آفات إجتماعية قاتلة ( 41 ) الجياع بين إنتهازية المعارضات المليونيرية وديكتاتوريات الحكم المليارديري !

((إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ)) .

احمد الحاج

يعيش العالم العربي هذه اﻷيام حالة من الغضب والغليان أشبه ما تكون بتلك التي عاشها عام 2011 والتي أسفرت فيما بعد عن سقوط الرئيس زين العابدين في تونس ، والرئيس حسني مبارك في مصر ، والقذافي في ليبيا ، وعلي عبد الله صالح في اليمن ، كأحجار الدومينو واحدا تلو اﻵخر مع بقاء آخرهم إبن بائع الجولان والقنيطرة للكيان الصهيوني في حزيران من عام 1967، حفيد النصيري سليمان الاسد ، الذي طالب بحسب الوثيقة الفرنسية المحفوظة في خزانة الخارجية (رقم 3547 الصادرة في 15/ 6 / 1936 ) والتي كان قد كشف عنها السفير الفرنسي في مجلس اﻷمن ، جرار آرو ، في وقت سابق وتتضمن خمس نقاط تطالب بمجملها ببقاء الانتداب الفرنسي على سورية وعدم رحيل القوات الغازية عنها والإمتناع عن منح البلاد إستقلالها بذريعة الخشية من إضطهاد اﻷقليات على يد اﻷغلبية العربية السنية هناك ، أقول ظل بشار اﻷسد رئيسا على بقايا دولة ينعب في خرائبها البوم بمباركة الدب الروسي ومساندته ، تنعق على أنقاضها وتحلق في أجوائها وتجوب بمياهها غربان عشرات الدول اﻷجنبية الغازية التي يدعم كل منها فريقا من المتحاربين المحليين واﻷجانب على اﻷرض السورية المنكوبة ضد خصومهم الدوليين والاقليميين ها هناك فيما الشعب السوري المسكين أصبح مشردا ” داخل بلدو وخارج بلدو ” كما يقولون بلهجتهم الدارجة ، وبما أن الشيء بالشيء يذكر فدعوني أنوه الى أن الاقلية النصيرية التي تطلق على نفسها زورا وبهتانا لقب العلوية وما هي بعلوية وﻻيحزنون، تعود بجذورها الى الطائفة الاسماعيلية ، ونسبتها لاتتعدى ” 12 % بحسب المعلن فيما نسبتها الحقيقية من مجموع سكان سورية لايتجاوز 7% ” ، لقد مكنت الماسونية العالمية هذه اﻷقلية من قيادة حزب البعث السوري الذي تمكن بدوره من مقاليد الحكم هناك للعمل على إقصاء الكرد قوميا ، تهميش العرب السنة طائفيا مع أنهم اﻷغلبية المطلقة التي تشكل ( 80 % ) من نسبة السكان بزعم ( فصل الدين عن الدولة ) و ( الدين لله والوطن للجميع ) فيما الحقيقة الدامغة التي ينتهجها هي ( فصل اﻷغلبية الجماهيرية عن الدولة ) و ( الدين لله والوطن للحزب الحاكم ) ، على العكس تماما مما قامت به – أي الماسونية – في العراق من تمكين أقلية عشائرية ومناطقية سنية صغيرة دونا عن بقية السنة من العرب والكرد وما أكثرهم لقيادة البعث العلماني الذي أسسه مسيحيو الشام ثم أقصوا عن قيادته في كل من سورية والعراق لحسابات تتعلق بدول إسلامية لايُستساغ حكمها بأقلية من ديانة أخرى بوجود المستعمرين ممن يتشدقون بهذه الديانة السماوية إدعاء ﻻ إتباعا بطبيعة الحال ، هذه الديانة التي يحترمها المسلمون ويصلون على نبيها ورسولها الكريم عيسى عليه السلام وعلى أمه مريم العذراء البتول في قرآن يتلى آناء الليل واطراف النهار الى قيام الساعة ، ديانة عاش أتباعها معهم قرونا بأمان وسلام يشاطرونهم أفراحهم وأتراحهم ، إدعاء المستعمرين على نحو ما فعله الجنرال الفرنسي غورو عند قبر صلاح الدين الايوبي في دمشق بعيد إحتلالها قائلا قولته الشهيرة ( ها قد عدنا ياصلاح الدين ) ، وكذلك ما تفوه به الجنرال البريطاني اللنبي