المسؤولية ، الفردية ، والجماعية واطر نموها

المسؤولية الاجدتماعية تعد من الامور الهامة والثمينة جداً و ركن أساسي وهام في حياة المجتمعات و استعداداً مكتسباً لدى الفرد يدفعه للمشاركة مع الآخرين في أيّ عملٍ يقومون به، والمساهمة في حل المشكلات التي يتعرضون لها، أو تقبّل الدور الذي أقرته الجماعة له او تطوع لانجازه والعمل على المشاركة في تنفيذه وبدونها تصبح الحياة فوضى وتشيعُ شريعة الغاب، حيثُ يأكل القويُّ الضعيفَ، وينعدم التعاون: قال الله تعالى : ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ الآية 2 من سورة المائدة،
وعندها تغلب الأنانية والفردية ، وتضيع الحقوق ولا تعرف الواجبات ولكن ملامح هذا المفهوم لم تتحدد أو تتبلور بصورة واضحة في اذهان البعض من العاملين في هذا المضمار ينبغي توضيح ماهية المسؤولية الإجتماعية ، لترسيخ هذا المفهوم لدى أفراد هذه الفئة او تلك المجموعة ، لانها هي نظرية أخلاقية قبل كل شيئ :قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم “الْمُؤْمنُ للْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ المرصوص يَشدُّ بعْضُهُ بَعْضًا” المسؤول الناجح الذي اعتاد على تحمّل المسؤولية سيعمل على حلّ المشاكل والأمور الشائكة التي يواجهها، وسيستطيع حلّها بدلاً من التذمّر أو لوم الآخرين، حيث يجب أن يكون القائد جديّاً للغاية في أوقات الأزمات والمشاكل في العمل.
و بأن أي كيان، سواء كانت مجموعة او منظمة أو فرداً، يقع على عاتقهم العمل لمصلحة تلك المجموعة او الكتلة ككل واذا استطاع اي شخص أن يتحمل مسؤوليتة بشكل كامل ونزيه فيهم فسوف يجد انه يعيش هو بسلام وهدوء نفسي كبيرمع المجموعة التي يعمل ويتعامل من اجلها ، أما إذا فشل او تماهل في أن يتحمل دوره في المجتمع فسوف يؤدي ذلك إلى فساد المجتمع وانهياره لذلك يجب أن يقوم على تحمل دوره بالكامل في المجتمع وهي واحدة من القيم الاجتماعية التي يجب أن يتمسك بها الفرد، حيث أن النجاح في تحمل المسؤولية يعني النجاح في العمل والنجاح في الحصول على ما يريد ومنح السعادة لمجتمعه وكسب رضاهم :- كما قال الكسندر جراهام بيل: و”إنَّ الاكْــــــــــــــــتِــــــشَافَـــــــــات والانجَــــــــازَاتَ العَظِيمَةَ تَحْتَاجُ إلَى تَعَاوُنِ الكَثِــيــــرِ مِنَ الأَيْــــــــدِي”

كما ان كل فرد فيهم تتطلب منه أن يعرف ما له وما عليه من حقوق حيث أنه يجب أن يعرف واجبه تجاه الآخرين والابتعاد عن الانانية والمصلحة الذاتية وعدم الاستهانة بالأمور، وتجنّب اتباع ثقافة التأجيل والتسويف. كما تعودنا مشاهدتها عند الكثير من الذين يعملون في حقلها ولا ننسى عمل “رِجالٌ صَدَقوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَیه :وادوا الامانة باخلاص وتفاني في العمل والجد في العطاء والابتعاد عن المحسوبية والمنسوبية وحتى العلاقات مع المسؤولين يجب ان تكون للصالح العامة لا استغلالها لاغراض شخصية و ان استحال له الامكان عليه ترك المهمة لغيره وهي من اصعب الاموروتحتاج الى روح متعالیة من الإيثار والتفاني وهي اخلاقية متميزة تجدهاعند القلة في هذا الوقت .

اما مسؤولية كل فرد واضحة جلية عن العمل الذي يقوم به اذا ما تم توزيع المهام بشكل صحيح وحسب القدرة والمقدرة والتخصص وقوته الشخصية والمقبولية المجتمعية ، سواء كان هذا العمل من أجل نفسه أو من أجل الاخرين ، و هو لا يتحمل تبعة عمل إنسان غيره اذا اخطاء، لكنه مسؤول عن الطريقة التي أتى بها هذا العمل أو ذاك بعد أن علم وتعلم سبل الخير في النصح والاهداء والشر في دفعه عنهم والمطالبة بحقوقهم اذا استوجب بكل حرص ودقة وبعيداً عن الخوف والتردد .

