مفتش عام أم وزير ظل؟ .. فتى الحشد الشعبي الذي «أبكى» كبار الضباط في وزارة الدفاع

مفتش عام أم وزير ظل؟ .. فتى الحشد الشعبي الذي «أبكى» كبار الضباط في وزارة الدفاع

قال سياسيون عراقيون، إن إحالة ضباط كبار في الجيش إلى المحاكم العسكرية بتهم الفساد جاء وفق ملفات قدّمها المفتش العام القيادي في مليشيات الحشد الشعبي زياد التميمي، فيما رآى مراقبون أن ذلك يندرج ضمن الصراع التقليلدي بين القوات النظامية وهذه المليشيات .

وأحال مكتب المفتش العام في وزارة الدفاع، عددًا من كبار الضباط إلى المحاكم العسكرية بتهم الفساد، فيما ذكر مصدر سياسي مطلع، أن ذلك جاء بوثائق قدمها المفتش  العام زياد التميمي، القيادي في مليشيات الحشد الشعبي، وذلك بعد شهر من تعيينه في هذا المنصب.

وقال المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه  إن «المفتش العام زياد التميمي، وكما هو معروف قيادي في الحشد الشعبي، قدم وثائق وأدلة مشكوك في صحتها إلى وزير الدفاع نجاح الشمري، لإحالة ضباط في الجيش إلى المحاكم العسكرية، بتهم الفساد، وهذه الحالة الأولى التي يتم فيها إحالة ضباط في الوزارة إلى المحاكم بهذه الطريقة، وهذا العدد».

وأضاف المصدر أن «التميمي، ما زال لديه ارتباطات بمنظمة بدر التي كان قياديًا فيها، ويترأس مجموعة مسلحة ضمن صفوف الحشد الشعبي، وتعتقد أوساط في داخل وزارة الدفاع، أنه يسعى إلى ضرب صورة المؤسسة العسكرية، وهزها أمام الرأي العام، لإعلاء صورة الحشد الشعبي، والفصائل المسلحة الأخرى».

وتابع «من غير المعقول أنه لم يمر شهر كامل على تعيين التميمي في المنصب، حتى تمكن من استكمال التحقيقات وإحالة ضباط إلى المحاكم».

اتهامات بالمشاركة في الاقتتال الطائفي

ومثل تعيين التميمي في المنصب مفاجأة للأوساط الشعبية والسياسية، إذ لم يسبق له تجربة إدارية أو عسكرية سابقًا في وزارة الدفاع، وإنما كان قائدًا للواء 24 في مليشيات الحشد الشعبي في منطقة المقدادية، بمحافظة ديالى، ليتم تعيينه في المنصب، الذي يؤهله لإقصاء ضباط من الخدمة أو إحالتهم إلى المحاكم العسكرية، بعد تقديم ملفات فساد.

وتشير تقارير إلى قيام «(زياد خليفة خزعل التميمي)، بأعمال طائفية ضد المكون السني في محافظة ديالى، كونه شغل منصب آمر لواء 24 في الحشد، في المحافظة، وشهدت المناطق التي يسيطر عليها هذا اللواء الكثير من الأعمال الطائفية والمنافية لحقوق الإنسان، من تهجير وخطف وغيرها من الانتهاكات».

ويتهم سياسيون رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي، بتمكين فصائل الحشد الشعبي، وفسح الطريق أمامها، لإعلان انضمامها إلى هيئة الحشد الرسمية، من عدمه، خاصة مع عدم وجود محاسبة للفصائل التي لا تنضوي في صفوف الهيئة الرسمية، وهو ما رأت فيه أطراف عراقية تغولًا للقوات غير النظامية، وتعظيمًا لقدراتها على حساب قوة الجيش النظامي.

وبحسب مراقبين للشأن العراقي، فإن العلاقة بين الجيش والحشد الشعبي، اتسمت بالتنافس خلال السنوات الماضية، وإن كان يبدو أن هناك تنسيقًا بشأن بعض الملفات، لكن قيادات داخل الجيش تتخذ موقفًا غير معلن من الحشد الشعبي، بسبب نشأة الحشد في أعقاب هزيمة الجيش أمام تقدم داعش نحو عدة محافظات العام 2014.

فك ارتباط المفتشية من هيئة الأركان

وأصدر وزير الدفاع نجاح الشمري، أمرًا بفك ارتباط مكتب المفتش العام عن هيئة الأركان التي كانت مرتبطة بها، في خطوة أثارت الشكوك من منح المفتش العام مزيدًا من الحرية بعيدًا عن مكتب الأركان الذي يتولاه الضابط المعروف عثمان الغانمي، وهو يتمتع بشعبية كبيرة لدى الأوساط السياسية وداخل المؤسسة العسكرية، لاستقلاليته النسبية، ومهنيته في الانضباط العسكري، وليس من الضباط «الدمج».

وأظهرت وثيقة اطلعت عليها  أنه تقرر «فك ارتباط المفتشية العسكرية العامة من رئاسة أركان الجيش».

وبحسب ضابط متقاعد فإن هذا الإجراء يجعل ارتباط مفتشية الدفاع مرتبطة بأمانة السر العام، وهي خطوة ربما تهدف إلى تعزيز صلاحيات المفتش الجديد ومنحه أدوارًا إضافية لممارسة مهامة بشكل أكبر، خاصة وأن هناك مساعي لتحييد عدد من الضباط الذين ربما واجهوا المفتش الجديد برفضهم بعض الإجراءات».

وأضاف الضابط الذي فضل عدم ذكر اسمه  أن «الصراع الدائر في وزارة الدفاع، خفي بشكل كبير، ومستتر، لكنه يبدو في ثنايا تصريحات المسؤولين وإجراءات الوزير، وتحركات عدد من القادة، إذ تلوح في الأفق أزمة ربما بين كبار الضباط والوزير، بسبب تماهيه وموافقته الضمنية على قرارات المفتش القيادي في مليشيات الحشد الشعبي.

وزير الظل

ولفت الانتباه مرافقة المفتش العام زياد التميمي لوزير الدفاع في اغلب زياراته الميدانية، إلى المحافظات وقواطع العمليات، والمعارك التي يخوضها الجيش في بعض المحافظات المستعادة حديثًا من داعش، وهو أمر مستغرب – بحسب مراقبين – إذ ليس من عادة المفتش العام إجراء زيارات ميدانية، ومرافقة الوزير، وفي حال حصل ذلك فيمثل خرقًا نسبيًا للبروتوكولات المعروفة.

وقال المحلل السياسي محمد المياحي إن «مرافقة المفتش العام لوزير الدفاع ربما ليس مخالفة، لكن بالفعل تثير الاستغراب، إذ أن عمل المفتش العام هو تدقيق السجلات ومراقبة عمل الوزارة، وملاحقة شبهات الفساد، لا التقييم الميداني والزيارات الروتينة، فهذا من عمل الوزير».

وأضاف المياحي في تصريح  أن «الحديث الدائر بشأن تغول الحشد الشعبي في وزارة الدفاع، ربما فيه مبالغة، لكن هناك تفضيل واضح من الوزير نجاح الشمري للحشد الشعبي، وحتى القائد العام للقوات المسلحة عادل عبدالمهدي، أمر بتلك التعيينات، مثل المفتش العام وهو قيادي حشدي، وكذلك تعيين أبو منتظر الحسيني مستشاراً للشؤون العسكرية».

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here