غياب تفاصيل اتفاقية المنطقة الفاصلة يثير الشكوك

عماد علي

منذ ايام و دخلت اتفاقية انشاء منطقة فاصلة في المنطقة الحدودية بين كوردستان الغربية و تركيا حيز التنفيذ دون الاعلان عن التفاصيل التي من المفروض ان يتاكد منها مَن له الصلة بتلك الاتفاقية و بالاخص الكورد الذي تجري العملية على ارضهم و هم ينفذون ما يُطلب ان تكون فيها دون علم او تاكد مما يُقال لهم بما ينتهي اليه الوضع وما يمكن من ان تفض جعبة امريكا و تركيا من المواد السرية التي من المحتمل ان تكون فيها دون اعلام الكورد بها، نتيجة محاولات امريكا من سحب تركيا من احضان روسيا و ما تبدي من تنازلات اليها، و ان لم تكن هناك ضغوطات داخلية على ترامب لضرب مصلحة الكورد و قضيتهم و هم من ضحوا لتنفيذ ما فعله ضد داعش بكل ما يملكون، و ان لم يكن من اجل بقاء ماء الوجه لامريكا من ما ينظر العالم الى سلبيات و افرزات البراغماتية المقيتة التي تسلكها و انعكاسها على الكورد لكان مصالح الكورد في خبر كان. و عليه يستوجب ان يتحرك الكورد وفق ما تمليه عليه مصالحه ايضا بشتى الطرق و ان كانت البراغماتية تحفظ له نسبة ما يريد على الاقل من ضمان مصلحتها الاستراتيجية ما الضير من سلوكها و خصوصا وهم في حال لا يمكن مقارنتها باعظم دولة و هي تتصرف كما نرى.

ان ما تيسّر لاردوغان من اللعب على الحبلين في هذه المرحلة كان نتيجة القضايا الشائكة و المعادلات السياسية المتداخلة في المنطقة، و نجاح مراوغاته بعض الشيء، و لكن لا يمكن ان نتوقع ان تسير حركة اردوغان بسهولة على امريكا بعد ان تفعل ما تهمه مرحليا و تصل الحال السياسي في سوريا تدريجيا الى ما تكون.

ما يهمنا هو الاتفاقية التي ابرمت كما هو المعلوم دون الاعلان عن بنودها و تفاصيلها التي فيها شياطين اكثر من الادعاءات التي تريد تهدئة الامور و عدم وصول الحال او العلاقة الامريكية التركية الى الخط الاحمر دون رجوع كما توضح فيما بعد الاعلان الى التوصل الى تلك الاتفاقية بفترة قصيرة جدا و منخلال تصريحات المسؤولين للطرفين في اقنرة و واشنطن. اعلان تركيا الدائم عن عدم زوال مخاوفها لحد الان و انها تصرح بشكل يومي بانها تدخل منطقة شرق الفرات من اجل انهاء الارهاب هو الضغط لتنفيذ ما توصلتا اليه بشق الانفس و في اللحظات الاخيرة ما قبل الاعلان عن فشل الاجتماعات وبتدخل وزراء البلدين. و عليه من المحتمل و من يمكن انتظار انهيار او انتكاسة يمكن ان تصيب الاتفاقية عند الولوج في التفاصيل غير الواضحة حتى للطرفين، و عليه تكون الخلافات التي يمكن ان تبرز في الايام المقبلة اكثر من احتمال العمل بشكل سلس وبالاخص بعد زيارة اردوغان و تصرحياته مع بوتين التي قد يزيد من احتمالية عمل امريكا على التريث غير المعلن في بعض تفاصيل الاتفاقية قبل التاكد من عدم انزلاق اردوغان النهائي في حضن بوتين و ما يُعتقد في واسنطن بان علاقته مع بوتين اصبحت استراتيجية على حساب العلاقات الاستراتيجية لتركيا مع امريكا و الغرب و من المعتقد بانه لا يمكن ان يتحرك ولو خطوة دون رضا روسيا، و لازالت تركيا هي ماعليه من عضوية في حلف ناتو و المدللة لدى الغرب التي استرمرت طوال العقود الماضية من اجل هذا الهدف الذي اصبح تقريبا في شفا حفرة. المرحلة تبين لنا امورا يمكن الحسم فيها و هذا ما تفرضه المعادلات السياسية التي وصلت الى مراحلها النهائية في المنطقة تقريبا .

و من المؤشرات الجيدة لبداية الاتفاقية هو اعلان قوات سوريا الديموقراطية تنفيذ ما وقع عليها الطرفان و سحبت هي قواتها من تلك المناطق، و هذا يشير الى عدم الاعتراض على ما اتفقتا عليه على الرغم من غموض التفاصيل من حيث البنود و آلية تطبيقها، الا ان التصريحات التي اطلقت عند الطرفين في انقرة و واشنطن تشير الى الخلافات في تفاصيل بداية دخول الاتفاقية حيز التنفيذ قبل تفاصيلها ايضا.. و برزت ما يمكن ان يحس من كل الاطراف و منهم الكورد على انهم تعمدوا على ابراز كل طرف فيهم بانه هو الفائز فيما جرى. و من المحتمل ان تخلق تركيا ذرائع لعدم تطبيقها بعد عودة اردوغان من روسيا ان لم ترغم عليها من قبل امريكا و بوسائلها المتوفرة، و هذا ما يجعل الحبل على الجرار من الصراعات فيما يخص الحال التي تهم الكورد في كوردستان الغربية.

ستكون عودة المهجرين عرقلة اخرى ان كانت تفاصيل تنفيذ العودة تحت رحمة اهداف تركيا، و لكن من المعلن ان يكون السكان الاصليين للمنطقة مرحب بهم في بيوتهم الا ان المهجرين السوريين الاخرين سيكونون في المخيمات لحين تهيء الفرص لعودتهم الى اماكنهم في اينما كانت في سوريا، وبهذا يمكن المحافظة على اصالة و بقاء سلامة و صحة ديموغرافية المنطقة دون ان تتمكن تركيا تنفيذ ما تريده وهي تتعمد على ان لا يعوداو منتظما بهذا الشكل و انما يردي رجوعهم عشوائيا من اجل تحقيق التغيير الديموغرافي المقصود لديها.

على الرغم من التطمينات الامريكية للكورد الا ان المعادلات السياسية و ما يجري من التفاعلات و تحركات اردوغان لها الدور الحاسم لبقاء موقف امريكا قبل مصلحة الكورد. و عليه لم يبق الا ان يتحرك الكورد من اجل عدم الوصول الى حالة تفاجئهم في وقت غير ملائم، و يمكن ان تشمل تحركاتهم جميع الاتجاهات الداخلية والخارجية لضمان سلاسة طريقهم الطويل بعيدا عن العقبات و الالغام التي يمكن ان تزرعها تركيا امامهم مستقبلا.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here