أن هذه المسؤولية الفردية لا تمنع الفرد أن يكون مسؤولا عن انحراف مسلك أقرانه في المجموعة اذا ما طرئت لهم وعليه تقويمها قبل فوات الاوان وعليه أن يتدخل بوسائل مشروعة ليمنع الجماعة من التمادي في الأعمال التي تضر المجتمع ، وهنا تتحول المسؤولية إلى مسؤولية ذات طابع جماعي، حيث إن هذه الجماعة ما هي إلا مجموعة الضمائر التي تربت في أحضان المدرسة الانسانية الحقة، فأوجدت المجتمع المتكافل والمتعاون الذي يعمل من أجل الخير والسلام.
كما أن الفشل في تحمل المسؤولية يعني فشله في حياته ويعني أنكساف وضرر لنفسه والآخرين. وفي الحقيقة هي التزام الشخص بما يصدر من تعهد خلال قبول تحمّل المسؤولية تجاه الأمور التي يقوم بها الإنسان، ممّا يؤدي إلى إيجاد شعور جيّد من الإنسان لنفسه ، من قول، أو فعل، وتم تقسيمه إلى أنواع، وهي المسؤولية القانونية، والأخلاقية، والاجتماعية، والدينية التي تبنى على اساس قدرة الشخص لتحمل نتائج تلك الممارسة او النشاط التي يقوم بها باختياره مع علمه المسبق بنتائجها . عندما يصبح الفرد مسؤولاً عن القرارات والخيارات المتعددة في شؤون الحياة سيؤدي ذلك إلى بناء الثقة بالنفس، وبالتالي القدرة على رسم مسار الحياة دون اتباع أحد، وعلى الفرد العيش للنفس والتوقف عن العيش لأحلام الآخرين
وتعتمد على الركائز التالية :

1- الرعاية: يعني الاهتمام بالآخرين، وإظهار الرحمة، والحنان تجاههم، فكل شخص راعٍ ومسؤول عن رعيته؛ كما هو حال الحاكم والمحكوم، والرجل والمرأة، والوالد والولد، وغيرها الكثير.

2- الهداية: تعد جزءاً من تحمل المسؤولية تجاه الآخرين، حيث تتضمن تقديم النصح والإرشاد لهم نحو القيم الاجتماعية السليمة، والدعوة للخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وليكون الأنبياء عليهم السلام القدوة المثلى للاقتداء بهم.

3- الإتقان: تتجلى بالإتقان أروع صور التعبد إلى الله والتقرب إليه، فالله يحب من عباده إتقان الأعمال على أفضل وجه ممكن، وإخراجها بأفضل صورة، ومراعاة الله عز وجل أولاً، والضمير ثانياً.

تعتبر المسؤولية الاجتماعية موجودة بجوهرها في جميع البلدان ولكن وجهات النظر حولها تختلف بين بلد وآخر، وفقاً لأداء الحكم واستراتيجيات الإصلاح الاقتصادي المطبقة. ففي بعض البلدان يكون التركيز على البحث عن حالة أعمال، بينما في بلدان أخرى تنشأ المسؤولية الاجتماعية نتيجة أو استجابة لضغوط وطلبات من المجتمع. ومع ذلك، ففي بلدان أخرى يكون النقاش مدفوعاً بحجة أخلاقية ومتجذراً فيها. بالتأكيد أن التغيير التدريجي لدور الحكم قد سلط الضوء على ضرورة الارتقاء بالمسؤولية الاجتماعية من عمل لغرض خاص وطوعي وخيري إلى عمل إنمائي مدروس ومنتظم يترك تأثيرات مستدامة ويدعم خطط التنمية الاجتماعية الاقتصادية للبلدان. لذا، فإن مشاريع التعليم وتمكين الشباب والتوظيف المدعومة الخاصة ازدادت في مناطق مختلفة من العالم ويعمل بها وتحولت من أعمال خيرية بسيطة وتبرعات إلى تنفيذ مشاريع إنمائية مستدامة.

ومن الممكن أن يتعدى مبدأ المسؤولية المجتمعية الى مفهوم الأعمال الخيرية العامة ليشمل توفير آليات فاعلة من شأنها التصدي للتحديات القائمة و إيجاد حلول للمشكلات التي تقف عائقاً في وجه النمو الاقتصادي ورفاه المجتمع على المدى الطويل. ولهذا تسعى بعض المجتمعات من خلال تسخير كافة الجهود والطاقات إلى وضع الأدوات والمهارات والخبرات في يد أبناء المجتمع وصولاً إلى خلق مجتمع المعرفة الذي من شأنه فتح الآفاق أمام المزيد من الفرص ، بل في قدرتها على الإسهام في عملية تنمية المجتمع وتحقيق المزيد من الازدهار والرفاه لأبناء المجتمعات العاملة فيها و بات من المحتم عليها الاضطلاع بمسؤولياتها الاجتماعية وتوسيع نشاطاتها لتشمل رعاية النشاطات الثقافية والفنية ومساندة الحملات التوعوية البيئية وتقديم المساعدات الانسانية وغيرها، المسؤولية الفردية والمسؤولية الاجتماعية واضحة والنزعة الأخلاق الفردية هي بمنزلة نزعة إيثارية، تسعى إلى تأويل الوازع الاجتماعي تأويلاً غيريًا باعتبًاره ضميرًا جمعيًا ، و لا تحابي أحدًا على حساب القيم الحاكمة للمجتمع، ولا تمالئ مهما بدا شأنه عاليًا أو مهما تعبأ بمال أو تغشى بهالة من متاع الحياة الدنيا ،و إنها مسؤولية عند الخيرين لا اعتبار لأحد إزائها إلا بالحق والعدل.

عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here