حتى لايُذبح في كل يوم حسين…

اﻷمة بين الخيرية الحسينية الحق والشر الشِمري الباطل !

((ذَٰلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ۗ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ۗ وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ )).

احمد الحاج
ماتزال هذه اﻷمة متناحرة ومختلفة فيما بينها حتى تنقى من التعصب اﻷهوج وعصبية الجاهلية اﻷولى التي فتَّت في عضدها قرونا وأمكنَت أعداءها منها طويلا، تنقى من بواطن النصب وظاهره ، مخبره وجوهره ، ومن بواطن الرفض وظاهره ، فمن يتأمل في حال اﻷمة الذي بات يغيض الصديق ويسر العدى يجد ، أن “مناصبة أهل البيت العداء ظلما وعدوانا باﻷقوال إنما يقابلها مناصبة الصحابة ممن يدعي أهل النصب وصلهم وحبهم باﻷفعال عند الناصبة أنفسهم فتراهم يثنون على الصحابة خيرا اﻻ أنهم لايلتزمون بما ألزم الصحابة الكرام به أنفسهم من صلاح وخير وتقى وورع وحب ﻵل البيت وسماحة ورحمة ووقار وإتباع ﻻ إبتداع ولو فعلوا ذلك لتبخر النصب المتحامل على آل البيت من قلوبهم وعقولهم نهائيا ، والعكس بالعكس فلو أن الرفض الذي يتحامل على الصحابة باﻷقوال لم يرفض منهج العترة الطاهرة الحق باﻷفعال وإلتزم بوصاياهم الخالدة ، تلا القرآن كما يتلون، وحد الله كما يوحدون ،سامح وعفا كما يعفون ، رحم الناس كما يرحمون ، كظم الغيض كما يكظمون ،زهد في الدنيا كما يزهدون، طلقها بالثلاث ليجعلها في يده لا في قلبه كما يفعلون وأحب الصحابة رضي الله عنهم أجمعين كما يحبون لتخلى عن الرفض من ساعته ، العلة التي أصابت اﻷمة بمقتل مذ حط ركب سيد الشهداء وسيد شباب أهل الجنة الحسين عليه السلام في الطف رحاله ، ليهراق ها هناك على يد الشمر بن ذي الجوشن ظلما دمه ،ولتسبى ذراريه في واقعة لما تزل فارقا بين الحق والباطل ونقطة ﻻ التقاء في الصراع اﻷبدي بين الخير والشر ، هي جدلية ” النصب داخل الرفض ، والرفض داخل النصب ” وكلاهما يدعي وصلا بليلى وليلى لاتقر لهم بذاكا ، إذ ليس كل ما يلمع ذهبا وعلى قول البغادة ” مو كل مدعبل جوز ” ولم يسلم من تلكم الإشكالية المقيتة غير من إتخذ من الوسطية والإعتدال التي أمر بها الشارع الحكيم له منهجا من غير إفراط ولاتفريط إمتثالا لقوله تعالى (وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ۗ) ذاك أن نتيجة هذا التناقض بين السر والعلن ،التضاد بين اﻷقوال واﻷفعال ، التصادم بين الإدعاء والإنتماء ،التنافر بين الواقع والطموح ، غياب لغة الحوار والمنطق في التعامل مع تداعيات ومآلات القضية هي ،أن ” شمرا” صار يخرج بين ظهرانينا جهارا نهارا ، عيانا بيانا ليذبح بإسم الفريقين في كل يوم تطلع فيه شمس حسينا بأرض تمتد من بغداد الى الصين حتى بات كل شبر فيها كرب وبلاء بتحريض من العملاء، المستشرقين ، الشعوبيين ، الصهاينة ، الماسونيين واﻷعداء !
