عندما توضع النقاط على الحروف – عراقيو الداخل وعراقيو الشتات:):

د. عبد الحميد العباسي

كَثُر الكلام عمَّن غادر العراق, من العراقين ومن لم يغادره, كانهما صِنفان, ابيض واسود او اسود وابيض. نُعِتَ مَن غادر بضعف الإنتماء وخوار العزيمة وآخر, قويها, صَمَدَ ولم يغادر بل قارع الظالمين واصطف الى جانب شعبه. الواقع لم يكن جمع المغادرين ولا غيرهم أسوَداً او ابيضاً, بل كان كلٌّ منهما خليطاً غيرَ مُتجانسٍ. فمن المغادرين مَن اوفدوا, للتحصيل الدراسي لولائهم للسلطة ولا شك كلفوا بمهام أُخر, ربما أدّاها بعضهم ولم يفعل آخرون, من هولاء مَن طاب بهم المَقام فأقاموا ولم يعودوا ومنهم من تغيرت ولاءآته او تغيرت ظروف العراق, فلم يَعُدْ. ومن المغادرين مَن غادر لينعم بما سرق ونهب وخزَّن في مأوىً إختاره. ومِمَن غادر هناك مَن ضُيق الخناق عليه في العراق ورأى ان ارض الله واسعة فراح يضرب في ارجاءها ومن هولاء مَن ضاع في مفاوز الارض ومنهم من ابتلعه اليَّم. ومنهم من حصل على عمل يعتاش منه ورضي آخرون العيش على المعونات الاجتماعية, ينافسون اهلَ البلد في رزقهم ومن هولاء تخرج بعض الجهاديِّن. ومن هولاء عاد بعضٌ ليحكمَ العراق. قالت وزيرة صينية سابقة, كانت لجأت الى امريكا, قالت ان مَن غاب عن بلده اكثر من 5 سنوات لا ينبغي ان يعتقد انه ما زال يعرف (حال) بلده, اي ان اولاءك الاخوة, عادوا, بعد نوم طويل, عادوا ليحكموا بلدا لايعرفونه إ. وممن غادر نفرٌ ممن صَمدَ وتصدى وعندما شرع بعض رموز السلطة باستهداف اطفاله غادر للحفاظ على مَن تبقى.

أما من لم يغادر, فهم السلطة واعوانهم واذنابهم وادواتهم وعيشهم الرغيد والشعب يتضور. وممن لم يغادروا, هناك مَن حفروا المقابر الجماعية واردوا ساكنيها وهناك من ناموا على خرير الجداول والينابيع تضللهم طائرات العدوان. وممن لم يغادروا اولائك ال>ين ألقوا بجندهم في محارق الحرب العراقية الايرانية, جريا وراء المَكرُمات. وهناك مِن كاد ووشى واستنطق الاطفال في المدارس والروضات عما يقوله آبائهم في البيت وتكون نهاية احد الابوين او كلاهما. ومن الناس مَن تقطعت بهم الاسباب فصبروا وصابروا ولم يكن لهم خيار في الا يغادروا. وهناك ممن

لم يغادروا, هناك *شبابٌ تسامى للعلى وكهولُ* هم الجهاديون لا غيرهم, *فمنهم مَن قضى نحبَه ومِنهم مَن ينتظر وما بدَّلوا تبديلا*

فليس كل لم يغادر هو مخلص ولا من غادر هو ضعيف الانتماء. فلنكُفَّ عن المزايدة في هذا الميدان, لنلُمَّ الشمل ونزايد في خدمة الوطن كلٌّ مِن موقعه والله المُوفِق.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here