في ندوة سياسية عامة في لندن..صبحي الجميلي: نعمل في أطر ومستويات عدة لتغيير موازين القوى وتحقيق الإصلاح الشامل

أقامت منظمة الحزب الشيوعي العراقي في بريطانيا ندوة سياسية عامة للرفيق صبحي الجميلي، عضو المكتب السياسي للحزب، مساء الخميس الماضي، بحضور حشد من ابناء الجالية العراقية في لندن.

بعد الترحيب بالحضور والضيف من قبل الرفيق معن كدوم الذي ادار الندوة، دعا الى الوقوف دقيقة صمت حداداً على الفقيد الشاعر ابراهيم الخياط، الأمين العام لاتحاد الادباء والكتاب، الذي خسره الحزب الشيوعي والحركة الثقافية العراقية، وكان الراحل علماً من أعلام الثقافة ورفيقا نشطاً في مجال الثقافة والاعلام، كما في مجالات أخرى.

وتطرق الرفيق الجميلي في بداية حديثه الى عمل الفقيد ابراهيم الخياط ودوره في الاعلام المركزي للحزب الشيوعي وحضوره الفاعل في النشاطات والفعاليات التي تقام على الساحة العراقية. وقال

“بفقدانه، خسر الحزب والعراق شخصية وطنية مخلصة للشعب والوطن”، وقدم التعازي الى عائلته ورفاقه وأصدقائه.

وأشار الجميلي في حديثه الى بناء الدولة العراقية بعد سقوط النظام الدكتاتوري في 2003، والبناء الخاطئ للعملية السياسية وإدارة الدولة، وان هذا البنيان الخاطئ كانت نتيجته الفشل في اداء الدولة لمهامها وتضخمها وترهلها، وتوالي حالات الاستعصاء السياسي، مبينا انه في ظل هذا الوضع وهيمنة القوى المتنفذة أصبح من الصعوبة حل هذه الأزمات. وبيّن ان الحكومة لم تقم بالكثير مما هو مطلوب منها تجاه الشعب والوطن. وقدم معطيات ملموسة عن حالات الإخفاق وضعف ما حققته الحكومة من برنامجها اذ لا يتجاوز نسبة 36 في المائة، خصوصاً في المجالات الخدمية، وبقيت ملفات عديدة تنتظر المعالجة ومنها ملف النازحين وقضايا البطالة والتعليم والصحة.

ثم انتقل الى الجانب الاقتصادي، وبالذات الموازنة، وقال انها “تعتمد كلياً على النفط، بما يؤدي الى تكريس الطابع الريعي للاقتصاد العراقي “. وذكر ان معظم تخصيصات الموازنة تذهب الى الموازنة التشغيلية، في مقابل ضعف الاستثمارات. واوضح أن مثل هذه البنية للإنفاق العام غير قادرة على تأمين الحد المعقول من التمويل اللازم لتحقيق تنمية اقتصادية اجتماعية ولبناء قاعدة انتاجية متنوعة للاقتصاد الوطني تخلق فرص عمل حقيقية تستوعب معدلات البطالة المرتفعة والاعداد الكبيرة من خريجي مؤسساتنا التعليمية. وهو ما لا يتحقق من دون الاعتماد على تنمية الموارد المختلفة للدخل الوطني وانتهاج سياسة اقتصادية علمية تقود الى إيجاد اقتصاد عراقي متين ومتنوع. وحذّر من مخاطر الاستمرار في الاعتماد على القروض الخارجية والتي وصلت الى ما يقارب 135 مليار دولار.

بعدها تطرق الى الانتصار العسكري الكبير على داعش الاٍرهابي، واكد ان خطر الارهاب ما زال يشكل تهديدا، مشددا على أهمية وقف التدخلات الخارجية والاعتماد على قواتنا العسكرية والأمنية وتعزيز السيادة الوطنية، والابتعاد عن جر العراق الى صراعات في المنطقة. ولفت الى ان بعض القوى السياسية تستغل التدخلات الخارجية لمصالحها الضيقة.

وفِي هذا السياق أشار الرفيق الجميلي الى ما حصل مؤخراً من اعتداءات وضربات عسكرية بينت مصادر عدة مسؤولية إسرائيل عنها، استهدفت مستودعات اسلحة واعتدة نفذتها طائرات مسيرة واستباحتها الاجواء العراقية. وقال ان هذه الانتهاكات الفظة السافرة للسيادة العراقية تتطلب من الحكومة تعزيز القدرات العسكرية لحماية العراق وتأمين استقلالية قراره الوطني وتأكيد سيطرة الدولة على السلاح المنفلت والنأي بالبلاد عن الصراع الدائر في المنطقة.

