ماذا تفعل إذا أحسست أن أحد أحبائك مصاب بالخرف؟

تذكر أن الناس يستطيعون عيش حياة جيدة على الرغم من تدهور قدراتهم الإدراكية والمعرفية شرط حصولهم على دعم مناسب
إميلي غودارد

في الغالب يترافق التقدم في العمر مع تدهور الذهن والمدارك لكن الحب يستطيع أن يعوض ذلك (يونايتد أوستومي اسوشيشن أوف أميركا)

دعنا نفترض أنك ذهبتَ أخيراً لزيارة والدتك في منزلها. تقترح أن تقوم بتحضير الشاي بنفسك لأنها متعَبة وتشعر بالعطش بعدما أمضت نهارها خارجاً في الحديقة. لكنك عندما تذهب لإحضار الحليب من الثلاجة تجد مفاجأة غريبة هناك، إذ تعثر على مأكولات انتهت صلاحيتها وفرشاة الشعر الخاصة بوالدتك.

أنت تعرف أن والدتك تتباهى دائماً بمنزلها المنظّم وأن مكان فرشاة الشعر هو طاولة التزين الخاصة بها. يصبح هذا الاكتشاف أكثر إزعاجاً عندما تدرك أنها باتت كثيرة النسيان أخيراً، وتقوم بتكرار القصص التي حدثتك عنها للتو خلال مكالماتكما الهاتفية. وتلاحظ أيضاً وجود رسالة على طاولة الطعام متعلقة بفاتورة غير مدفوعة وتبدو والدتك انطوائية إلى حد ما. في حالة كهذه عليك أن تسأل نفسك السؤال المزعج التالي: هل يمكن أن تكون هذه هي العلامات الأولى لمرض ألزهايمر؟

إن رؤية شخص تحبه، وأقل ما يقال فيه إنه كان الشخص الذي يعتني ويهتم بك ذات مرة، وقد أخذت قدرته على الإدراك تتدهور بالطريقة القاسية المعروفة هي تجربة مؤلمة ومقلقة.  ومع ذلك، فإن التعرف على الأعراض وفعل شيء حيالها يعني أن وضع هذا الشخص يمكن أن يُشخّص، إذا لزم الأمر، ويتلقى المساعدة التي قد يحتاجها للحفاظ على سلامته. إذن، كيف يمكن لأحدنا أن يتصرف بطريقة حساسة ومفيدة إذا راودته مثل هذه الشكوك حول أحد أحبائه؟

متى يجب عليك طرح الموضوع؟

ربما يمكنك التحدث مع شخص ما عن أمور قليلة أكثر إزعاجاً من الحديث عن مخاوفك إزاء صحته، لكن في بعض الأحيان يكون هذا أفضل ما يمكنك فعله من أجله. على أية حال، قد يكون من الصعب معرفة الوقت المناسب لفتح هذا الحديث.

يقترح الدكتور تيم بينلاند، رئيس إدارة المعرفة في جمعية “مجتمع الزهايمر” الخيرية، أن الوقت الملائم لبدء التفكير في الحديث عن الموضوع هو عندما ترى أن الشخص يتعرض لتغير يثير القلق أو يبدأ في التأثير على جودة حياته. عليك مراقبة أفعاله، مثل التغييرات في الطريقة التي يقود بها السيارة، على سبيل المثال، أو إذا كان يتعرض لحوادث بسيطة في المنزل، مثل ترك الطبّاخ مفتوحا. ويضيف “إذا كانت هذه الأمور تسبب لك القلق، فهذه هي المرحلة التي ستودّ فيها طلب مساعدة المختصين وفعل شيء ما حيال الوضع”.

كيف يمكنك خوض تلك المحادثة؟

ربما كان الشخص يشكّ سلفاً أن هناك خلل ما، بينما قد يعتقد البعض الآخر أن كل الأمور على ما يرام. في كل الأحوال، من المهم أولاً أن تسأل نفسك إذا كنت الشخص المناسب لفتح هذا الحديث. إذا كنت كذلك، فاختر الوقت والمكان الملائمين. يقول بينلاند “ابحث عن مكان هادئ بعيداً عن أي عوامل قد تشتت الانتباه. في حال وافق الشخص على أنه بحاجة لرؤية الطبيب، من الجيد أن تجري المحادثة في أوقات عمل العيادة كي تحجز الموعد مباشرة”.

