أمانة بغدا د وحرب العشوائيات والبسطيات!

علاء كرم الله

كلنا نتمنى لبغداد الخير وأن تعود لها العافية وأن تعود لسابق عهدها حلوة وجميلة ومنظمة ومرتبة ولم لا فهي تستحق أن تكون ذلك وأكثر ألم تكن هي أميرة زمانها، ألم تكن هي حاضرة الدنيا وعنوان المجد والتاريخ التليد. ولكن ماذا تقول للزمن الذي دار دولابه عليها بكل قسوة وبكل لؤم، وماذا تقول لحماقات حكامها والسياسات المجنونة وما فعله بعض من أبنائها العاقين الذين كانوا كمعول يدمر بها من الداخل وينهشها بقسوة أكثر من أعدائها وحسادها الخارجيين الذين كانوا يتربصون بها كل شر، وما أكثرهم ( قتيلك قالت أيهم فهم كثر)!، فلم يبق منها ألا بقايا دولة كانت قبل سنوات لها طنة ورنة وهيبة وقوة بين العالم!. وللدخول في موضوع مقالنا الأسبوعي نقول: أن أعادة تنظيم بغداد وأعادة شيء من الجمال والترتيب لها، يكون بالتخطيط والعقل والنظام ووضع الدراسات العلمية والهندسية لها والأهم أن يكون ذلك بالروح الوطنية العالية وبحب العراق ككل وعاصمتها بغداد بصدق، لا أن يكون بفوضى الشفلات والتراكتورات، وأرهاب السلاح وقوة العسكر ورجال الأمن وعناصر الحشد الشعبي كما تقوم به الآن أمانة بغداد!. فعمل أمانة بغداد لا تلمس وتشعر بصدق رغبتهم بالتنظيم وأعادة البناء بل تشعر بأنه نوع من الأرهاب الأنساني الذي تمارسه الدولة وأجهزتها ضد أبناء الوطن!. أن حرب العشوائيات والبسطيات! التي تشنها أمانة بغداد، والتي كنا نتمنى منها قبل حربها هذه، أن تكلف نفسها بردم الحفر والمطبات التي تملأ الشوارع والتي لم تفكر أصلا بأعادة أكساء شوارع بغداد المخربة، كما وأن تفكر في كيفية تنظيف بغداد من ملايين الأطنان والأزبال والنفايات التي تغطي وجه بغداد وكل المحافظات التي تخنق النفس بروائحها الكريهه. منظر الأزبال ومكبات النفايات التي تتوسط العاصمة صار المشهد المألوف للعاصمة بغداد. ونسأل أمانة بغداد، أليس منظر اطنان الأزبال والأوساخ يشوه منظر العاصمة بغداد أكثر من منظر العشوائيات وأصحاب البسطيات؟!. أن أمانة بغداد وبشهادة اهل بغداد أنفسهم تعتبر أحدى الكوارث السرطانية التي دمرت بغداد وقتلت بها أية بسمة أمل للجمال والتنظيم والترتيب!. المضحك المبكي أن أمانة بغداد تركت كل شيء، وتشطرت وأستقوت على أهالي العشوائيات وأصحاب البسطيات لتشن حربها القذرة واللاأنسانية عليهم، لتشرد هؤلاء وتقطع أرزاق هؤلاء، دون أن تفكر بالبديل لهم!.،وقد أظهرت الفضائيات ووسائل الأعلام مشاهد كثيرة عن أثار هذه الحرب!، وخاصة بالمحافظات فالكثير