وستظل وصية أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام ماضية في الخلق ما تعاقب ليل ونهار ” إن الحق والباطل لا يعرفان بالناس، ولكن إعرف الحق بإتباع من إتبعه، والباطل بإجتناب من إجتنبه..إن الحق لا يعرف بالرجال، إعرف الحق تعرف أهله ..إن من لا ينفعه الحق يضره الباطل، ومن لا يستقيم به الهدى تضره الضلالة، ومن لا ينفعه اليقين يضره الشك” وبناء على ما تقدم من درر ولآلئ جاد بها معين العترة الطاهرة الذي لاينضب عليك أن تعرض الرجال على الحق لتعرف أحسينيين هم أم لا ؟ لتعلم أشمريين هم أم لا ؟ أما أن تطلق الصفات على عواهنها هكذا جزافا من غير تدقيق وﻻتمحيص وﻻ عرض على سلم الحق ودرجاته فهذا لعمري هو الهرج بعينه الذي ما أصاب كبد الحقيقة يوما وﻻ حام حولها حتى !
وكذلك وصية الإمام الصادق :” لَا تُخَاصِمُوا النَّاسَ بِدِينِكُمُ فَإِنَّ الْخُصُومَةَ مَمْرَضَةٌ لِلْقَلْبِ..مَنِ اتَّقَى مِنْكُمْ وَ أَصْلَحَ فَهُوَ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ”، نَعَمْ مِنَّا، أَمَا سَمِعْتَ قول الله عز وجل ( وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ) ،وقول ابراهيم عليه السلام ( فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي ) إذن وبناء على الوصية فإن التمسك بالتقى والصلاح هو إتباع لأهل البيت وعلى المنهج النبوي القويم،والعكس صحيح فمن أبى التقى والصلاح وناصبهما العداء قولا وفعلا وتقريرا ، عمدا لاسهوا ، معاندة وإستكبارا ﻻخطأ ولانسيانا ، فهو ليس على نهج آل البيت وإن زعم إتباعهم وإن إدعى حبهم وﻻعبرة بعد ذلك كله بشق جيب أو لطم خد ، أو طبر رأس أو قرع طبل أو نفخ بوق ، إنما اﻷصل كما جاء جليا في الوصية هو التقى والصلاح ، بالصلاة ، بالصيام ، بالزكاة ، بالحج ، بالقرآن ،بحسن الخلق ، باﻷمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، بالإبتعاد عن المنكرات وإجتناب كل ما حرم الله عز وجل ونهى عنه رسوله الكريم صلى الله عليه وآله وسلم (إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلًا كَرِيمًا ).
أيها السياسي أيا كانت درجتك ومنصبك ، أيها الحزبي أيا كان حزبك وكتلتك ،أيها المسؤول أيا كانت قوميتك ومذهبك ، أحسيني أنت ، أم شمري ؟ أعرض نفسك على وصية الإمام علي عليه السلام لتعلم حقا ونعلم علم اليقين الى أي الفريقين تنتمي حقيقة وليس إدعاء “اتقوا الله في عباده وبلاده،فإنكم مسؤولون حتى عن البقاع والبهائم،أطيعوا الله ولا تعصوه،وإذا رأيتم الخير فخذوا به،وإذا رأيتم الشر فأعرضوا عنه” ، ترى هل إتقيت الله في عباده وبلاده كما أُمِرتَ ، أم أنك – لفطت – خيرات البلاد والعباد ، سرقت الثروات ، نهبت المناصب والدرجات ، صادرت الحريات ، – شفطت – الخيرات ، هجَّرت الخبرات والكفاءات ، جرَّفت البساتين وأحرقت المزروعات ، فتكت بالجمادات ، حوسمت المصانع والعقارات ، عبثت بالبقاع والمخلوقات ، حرقت الطوابق المخصصة للعقود والملفات، زورت المستمسكات والشهادات ، عبثت بصناديق الاقتراع وشوهتَ الانتخابات ، هربتَ قسما من اﻷموال الطائلة التي سرقتها من قوت