اعتداء سافر وصارخ!

محمد عبد الرحمن

اعتداء القوات الأمنية قبل يومين في بغداد وهي تفض بخراطيم الماء الساخن المخلوط بمواد غير معروفة، وبالضرب المبرح والكلام البذيء، التظاهرة السلمية لذوي الكفاءات من حملة الشهادات العليا، اثار الكثير من ردود الفعل الغاضبة والمستنكرة والمستهجنة لهذا العمل غير المبرر على الإطلاق .

فهو اعتداء وقح وانتهاك فظ لحقوق المواطن الذي سدت امامه كل الأبواب، فافترش الشارع في مسعى لانتزاع حقوقه بالضغط على أصحاب القرار، وتأمين فرصة عمل توفر لقمة العيش له ولعائلته .

ان على من من يقفون وراء اقتراف هذا الاعتداء المخزي وغير الإنساني، ومن دعمهم وساندهم، ان يتذكروا جيدا ان القمع والقسوة وأساليب البطش والتنكيل واستخدام الرصاص الحي والماء الساخن وارسال الطائرات المروحية واعتقال الناشطين والمتظاهرين وانتزاع البراءات وتهديد الموظفين والعاملين في الدولة ومعاقبة البعض منهم لمجرد مشاركتهم أبناء شعبهم همومهم، ان هذا كله وغيره لن يخمد جذوة الاحتجاج والتظاهر والاعتصام. فأساس الاحتجاج ماثل في تزايد نسب البطالة ومعدلات الفقر، وفي بؤس نظام الحماية الاجتماعية وعدم توفير فرص العمل، وفي التمييز بين المواطنين وسوء الخدمات وتفشي الفساد والمحسوبية والمنسوبية. كذلك في الهدر الكبير للمال العام، وتبديد ما يتجاوز ٣٥٠ مليار دولار على مشاريع اما فاشلة او متلكئة او وهمية.

ويقينا ان الأوضاع ستزداد سوءا اذا ما استمرالمنهج الراهن في الحكم، وتمسك الفاشلون والفاسدون وغير الكفوئين بمنصة القرار، واذا ما تواصل غياب الاستقرار السياسي والأمني، و الخطط الفاعلة للتنمية ومجمل التخطيط الاقتصادي العلمي المدروس، الى جانب تجاهل إعادة تأهيل الزراعة والصناعة والخدمات الإنتاجية، وترك الباب مفتوحا امام الاستيراد العشوائي برغم ما الحق من أضرار بالغة بالمنتج الوطني، الذي ظل من دون حماية كافية .

ان هذا جميعه وغيره هو ما يعيق تحقيق تنمية حقيقية، توفر فرص عمل في القطاعين الخاص والعام. ومؤكدٌ ان ليس بين أسباب الإعاقة هذه من قريب ولا من بعيد، ان يطالب المواطنون سلميا ودستوريا بحقوقهم العادلة والمشروعة .

تقول المعطيات ان إعداد ذوي الكفاءات من حملة الشهادات العليا لا تزيد عن ٤٠٠٠ شخص، فهل الدولة عاجزة حقا عن توفير فرصة عمل لهم؟ وهل هي حقا لا تتوفر على السيولة المالية الضرورية لذلك ؟! واذا كان الامر يتعلق صدقا بتوفر المال، فاننا نتطوع هنا بنصح الجهات المعنية صاحبة القرار بالعمل على :

– تقليل إعداد الدرجات الخاصة والمستشارين في الرئاسات الثلاث والوزارات والحكومات المحلية ومجالس المحافظات والإبقاء فقط على الضروري منها. كذلك تقليص الامتيازات والمخصصات المختلفة والحد من الانفاق الحكومي. وان يشمل ذلك مؤسسات الدولة العراقية جميعا.

– وقف استحداث هياكل إدارية ومؤسسية جديدة لا جدوى منها ولا حصيلة لها سوى هدر المال العام .

– استرجاع المال العام المنهوب ومحاربة الفساد بخطوات جادة وملموسة .

– التحكم بالمنافذ الحدودية وموارد الكمارك وابعاد يد الخارجين عن القانون والمسلحين عن الهيمنة عليها .

– بيع أرتال السيارات الحكومية التي لا حاجة الى الكثير الكثير منها.

– وقف شراء السيارات المصفحة .

– تفعيل الجهاز الضريبي، خاصة ما يتعلق بالضريبة التصاعدية، ووقف الإعفاءات الضريبية التي تخدم مصالح معينة .

– وقف تهريب النفط والعملة.

هذه وغيرها من الإجراءات يمكن ان توفر الكثير من المال، ان كانت الحجة فعلا عدم توفره. ولكن هل تتوفر الإرادة، والارادة السياسية في المقدمة، للإقدام على هذه الإجراءات ؟

أخيرا نقول: اذا كان من اتخذ قرار فض تجمع ذوي الكفاءات بتلك القسوة، أراد منه توجيه رسالة معينة، فقد اخطأ وجاءت رسالته غير الدستورية بائسة بمعنى الكلمة!

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here