدان الإسكندنافية وأجزاء من ألمانيا ودول أخرى الموطن الأكبر للبروتستانت، ومعظم هؤلاء «الليبراليون البروتستانت» يصوتون بحرية لأحزاب متنوعة

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here