عام 1917 بعد إحتلال القدس ( اليوم إنتهت الحروب الصليبية ) وما إدعاه بوش الصغير وادارته من بعدهما ، علاوة على أن الذاكرة الشعبوية متخمة بقصص الحروب الصليبية وفترة الانتداب اﻷوربي الاستعماري لعموم المنطقة -ﻻحظ أنا هنا أتحدث عن خلاصة الفكر الماسوني في تنصيب قيادات اﻷنظمة العلمانية فأرجو الإنتباه لذلك لطفا ﻻ أمرا – وذلك لإقصاء الكرد والتركمان قوميا ، تهميش العرب الشيعة طائفيا ، التضييق على العرب السنة المتدينين علمانيا ،فضلا عن إزاحة اليساريين والشيوعيين أيام الحرب الباردة بين المعسكرين الرأسمالي والاشتراكي سياسيا وحزبيا من مجمل المشهد السياسي في العراق ذاك أن الماسونية تحرص على أن تكون اﻷحزاب العلمانية الحاكمة بقيادات إما مناطقية ، أو أقلية ، أو عشائرية ، أو طائفية أو عسكرية – مصر وحكم العسكر مابعد العهد الملكي أنموذجا ، سورية والعراق ما قبل وبدايات حكم البعث أنموذجا أيضا – حتى تؤدي دورها كاملا في تكميم اﻷفواه وسحق المكونات من اﻷغلبية واﻷقلية على سواء سحقا لانهوض بعده كطائر الفينيق من تحت الرماد أبدا ، وها قد بدأت عواصف ما يسمى بالربيع العربي الثاني جلية في الجزائر والسودان ﻷول مرة وبالفعل فقد أطيح بكل من بو تفليقة وعمر البشير ، فيما هب مجددا على كل من مصر وليبيا لتغيير مراكز القوى بزعم تصحيح المسارات يؤججها ويقودها في مصر المليونير الفنان والمقاول المعروف محمد علي ، من إسبانيا بعد أن قادها قبل ثماني سنين المليونير الحاصل على نوبل للسلام على خلفية تدميره للعراق وتسهيل احتلاله ، محمد البرادعي ، عن طريق ذراعه الالكترونية الضاربة والتي كانت تتولى إدارة المكتب الاقليمي لغوغل للشرق الاوسط وشمال افريقيا من دبي ، وأعني به ، المهندس وائل غنيم، ومرتبه 30 الف دولار شهريا آنذاك والذي ظهر قبل أيام يدخن الماريجوانا وهو عاري الصدر ، حليق الرأس في محاولة خائبة منه للتشبه بالمهاتما غاندي علنا عبر بث مباشر على الفيس بوك فيما كان يتحدث عن الثورة الجديدة المرتقبة ربما ليحجز له مقعدا في كابينتها الحكومية المقبلة في حال نجاحها لم يتمكن من حجزه قبلا في ثورة 25 يناير السابقة ( بالمناسبة البرادعي هذا حاصل على الدكتوراه في القانون الدولي وﻻعلاقة له بالطاقة الذرية التي تولى إدارة وكالتها الدولية ﻻمن بعيد وﻻ من قريب ) ، وﻻ أستبعد من عودة أعاصير الخريف العربي الذي يفترض به أن يكون ربيعا مشرقا تتفتح فيه اﻷزهار ، ﻻ خريفا كئيبا تتساقط فيه اﻷوراق وتذبل الأشجار ، أو ظهوره في أماكن أخرى قريبا جدا ، لتطبيق حدود سايكس بيكو جديدة على وفق خارطة برنارد لويس الانشطارية للوطن العربي والتي تهدف الى تقسيم المُقسم ، وتصغير المُصغر بما نجح بتحقيق جزئه اﻷول المفكر والفيلسوف اليهودي الفرنسي برنار هنري ليفي ، في عهد أوباما الديمقراطي النازل ،ليكتمل في عهد ترامب – ابو كذيلة – الجمهوري الصاعد ، وأضيف وللحيلولة من دون تحول الربيع الى خريف بجزئه الثاني كما حصل في الماضي القريب ليتمخض عن ملايين النازحين والمهجرين داخل وخارج البلاد التي فار تنورها غضبا على خلفية الجوع والتضخم والبطالة وليس بسبب الايدولوجيات الوافدة ،خلف مئات الالوف من القتلى والجرحى والمعاقين ، ومثلهم من الجياع والمحرومين بسبب غياب الخبز ، الحرية ، العدالة الاجتماعية ، وليس من جراء الطروحات