الشعب وكان يبرى قبل المنصب بظفرك القلم ، لتغسل ما تبقى من قذرها بفنادق ، ملاه ، خمور ومخدرات ، أبراج ،مصارف ، منتجعات، صالات قمار ومولات ، فوالله إنك وإن تورطت وغرقت بكل أو بعض برك تلكم الموبقات اﻵسنة فأعلم أن الحسين عليه السلام الذي ما خرج أشرا ولابطرا وإنما بغية الإصلاح في أمة جده ، خصيمك وخصمك في الدارين وﻻت حين مندم ، وإن الشمر حليفك ونديمك فيهما أبدا رفعت اﻷقلام وجفت الصحف وعلى الباغي تدور الدوائر …أيستشهد الحسين مع خيرة صحابته وقرابته عطشى من أجل الإصلاح وإحقاق الحق وإزهاق الباطل لتظهر – جنابك الكسيف- بعد عمر طويل وتفسد أيما فساد في اﻷرض مدعيا حبهم ، زاعما قربهم وهم منك براء ﻷن أصل المُحب أن يكون لمن أحبَ تابعا ومطيعا ، أما عن لبس السواد وإظهار الجزع أمام الكاميرات من باب – صورني وآني ما أدري – ليقال عنك مُحب وقد قيل فهذه في ميزان الحق والعدل الالهي لاتساوي جناح بعوضة وتذكر قول الباري عز وجل في أمثالك ( يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ) ؟ !
أيها التاجر ، أحسيني انت أم شمري ؟ قبل أن تجيب أعرض نفسك على وصية الامام علي ﻷبنه الحسن عليهما السلام ” أُوصِيكَ يَا بُنَيَّ بِالصَّلَاةِ عِنْدَ وَقْتِهَا، وَ الزَّكَاةِ فِي أَهْلِهَا عِنْدَ مَحَالِّهَا، وَ الصَّمْتِ عِنْدَ الشُّبْهَةِ، وَ الِاقْتِصَادِ، وَ الْعَدْلِ فِي الرِّضَاءِ وَ الْغَضَبِ، وَ حُسْنِ الْجِوَارِ، وَ إِكْرَامِ الضَّيْفِ، وَ رَحْمَةِ الْمَجْهُودِ وَ أَصْحَابِ الْبَلَاءِ، وَ صِلَةِ الرَّحِمِ، وَ حُبِّ الْمَسَاكِينِ وَ مُجَالَسَتِهِمْ، وَ التَّوَاضُعِ فَإِنَّهُ مِنْ أَفْضَلِ الْعِبَادَةِ، وَ قَصْرِ الْأَمَلِ، وَ اذْكُرِ الْمَوْتَ، وَ ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا، فَإِنَّكَ رَهِينُ مَوْتٍ، وَ غَرَضُ بَلَاءٍ، وَ صَرِيعُ سُقْمٍ” ، فهل التزمت بتلك الوصية الرائعة أم تراك قد أطلقت لنفسك العنان بإستيراد المواد الغذائية المسرطنة والمعاملة جينيا ، العصائر واﻷلبان واللحوم التالفة ،مارست الإحتكار ، الغش في الميزان ، التطفيف في المكيال ،كثرة الحلف ولو كاذبا لتمشية بضاعتك ، خلط الجيد بالردئ من دون بيانها للمشتري ، التعامل بالربا ،رفع اﻷسعار رفعا فاحشا ، بيع الغرر ، بيع النجش ، الصخب والفحش في اﻷسواق، بيع المحرمات ، المماطلة بتسديد الديون ، منع الزكاة ، التهاون بالطاعات ، التحرش بالنساء ، هتك الاعراض وإنتهاك الحرمات ، إن فعلت ذلك فأنت حليف الشمر ، خصيم الحسين وﻻقيمة بعدها لقدري الهريسة والقيمة تصنعهما في المناسبات فعديد الذين خدعوا بحلفك الكاذب ، بغشك ، جاعوا بإحتكارك ، عانوا من فحش أسعارك فضلا عن الذين مرضوا أو ماتوا ببضائعك المزجاة وباﻷخص تلك التي تحمل تواريخ نفاد مزورة أو تلك – الستوك – المقلدة المعبأة بعلب – بتاويينية – ﻷرقى الماركات ، وﻻعبرة هاهنا ببيع الزناجيل والدفوف والرايات فهذه تجارة مربحة تدر عليك عشرات الوف الدولارات ولولا أرباحها الخيالية ما بعت وﻻ إستوردت منها وﻻ 1% ولو كانت بأمس حاجة لها حسبة لله القضية الحسينية !