من العوائل ظلوا في العراء بعد أن تم هدم بيوتهم!، وطالبوا الحكومة بتوفير الخيم على أقل تقدير!. أن الشيء المحزن في صورة أهل البسطيات أن غالبيتهم من الخريجين الذين لم يجدوا أية فرصة عمل داخل وطنهم المنهوب!. نحن لسنا مع أنتشار العشوائيات ولسنا مع مناظر خريجي الجامعات المؤلم ليفترشوا هذا المكان وذاك ببسطيات من أجل قوتهم وقوت عوائلهم . نحن مع أمانة بغداد في أعادة تنظيم بغداد، ولكن ليس بهذه الطريقة القسرية واللاأنسانية. أن أزالة العشوائيات وأصحاب البسطيات بهذه الطريقة الفوضوية سوف لن يحل المشكلة بل سيولد مشاكل أخرى لربما أكثر خطرا على المجتمع!. الكثيرين وجهوا اللوم الى أمانة بغداد وطريقتها المرفوضة في أزالة العشوائيات والبسطيات، وحتى أن البعض قال ومن خلال الفضائيات وكل وسائل الأعلام، كان الأولى بأمانة بغداد أن تزيل تجاوزات الأحزاب السياسية ومقراتهم التي سيطرت على كل شبر في بغداد!؟. الأكثر ألما في المشهد التراجيدي والحزين والغير الأنساني لأزالة ساكني العشوائيات وأصحاب البسطيات هو تصريح رئيس الحكومة ( عادل عبد المهدي)، الذي زاد من حرارة قلوب العراقيين وأنفلات اعصابهم عندما (عبر عن عدم رضاه لما تقوم به أمانة بغداد! قائلا: بأن هذا غير صحيح!، ويجب تهيئة البديل قبل الشروع بأزالة اهل العشوائيات وأصحاب البسطيات!!). تصريحه هذا بقدر ما يحمل من الألم الشيء الكثير بقدر ما أثار السخرية!، فكأن الأمر لا يعنيه وكأن الموضوع ليس في العراق الذي هو رئيس حكومته، بل في جزر الواق واق!. أن مشكلة العشوائيات وأصحاب البسطيات التي زادت كثيرا من تشويه صورة بغداد التي لم يبق من زمانها الجميل ألا بقايا هنا وبقايا هناك ، لها أسبابها التي يجب ان ينظر أليها بالعقل والمنطق وبشيء من الأنسانية. فأذا كانت أزمة ومشكلة أهالي العشوائيات تعود الى ما بعد الأحتلال الأمريكي للعراق في 2003 ، بسبب الفوضى التي عمت العراق ولا تزال بسبب من أهمال الحكومات التي قادت البلاد لكل شيء وأنشغالها بمصالحها ومصالح أحزابها فقط، والتي لم تفكر في موضوع التنظيم السكاني لبغداد ولا للمحافظات، وكذلك بسبب ضياع هيبة الدولة وفقدان القانون وسطوة وسيطرة لغة العشيرة. أما أزمة ومشكلة أصحاب البسطيات فيعود تاريخها الى تسعينات القرن الماضي! بسبب الحروب والحصار وأنعكاساتها على الوضع الأجتماعي والأقتصادي وقلة فرص العمل وتدني الرواتب وأرتباك الدولة آنذاك، فبدأت ظاهرة البسطيات تنتشر وتكبر وتزداد مساحتها رغم محاولات الدولة حينها لأزالتها أيضا. أن الحلول لهاتين المشكلتين بسيط بل وبسيط جدا!!، لو كان للدولة والحكومة والأحزاب السياسية روح وطنية عالية وحب حقيقي للعراق وشعبه!، فأن أعادة فتح المعامل والمصانع التي تم غلقها بعد الأحتلال الأمريكي للعراق والتي تقارب أعدادها أكثر من 6600 معمل ومصنع، وبناء عدد جديد من المصانع والمعامل

وحسب متطلبات الأوضاع الأقتصادية والتطور الجديد والأحتياجات المطلوبة، وبناء الأسواق النظامية لهم، فأن مثل هذه الأجراءات، كافية لا أن تحل أزمة أصحاب البسطيات فحسب بل وتحل أزمة العاطلين بشكل جذري وكامل!، كما ان أعادة التنظيم السكاني لأهالي بغداد وبناء عدد من المجمعات السكنية وبدعم من الدولة العراقية الغنية بواردات النفط!، كافية لا أن تحل أزمة ومشاهد العشوائيات فحسب بل أن تحل أزمة السكن العراقي المتفاقمة منذ عام 1971!. وهذا ليس بالصعب والمحال، فوجود بلد مثل الصين التي أثارة العالم أجمع بما تقدمه من حلول سريعة لكل مشكلة وأزمة وبتكنلوجيا متقدمة، كافية أن تحل كل مشاكلنا وأزماتنا الخدمية وبنانا التحتية، لو أستقدمنا عدد من شركاتها. وما دامت حكومتنا تنوي فتح أفاق مستقبلية معها وخاصة في الزيارة الأخيرة لرئيس الحكومة للصين، فهذه الصين العظيمة والعجيبة قادرة فعلا أن تجعل بغداد جنة حقيقية، وخلال بضع سنوات، وأن تحل كل أزماتنا ومشاكلنا بدأ من الكهرباء وأنتهاء بالازبال والأوساخ، مقابل عشرات المليارات من الدولارات وحتى بالدفع بالآجل!. نقول هذا أذا كانت الحكومة والأحزاب السياسية تنوي حل مشاكل العراق وأزماته بشكل جاد وحقيقي وصادق!؟. ولكن هل ستسمح الدولة العميقة التي تقود العراق بذلك؟؟؟. نعود الى امانة بغداد ونقول ( أطلب المستطاع تطاع) أن مشاكل العراق كثيرة فلا تضيفوا وتخلقوا مشاكل جديدة لها، ووفروا البديل المعقول والمناسب قبل أقدامكم على مثل هكذا أجراءات لا أنسانية، فعندها كلنا سنكون معكم. وعلى الحكومة والأحزاب السياسية التي تقود البلاد ومعهم أمانة بغداد أن يعلموا ويتيقنوا بأن الحاجة والجوع والفقر والظلم والتشرد يولد الكفر والجريمة. وأخيرا شكرا لأمانة بغداد على دماركم وخرابكم لبغداد!.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here