بدأ الارهاب منذ الغزوات و نفذته الامبراطورية العثمانية فيما بعد و ادام به داعش

عماد علي

لا نريد ان نتكلم عن ما حصل ابان نشر الاسلام سواء داخل الجزيرة العربية او خارجها، ولن نطول في تفاصيل كيفية وصوله الى الصين شرقا و الاندلس غربا خلال تلك الفترة المعلومة، كل الحقائق تؤكد على القتل وسفك الدماء بشتى الطرق و الوسائل و السبي والسلب و النهب وفق الشرائع التي اقرت بما يُلائم حياة الجزيرة التي انبثق منها هذا الدين المتسم باخلاقيات و صفات و شكل الحياة الخاصة و ما تفرضه هذه الجزيرة و صحرائها القاحلة القائضة الحرارة و المعدمة ارضا و خصوبة و ثمرة.

امتد ذلك التاريخ وشهد فترات هدنة وتهدئة لما بدا منه، و من ثم اعتلت وتيرة القتل و النهب في مرحلة تالية اخرى، و في كل ما تطلبته الظروف التي فرضت نفسها عند بروز معارضة لما جلبت معها من المسماة بالفكر و العقيدة و الفلسفة في ثنايا لفائف و اغراض مصلحة بشرية و ما خلط منه مع الغيب باستغلال انعدام المعرفة و العلوم المطلوبة للفكر السليم لدى اكثرية من وصل اليهم الدين الجديد. انتشر الدين بالقوة الغاشمة و بشتى تعاملات مع اية عقبة كانت تعارض نشره بالقوة. ادام كل من اقتفى اثر الدين ما كان يعتمده في بداياته مهما كانت الارضية مخالفة له، ليس هناك بقعة وصل اليه الاسلام و لم يشهد دماءا، وليس هناك ارضا لم يسكب فيها دماء سكانها الاصليين ان اعترضوا على الوارد اليهم حتى دون قناعتهم بحرية، وليس هناك ارض خصبة طمع اليه هؤلاء المقرفون و الا ابيدت على اياديهم ان وجدوا من يعترض على ما ارادوه تثبيته في ارضهم.

هناك ثلاث مراحل يمكن الاشارة اليها في بيان ضخامة الارهاب الذي اقترف جرائمه فيها؛ و هي بداية نشر الاسلام و السيطرة على اماكن جديدة غزوه بعد السبيطرة التامة على الجزيرة و استئصال من عارضهم ممن لم يستسلم اليهم من الاديان الاخرى او اللادينيين او عابدو الاصنام و من كانت النخبة العقلانية التي ادركت ما يجري باسم الدين و كيف وصل الفكر البشري الى بروز الدين بديلا عن الغيبيات و الاساطير و عدم ادراك ماوراء الموجود في الوجود فكريا و مستندين على تفسيرهم الغيبي. و من ثم استغلال الدين لاغراض غير ما هو عليه وما ينسبون اليه، وكما وصل الى ماهو حاله من تفرع ما تجزء منه باسم المذهب و المشرب و باسماء كثيرة مختلفة، و بدات الصراعات الدموية فيما بينها داخليا من اجل ضمان مصلحة بشرية و باسم المذهب الديني داخليا فيما بين تلك الجماعات المصلحية التي تشكلت من الناس التي تراستهم من ادرك جيدا ماهو الدين و ما وراءه، و اجعئتهم بانهم على الاصح فيما يدعون فيما بينهم، و حدثت قتالات و ذبح و حز الرقبات و الرجم و السبي و السلب و النهب باسماء و دواعي فكرية فرعية مختلفة.

الامبراطورية العثمانية هي التي لم تقصر في نشر ما امنت به او هدفت لما لها مصلحة لمن اسسها باسم الدين باستخدامها الحديد و النار عمليا و ما شرعه الدين الاسلامي نظريا في ادامة سيطرتها على المواقع التي طات قدمها عليها ولو للحظة. انه كان ارهاب باساسه و ان لم يسمى به لعدم تعميم المصطلح في تلك المرحلة لفظا، و ان كان موجودا فعلا في تعامل الامبراطورية في سياساتها. و هكذا الى ان انقرضت العثمانية في تلك المواقع وانكمشت حالها الى مكانها العرقي الاصلي و عادت الى مواقعها غير سالمة. على الرغم من محاولات استجدادها على يد العثمانيين الجدد في القرن الواحد و العشرين.