الخامدة واﻷفكار السياسية الهامدة ، مع رجوع كل بلد ما لايقل عن 500 عام الى الوراء وعلى المستويات كافة نتيجة تهور الحاكم وعدم إنصياعه لمطالب شعبه المشروعة أو التنحي عن سدة الحكم الجمهوري الذي أصبح وراثيا وعشائريا على خطى اﻷنظمة الملكية ، ولكي لايتكرر هذه المشهد المقيت في العراق المبتلى بالحروب والكروب منذ عقود طويلة ،وبصراحة تامة أقول ” عندما يتظاهر الجياع فعلى من يركب موجتهم من اﻷحزاب والجماعات السياسية المؤدلجة والموجهة إقليميا أو دوليا أن يكون واثقا تمام الثقة من إنقاذهم وإيصالهم الى بر اﻷمان ، وتحقيق مطالبهم ، ورعاية مصالحهم واﻻ فعليه أن يتحمل كامل المسؤولية عن الكارثة التي ستلحق به وبهم عاجلا او آجلا ، وإن كنت أعجب فعجبي من جهات سياسية تكرر أخطاءها وخطاياها بنفس الحماقات وكأنها لم تخض تجارب مريرة سابقة ولم تر بأم عينها التي أصابها الرمد ماحل بمن حولها من مصائب وكان يفترض بها أن تتعلم الدرس جيدا كما ينبغي له أن يُتَعَلم لتلافي تداعياته مستقبلا لا أن تعمل على إستنساخ التجارب على عواهنها وبمنتهى الغباء من غير مونتاج وﻻتنقية يعمي أبصارها بريق السلطة واللهاث المجنون الى كرسيها الذي ما دام ولن يدوم ﻷحد قط من دون دراسة العواقب المترتبة على هذا الجري المحموم غير محسوب التبعات ولو على سبيل الإحتياط !
بدورهم فإن جياع العراق والوطن العربي اليوم أبتلوا بصنفين من البشر “صنف المُثَبطين “و ” صنف المبشرين الوهميين ” ، ففيما يعمل الصنف اﻷول على إحباطهم والفت في عضدهم وﻻيفتأ يردد على مسامعهم عبارات نحو ( قد أسمعت لو ناديت حيا ، وما يفيد الحكي ،إرض بالمقسوم ، المكتوب على الجبين لازم تشوفه العين ، وما أدري إيش ) ، يقوم الصنف الثاني بإشاعة كم كبير من المبشرات الوهمية لتهدئة الجماهير حين تشتعل سورات غضبهم وبغية تخديرهم ، مبشرات لا وجود لها على أرض الواقع وﻻ حتى في أدمغة الإنتهازيين والفاسدين من المسؤولين المتنفذين فيكثر من شائعات ” زيادة الرواتب التقاعدية ، توزيع أراض سكنية بين الفقراء ، تثبيت أصحاب اﻷجور والعقود على الملاك الدائم ، إعادة المفسوخة عقودهم الى الخدمة ، زيادة رواتب الموظفين ،تعيين أصحاب الشهادات العليا فورا ، أضافة لحوم العجول والديك الرومي والغزلان مع البيض اﻷحمر والابيض إضافة الى السمك المسكوف لمفردات الحصة التموينية ، توزيع نسبة من النفط بالدولار بين المواطنين ، محاربة الفساد والفاسدين والقضاء عليهم ….الخ ) هذان الصنفان هما من أحط ما يمكنك أن تتخيله ، واذا ما أردت ان تنجح بالحصول على حقوقك كاملة غير منقوصة وﻻ أقول مطالبك ﻷن السكن حق ، العلاج حق ، التعليم حق ، اﻷمن حق ، العدل حق ، الخدمات حق ، الكهرباء حق ، شرب المياه الصالحة حق ، الحصول على فرص عمل شريفة حق ، وهذه كلها ليست مطالب ، هذه حقوق – وغصبا على أكبر شارب تنفيذها – فعليك أن تفرق بين المطالب والحقوق أولا ، أن تحذر من المثبطين والمبشرين الوهميين ثانيا ، أن تمنع المترفين المشاركين بمأساتك من قيادتك كليا ونهائيا ، ثم بعد ذلك أخرج وأحتج وأنت طاهر مطهر من كل أدران الضعف وتداعياته واﻻ ..ما فيش فايدة غطيني ياصفية كما جاء على لسان سعد زغلول ، علما بأنني لا أحب هذا الرجل ولنفس اﻷسباب السالفة – متخم ينتسب الى حزب مترف يقود جموع المحرومين والمهمشين – !