اذا كنت في السلطة التنفيذية ومسؤوليتك هي خدمة الراعي والرعية فأعرض نفسك على وصية الامام علي عليه السلام لواليه على مصر مالك الاشتر لترى ، أحسني أنت أم شمري ” إن شر وزرائك من كان للأشرار قبلك وزيراً, ومن شركهم في الآثام , فلا يكونن لك بطانة فإنهم أعوان الأثمة , وأخوان الظلمة وأنت واجد منهم خير الخلف , ممن له مثل آرائهم ونفادهم , وليس عليه مثل آصارهم وأوزارهم ممن لم يعاون ظالماً على ظلمه , ولا آثماً على إثمه , أولئك اخف عليك مؤونة , وأحسن لك معونة , وأحنى عليك عطفاً وأقل لخيرك إلفاً فاتخذ أولئك خاصة ” ، وهذه الوصية لوحدها قضية القضايا وميزان الاعتدال فقد تناوبت ذات العوائل والشخوص والاحزاب على حكم العراق وبعضهم صار يتبادل اﻷدوار ويتنقل بين منصب وزير في دورة إنتخابية ، ونائب في البرلمان في دورة أخرى ليطل علينا بوجهه الكالح وزيرا بعد ثماني سنين في وزارة جديدة لاشأن لها بتخصصه ولا بخبرته ﻻ من بعيد وﻻ من قريب وكأن – الحكومة طابو بإسم عائلته وعشيرته وحزبه – مع كل الخراب الذي ألحقه بالوزارات التي تسنم حقائبها تباعا، مع كل ملفات التزوير ، مع كل قضايا النزاهة التي تطارده ، مع كل الشرور التي إقترفها والاشرار والظلمة الذين صحبهم وعمل لصالحهم ورافقهم طويلا ، ولا قيمة لدمعات تذرفها كالتماسيح امام العدسات ﻷنك شمري ولست حسينيا !
اذا كنت ضمن السلطة القضائية بكل مفاصلها فأعرض نفسك على وصية الامام علي عليه السلام في القضاء العادل ” ثم إختر للحكم بين الناس أفضل رعيتك في نفسك ممن لا تضيق به الأمور ولا تمحكه الخصوم , ولا يتمادى في الذلة ,ولا يحصر من الفيء إلى الحق إذا عرفه , ولا تشرف نفسه على طمع ,ولا يكتفي بأدنى فهم دون أقصاه , وأوقفهم في الشبهات ,وآخذهم بالحجج ,وأقلهم تبرما بمراجعة الخصم ,وأصبرهم على تكشف الأمور ,وأصرمهم عند اتضاح الحكم ,ممن لا يزدهيه إطراء , ولا يستميله إغراء , وأولئك قليل . ثم أكثر تعاهد قضائه” فهل انت من هؤلاء أم بالضد منهم تماما ، وعلى ضوء العرض ستتكشف حقيقتك وستعلم ويعلم الناس ، أحسيني أنت أم شمري ، وما صلح للعرض من الرجال على الحق البين فيما سلف يصلح لعرض بقية أصناف الرجال على صحائف الحق لنميز الخبيث من الطيب ولنستبين سبيل المجرمين ، ولله در القائل في سيد الشهداء شعرا :

يا أمة قتلت حسينا عنوة لِـمَ..لم ترع حق الله فيه فتهتدي
اودعناكم اغاتي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here