ما اجبر اردوغان على التراجع عن تهديداته

عماد علي

صرح مستشار الرئاسة التركية ياسين اقطاي بانه من الممكن الحوار المباشر مع قوات سوريا الديمقراطية بعد ان نعتها رئيسه مرارا بانها من انه منظمة ارهابية و ما الى ذلك من من النقد و السب و الشتم على انها تابعة للحزب العمال الكرودستاني من قبل، وها دليل على مدى تراجع او تنازل تركيا او بالاحرى الجو السياسي و التعامل الامريكي في نيويورك هو ما فرض علي اردوغان من التراجع بعدما شاهد و ما لقيه مما لم يكن يتوقعه و ابدى ردود فعل منفعلة محاولا الضغط دون فائدة. و بعد ان سمعنا عنه الكثير من التهديدات بحيث اصبح يوميا عن غزو شرق الفرات. المعلوم انه كان لالفات النظر عن مشاكله الداخلية فقط محاولا تشتيت التوجهات المنتقدة له و لافعاله، و عرف و تاكد بنفسه على انه لا يمكن ان يعيد الكرّة كما فعلها في عفرين من قبل و ان الوقت و الظروف تغيرت و انه لاقى ما لا يحتسب اليه بعدما عاند و جلس في حضن روسيا و لم يستقر بعد في وجهته، و لا يمكن ان تسمح امريكا بهذاالامر دون تحذيره او اخطاره عمليا كما فعل في نيويورك.

هذا الامر يوضح لدينا الكثير، ليس تراجع اردوغان او تنازله عما اصر عليه من التهديدات كما صرح و لوح كثيرا بل تاثر كثيرا خلال الزيارة الاخيرة و لم ينتظر ما حدث، و ربما يريد تهدئة الامور في هذه المرحلة كي يختار بين الامرّين قريبا و لكنه تعلق ارجله في المستنقع الروسي بعدما غاص كثيرا في وحل المحور، فما فرض عليه من مستوجبات التحالف الروسي هو عدم امكان التراجع بسهولة منه. و في الجانب الاخر تعامل قوات سوريا الديمقراطية بعقلانية فائقة مع المستجدات وبالاخص ما تم حول المنطقة الامنة و تنسيقها مع امريكا و من ثم تاكيد تركيا من عدم وجود فرصة لتراجع امريكا عن تعاونها مع القوات سوريا الديمقراطية، و هذا ايضا ما رفع من حماوة النظام السوري بعدما لمس تزايد اهتمام امريكا بقوات سوريا الديموقراطية و عدم تنازلها عن علاقاتها و تحالفها رغم متطلبات حليفها القديم تركيا و على الرغم من ضغوطات تركيا المتعددة الجوانب و استخدامها لتكتيكات مختلفة، وتاكد بانه ربما يطول الامر و يصبح علاقة استراتيجية لا يمكن شرخها ( على الرغم من عدم الامكان الثقة بامريكا الى النهاية) و عليه بدا النظام السوري من جانبه بتهديد الكورد في كوردستان الغربية من على منبر الاممم المتحدة.

من الواضح ان التوترات الكبيرة التي تحصل داخليا بعدما ارتفعت اصوات عن فقدان الاستقلالية في القرارات عند تركيا و اتهام اردوغان داخليا بانصياعه بشكل مطلق لبوتين و تراجع شعبيته بشكل خطر و ما يفعل داخليا جعل من اردوغان ان يتردد و يحاول ان يضغط من جانبه بتكتيك سياسي جديد محاولاردم الصدع و الاقتراب من امريكا ليخفف ضغوطات روسيا وبوتين عن املاء الاوامر عليه مستغلا ضعفه. ومن ثم اليوم نجد بان هذه التصريحات قد تكون رسائل حسن نية لامريكا بانه سوف يتعامل مع الواقع الجديد، بعدما جرب طرق التهديد و الوعيد و لم تنفع، و لم يحقق كل اهدافه و ما كان ينويه في لجنة الدستور و الاجتماعات الثلاثية في انقرة، وعليه يمكن ان يراقب اردوغان و ينتظر في محطته الحالية بعد تعبه من التكيتيكات المتتالية و ستتوضح نتائج ما اقترفته ايديه من الاخطاء خلال الايام السابقة، و كما قلنا في مقال سابق بانه حفر قبره بيده بينما كان محاولا الخروج من الامر كي ينتعش و يحيى بعد الاحتضار الاولي و سيجد متنفسا خلال الايام المقبلة.

فان ما اجبر اردوغان على التراجع نسبيا هو اخطاءه في الفترة الاخيرة اولا و من ثم ضغوطات امريكا و تعاملها معه و تعامل قوات السورية الديموقراطية مهع المستجدات بعقلانية من دون رد فعل انفعالي وهي ما استوعبت امر المنطقة الامنة لصالحها و سحبت البساط من تحتة ارجل اردوغان في استغلال اي خطا لها في فرض ما يفيده على امريكا. ما يدع الشك من كلام االمستشار اقطاي هو تصريحه بهذا الظلام الدامس في تحركات اردوغان خلال اليومين الماضيين و هو في امريكا و ربما قد صده الكثير من الاعتراضات، و يحتسب على انها خطوة لفتح الباب امام اردوغان هناك كي يذيب العوائق التي اصبحت جدارا امامه في تحركاته، و عليه لا يمكن التاكد من نوايا اردوغان من هذا التصريح لمستاشره الا بعد العودة الى بلاده و ما يجده عند روسيا و ايران من ردود الفعل في هذا الامر.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here