ان الاخطر في الامر انهم حقا بدءوا بضلالهم و هم يخدعون المساكين البسطاء السذج من عامة الشعب، و هم يصدقونهم لا بل يفدون بكل ما يملكون من اجل ادامة احتلالهم لاوطانهم متوهمين بانهم حراس الجنة و حاملوا مفتاحها غير ابهين بما يملكون منالمال والدم و يفدونهم به، و لا يعلمون كيف خدعوا من بكرة ابيهم. و لازال الاثار و المشاهد الاثرية تؤكد مدى عنجهية هؤلاء في تعامل مع السكان الاصليين المعارضين، و لا توجد تلك في كوردستان فقط و انما في اي شبر وصلت اليه اقدامهم النجسة و لم اية بقعة الا وتجد فيها المقبرة الجماعية لمن عارضهم و فرضوا عليهم القتال و ادينوا بالقوة حتى من قبل اقرانهم، بينما هؤلاء الغازين كانوا مرفوعي الشان و قاموا لهم المقام المقدس في حال قتلهم للسكان و سيطرتهم لارضهم ، و في يومنا هذا نرى شواهدو مزارات لهؤلاء و زيارات لمواطني بسطاء من الكورد لقبور هؤلاء الظالمين الذين سموا بالاشخاص المقدسين المباركين من قبل ربهم لديهم.

و الامم العظيمة هي التي تتعض و تتعلم من اخطائها و تستخلص عبر تاريخها و دروس ماضيها و بالاخص ان كان دمويا و مخدوع اهله باداعاءات كشفت زيفها فيما بعد كما هو حال الاحتلالات باسم الغزوات و التغيير الجذري في شكل و تركيب و ديموغرافية و طبيعة و حتى عقلية و ثقافة و تاريخ وجغرافيا البقع التي غزوها واحتلوها في تلك المراحل الغابرة الماساويةللغزوات و ابان الامبراطورية العثمانية فيما بعد. فان كانت الغزوات تتخللها ارهاب باسماء اخرى و بحملات كبيرة فان الامبراطورية العثمانية مارست الارهاب باسم الدين و مذهب معين ايضا و بشكل مباشر عن طريق ارهاب الدولة او المبراطورية فكرا و ممارسة على الارض. و ان كانت الغزوات عن طريق فرض دين واحد و منبعه الجزيرة فان الغزوات و الاحتلالات الامبراطورية العثمانية كانت بطريق اذكاء الفتن الطائفية و

القتل و التشريد و اودى بحياة مئات الملايين من الضحايا مابين القتل و التشريد و المجاعة و السخرة و التجنيد للسكان الاصليين في زجهم للحروب الخارجية باسم الدين والمذهب. انه ارهاب بمحتواه و باشكال يمكن ان نقول مختلفة عما نفذه داعش مظهرا فقط فيما بعد ايضا.

اما داعش فهو الاصدق فيما بينهم لانه نفذ و قال و عرّف و ادعى ماهو الصح باسم الدين و هو كذلك، و قتل و سبى و حزالرقاب و حرق و سلب و نهب و غزا و لم يدعي غير ماهو دافعه صلب الدين الحقيقي و ما يحمله الاسلام حقا. و عليه لنا القول بان الارهاب قد بدا بنشر الاسلام دينا في الحزيرة و من امتداده الى خارجها و سلم الراية الى الامبراطورية الاسلامية العثمانية بشكل اخر في وقت لاحق مستندا على المذهبية التي فرضته مصالح الترك عرقيا باسم الدين ومن ثم اخيرا تسلمها داعش بفحواها الحقيقي و نفذها بما اقدم عليه الاسلام بصحة و صحيح في وقته و لم يعرّف بانه ارهاب، و لم يدّعي داعش غير ماهو الموجود لدى الدين الاسلامي و ما فعلوه اسلافهم قبل القرون الماضية الساحقة و امتد ما اصروا عليه و وصل اليهم كما هو و لكن بوسائل واداعاءات مختلفة و بنفس الهدف و انما بمختلف الوسيلة و الشكل و ان كان السيف و الحرق و الغرق و قطع الايدي و الرجم بالاته ذاتها.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here