ثورات الجياع اذا ما تركت هكذا لوحدها بلا قيادة حتى فإنها ستنجح نجاحا ساحقا ﻷن محركها هو الجوع الذي لايُقاوم ، الجوع الذي يوحد المكونات ولايفرقها بخلاف الايدولوجيات ، إذ ليس للفقراء والمحرومين ما يخسرونه إطلاقا سوى بطونهم الجائعة ، أكواخهم الطينية ، خيامهم ، كانتوناتهم فإذا ما سُيست ، أدلجت ،حُرفت ثورتهم عن مسارها سُحقت ، فكفاكم ركوبا على ظهور الجياع طمعا بالحكم أيها المليونيرات ومن جميع الاتجاهات فأنتم سبب رئيس في جوعهم وحرمانهم فأنى لكم قيادتهم إنطلاقا من أبراجكم العاجية وقصوركم الشاهقة وفللكم الفارهة ، وكم أتمنى أن تكون ثورة الجياع ضد البرجزة إبتداءا ، بوجه الارستقراطية والإقطاع وأساطينهما وإن كانا محكومين حاليا أمثالهم أكثر من الثورة على الحاكم !
سيقول قائل من الطبقة الأوليغارشية – حكم العوائل واﻷقليات – أو من الطبقة البلوتوقراطية – حكم الاثرياء -أو من الأرستقراطية ، سواء من اليمين أو اليسار ” ولكن الجياع بمجرد أن يُطعَموا أو يوعدوا بالإطعام توقفوا !!”وأقول ذاك ﻷن مفهوم الجوع عندكم هو – لفة فلافل وقوطية بيبسي- فيما مفهوم الجوع عندهم هو الحاجة الماسة لـ ( السكن ..التعليم ..الصحة ..الخدمات ..النقل ..اﻷمن ..العدالة الاجتماعية ..فرص العمل ، المساواة في الحقوق والواجبات ) وهذه لن تتحقق بوعد يُقطع لجموعهم الغاضبة كذبا وإدعاءا في خطبة عصماء – شلالية – بالجموع المليونية الغاضبة ، من العار أن يثور الجياع إنطلاقا من عشوائياتهم وخرائبهم وازقتهم الضيقة الغارقة بالنفايات في كل مرة ليأتي المترف من قصره العامر ، بموكبه الزاخر ، بثوبه وعطره الفاخر وكلها من أموال الفقراء وعرق جبينهم ، محاولا إمتطاء ظهورهم وقيادة من لايمتلكون خبزا وحنانا طمعا بكرسي الحكم ، جاه الحكم ، منافع الحكم أو حتى مجرد وعد بـ ..وزارة أو مقعد نيابي في هذه الحقبة من الحكم ..نعم لابأس بأن يتعاطف معك المليونيرات ، أن يدعمونك ماديا ومعنويا ، أن يقفوا الى جانبك ، أن يُنَظِروا بما ينفعك ، ولكن أن يقودونك لا وباﻷخص اذا ماكانوا جزءا لايتجزأ من مأساتك اليومية تؤيد ذلك اﻵف الشواهد المنظورة والمعلومة بداهة بما لايحتاج معها الى التذكير !
أيها الجياع كفاكم – استغفالا – فإن مدعي المعارضة من المليونيرات في صفوفكم أخطر عليكم من المليارديرات الحاكمة أنفسها وهم أولى بالتقويم والوقوف بوجوههم من غيرهم ، إنها سياسة عكس البوصلة لإزاحة “الهمبلة” قبل الشروع بالاصلاح الحقيقي ونيل الحقوق والمطالب المشروعة من كلا الفريقين – المليونيري والمليارديري – على سواء بخلاف ذلك ستظل تتظاهر، تعتصم ، تضرب عن العمل ، تواصل وقفاتك الاحتجاجية وﻻ من مجيب ..أصلح فكرك ، قوم منهجك ، أزح من لم يَجُع ، لم يَتعَر ، لم يتشرد ، لم يمرض بفقدان الدواء والغذاء معك تنجح ، أشرك المتخمين المليونيريين في أمرك ولو وافقوا هواك وطائفتك تفشل فشلا ذريعا فهل من معتبر ؟ !اودعناكم اغاتي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here