يوضح بينلاند أن الحفاظ على الهدوء والنبرة المطمئِنة أمر بالغ الأهمية، لافتاً إلى أننا ” نقول للناس، ابدؤوا الحديث عن العموميات… لا تباغتوا الشخص مباشرة وتقولوا ’ أعتقد أنك مصاب بالخرف’. حاولوا أن تقولوا ’ أنا قلق قليلاً بشأنك، أو هل لاحظت أي تغييرات مؤخراً؟ وربما يمكنكم إعطاء أمثلة محددة على الأمور التي تقلقكم”.

إذا وافق الشخص على رؤية الطبيب ، فهذه خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح لأن المساعدة متوفرة للناس. في كل الأحوال، يصبح الأمر أصعب قليلاً إذا رفض الشخص طلب المساعدة الطبية. يمكنك الذهاب إلى الطبيب الخاص بالمريض وإخباره أنك قلق، لكن تذكر أن الطبيب لن يستطيع مشاركة المعلومات معك بسبب الأمانة الطبية وخصوصية المرضى.

ينصح بينلاند بأن يرافق شخص يعرف المريض جيداً في زياراته للطبيب، من أجل توفير الدعم له رسم صورة أوضح للحالة في بعض الأحيان، قائلاً “ربما لاحظ الابن، أو الابنة، أو الشريك.. إلخ بعض الأمور، وإذا وافق الشخص على حضورهم أيضاً، فبإمكان الطبيب مشاركتهم المعلومات “.

كيف تستطيع تقديم الدعم العاطفي؟

لا تقلّل أبداً من تأثير حضور مراجعة والاستماع إلى حديث شخص ما عن مشاعره. يقول بينلاند ” ستكون هناك تقلبات عاطفية.. لكن حاول أن تتخيل قدر الإمكان ما يمكن أن يكون عليه الأمر بالنسبة لهم وهم يخضعون للتقييم إذا كانوا مصابين بالخرف، فهذا تشخيص مرضي يغير حياتهم”. كما يقترح عدم استباق الأمور ولكن السير خطوة واحدة في كل مرحلة.

على الرغم من ذلك، قد توجد حالات لا يكون فيها الشخص راغباً في التفاعل ويمكن أن ينتابه الغضب. يقول بينلاند “بإمكان الأطباء والممرضات وعلماء النفس وخط المساعدة الخاص بنا مساعدة الناس على فهم التشخيص والتكيف معه. التحدث إلى شخص ما يمكن أن يكون مفيداً حقاً على المدى الطويل”.

أنت لست وحيداً

من الشائع بالفعل بين الأشخاص الذين يدعمون شخصاً مصاباً بالخرف ألا يهتموا بأنفسهم كما ينبغي، بالإضافة إلى شعورهم بالذنب إذا أعطوا الأولوية لأنفسهم.  لكن المساعدة متوفرة. يذكر بينلاند ” تواصلوا مع الناس، هل يمكنكم أن تطلبوا من أحد الجيران أو الأصدقاء المساعدة في التسوق أو أداء الواجبات؟ هناك أيضاً مجموعات دعم ومجتمعات إلكترونية للأشخاص الذين يقدمون الرعاية. قد يجعلكم الوضع منعزلين لكن لا تشعروا أن عليكم التعامل مع الأمر لوحدكم.  إن انهيار مقدمي الرعاية هو مشكلة حقيقية”.

الأهم من ذلك، لا تنس …

أنه مع الحصول على الدعم الصحيح، يستطيع الناس أن يعيشوا حياة جيدة على الرغم من إصابتهم بالخرف. التشخيص هو الخطوة الأولى في الوصول إلى هذا الدعم عند الحاجة إليه ويزيل بعض الشكوك التي قد تساورالشخص وعائلته. وقد يكون التشخيص سبباً يجعلهم يمضون قدماً ويواصلون حياتهم.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here