واضاف الرفيق الجميلي انه في ضوء كل ما قيل لابد من بديل مختلف عن ما هو سائد، وان الحزب الشيوعي أكد دائماً انه اذا استمر الوضع السيئ على ما هو عليه فستكون العواقب كبيرة. ولذا فانه دعا الى التغيير في المنهج والأسلوب ونمط التفكير وفِي الشخوص كسبيل للخروج من هذه الأزمات والإشكالات التي يمر بها البلد. وهذا ما عمل الحزب الشيوعي ويعمل من أجله.

وتوقف الرفيق عند تطور الأوضاع التي مهدت لانتخابات مجلس النواب في أيار 2018 وما أعقبها والصراع الجاري الان في العراق، مشيراً الى بروز اتجاهين متناقضين، الأول لقوى متشبثة بما هو سائد. فهي رغم الادعاء بتغيير منهجها وتبنيها مسميات المدنية وبعض الشعارات

التي رفعتها التظاهرات الجماهيرية، لكنها لا تزال متمسكة بالمحاصصة. اما الاتجاه الثاني فانه رافض ويرغب فعلاً بالتغيير والاصلاح.

وعلى هذا الاساس تبنى الحزب الشيوعي أطروحة التغيير، وخرج باستنتاج يؤكد ضرورة تحقيق اصلاحات عميقة تطول العملية السياسية وعملية بناء الدولة وذلك بالخلاص من نهج المحاصصة وإقامة الدولة المدنية الديمقراطية، دولة المواطنة القائمة على العدالة الاجتماعية. ويتطلب ذلك تحقيق تغيير في ميزان القوى لصالح القوى السياسية والاجتماعية ذات المصلحة في الاصلاح والتغيير. وتحدث عن المستويات التي يعمل فيها الحزب من اجل تحقيق هذا الهدف، وفي مقدمتها تعزيز قدراته الذاتية ومكانته في الحياة السياسية والمجتمع. والى جانب ذلك المساهمة النشيطة في النضالات المطلبية ورفع مستوى تنظيم الحركات الاحتجاجية الشعبية، واعادة تفعيل التيار الديمقراطي وتجميع القوى المدنية الديمقراطية، والعمل من اجل تشكيل كتلة وطنية كبيرة عابرة للطائفية. وفي هذا السياق انبثق تحالف سائرون لخوض الانتخابات في 2018، متبنياً في برنامجه الشعارات التي رفعتها التظاهرات الاحتجاجية ومطالبتها بالإصلاح ومحاربة الفساد ونبذ المحاصصة والطائفية السياسية واقامة الدولة المدنية. وأشار الى أن هذا التحالف ينطوي على امكانيات لتحقيق مطالب الناس، مؤكداً على الأسس التي قام عليها والمتمثلة في احترام الاستقلالية الفكرية والسياسية والتنظيمية لأطرافه وانه يملك برنامجاً اصلاحياً واضحاً.

وتناولت مداخلة الرفيق الجميلي نتائج انتخابات 2018 وما افرزته من تحالفات وتوافقات، وتشكيل حكومة عادل عبد المهدي ضمن توافق سياسي، بسبب عدم حسم إشكالية الكتلة الأكبر، وانتقال أعضاء برلمان من كتلة الى أخرى. واعتبر ان نتائج الانتخابات احدثت شرخاً في المحاصصة ولكنه لم يتم التخلص منها بعد، بل ان القوى المتنفذة تقاتل بشراسة للحفاظ على مواقعها وامتيازاتها في الدولة. واشار في هذا الصدد الى تشكيل الحكومة وعملها خلال الفترة التي انقضت وضعف أدائها وانجازاتها وخصوصا في المجالات الخدمية والصحة والتعليم والسكن وتأمين متطلبات العودة الآمنة لملايين النازحين والمشردين داخلياً الى ديارهم.

وأمام هذه الصورة أعدت قيادة الحزب وثيقة تحت عنوان “معالجات لقضايا ملحة”، وهي بمثابة خريطة طريق لإنقاذ البلد. وتضمنت مقترحات ذات طابع آني ومُلِحٍّ تشمل جوانب تشريعية وتنفيذية وتركز الاهتمام على قضايا ذات أولوية وتمس حياة المواطنين بصورة مباشرة. وقُدّمت هذه الوثيقة الى الرئاسات الثلاث ومجلس القضاء الأعلى والوزارات المعنية والكتل البرلمانية والقوى والأحزاب السياسية، والى عدد كبير من المعنيين وذوي الاختصاص.

وبعد انتهاء المداخلة، شارك العديد من الحضور في طرح أسئلة وتقديم وملاحظات حول جوانب الوضع السياسي في العراق، وأجاب عليها الرفيق صبحي الجميلي. وفي ختام الندوة، التي نقلت مباشرة عن طريق الفيسبوك وشاهدها الآلاف، قدمت المنظمة شكرها الى الحضور والى الرفيق الضيف.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here