عندما يثور الشرفاء

ليس سراً إن قلنا : – إن هذه الثورة هي غيرها عن كل الثورات والإنتفاضات – التي حدثت والتي ستحدث ، لأنها عبرت بصدق ومن خلال حناجر الشباب والشابات الأباء والأمهات في جميع الساحات والميدان والشوارع عن معنى المظلومية والقهر والإستعباد .

يقول مفكر عربي : – الشعب العراقي يتميز عن غيره في كل شيء في ثوراته ووثباته وفي تطلعه نحو االغد المشرق – ، وضرب لنا مثلاً بالصحفي البطل – منتظر الزيدي – حين رمى بحذائه هبل العصر جورج دبيلو بوش في وقفة عز مثيلها في جميع أرجاء الدنيا ، حتى غدى فعله وعمله أهزوجة و أمثولة يتغنى بها كل الشباب في العالم الأجمع .

نعم هكذا هو حال شعبنا فهو من هذه الفئة وزيادة ، لا يرضى بالذل ويرفض الإنكسار ويؤمن بالعدل والحرية والسلام ، شعب لا يخشى الموت بل ويتحدآه ويتغنى به ولا يعرف الخوف إلى قلبه طريقا ، شعب صادق في خياراته وإنتماءه لوطنه رفض الإحتلال وحاربه وطرد المحتل حينما حسم أمره وأقر خياراته ، وإني وسائر ابناء الشعب فخورين به وبثورته التي قام بها في محافظات العراق جميعا ، ويشاركني هذه المسرة كل حر غيور يؤمن بالحق والعدل والديمقراطية الحقيقية .

إن الحلول الترقيعية التي طرحها مجلس الوزراء على عُجالة لا تبدو واقعية إنما هي من أجل كسب الوقت فقط ، وإن كانت الحكومة جادة في ذلك فلماذا كل هذه السنيين من غير معالجة أو فعل في هذا الإتجاه ؟ ، وأين كانت كل هذه الهمة والمشاعر لدى مسؤولي الزمن الأغبر ؟ ، من قبل أن تزهق أرواح العراقيين بالمئات ، ويقول الشعب : – لقد ولى زمن الإحتيال والخديعة ومحاولة كسب الوقت – ، ولهذا فهو لن يترك الساحات والميادين والشوارع حتى تتحقق مطالبه الواحدة تلو الأخرى ، والشعب يقول : – ليس صحيحاً أن يستحوذ على دوائر الدولة أبناء المسؤولين وذويهم – ، والشعب يقول : – ليس صحيحاً أن تباع المناصب والوظائف بهذه الطريقة التي يندى

لها الجبين ، معبرة عن هزالة الحكومة وردائتها – ، والشعب يقول : – ليس صحيحاً أن يترك ذوي الإختصاص من الخريجين عاطلين عن العمل ، بينما يتولى العمل من ليس أهل الإختصاص – ، ويقول الشعب : – ليس صحيحاً أن تبدد ثروة العراق على المهاجرين من أبناء رفحا وغيرهم ، وتترك عوائل العراق من غير ما يسد رمقهم ويحمي كرامتهم – ، ويقول الشعب : – ليس صحيحاً أن تترك عوائل الشهداء من غير راع يؤمن لهم بعض الحقوق التي يستحقونها – ، والشعب يقول : – ممنوع جداً أن نعطي أموال العراق للأشقاء العرب بحجة إنهم كانوا هنا ذات مرة أو ذات يوم – ، والشعب يقول : – ممنوع جداً ليس أن تترك محافظات الجنوبية والوسطى والغربية من غير رعاية ولا تعمير – ، وتقوم الحكومة والمحسوبين عليها من المفسدين والفاسدين بأفعال أقل ما يُقال عنها ضد الشرف والناموس ، وبعضها للبهرجة والزينة والإدعاءات الفارغة .

نعم هذه المرة أضم صوتي للمنادين بتغيير الحال في الجملة والتفصيل ، وأخالني أطلب القليل في ظل هذا السيل من الدماء الطاهرة الشريفة ، وأقول بأسم المحرومين : – أنا معك ياشعبي العظيم مع كل هواجسك وخوفك على الحاضر والمستقبل ، ومعك في نضالك المستديم وأنت تطالب بحقوقك المشروعة ، وسأكون معك في كل الحالات مسانداً وداعماً وناشرا بلوآك في كل أرجاء الدنيا – ، وثق إن الله معك وانت تصرخ بوجه الظلم وتطالب بالعدل والنزاهة وتحقيق الحقوق ، والله لن يترك الناس الصالحين مهما تكالبت عليهم قوى التآمر والتخلف والفساد .

إن أبسط الأشياء التي يجب أن يقوم بها رئيس الحكومة ، هو محاسبة من أطلق النار ومن أمر بذلك وسنه وتلذذ به ، وعليه وعلى القضاء إنزال أشد العقوبة بمرتكبي هذه الجرائم مهما كان لونهم وحجمهم والطيف الذي ينتمون إليه ، فدم العراقي أغلى من كل غال ولن يضيع حق وراءه مطالب .

لقد تبرأت محافظات العراق من كل الأحزاب التي نهبت وفرهدت العراق وكسرت أنفه وكرامته ، ليس فقط هذا بل طردتهم بعيداً عنها فلا مكان للخونة وبائعي الشرف والضمير بين أبناء الشعب هذا المضحي ، إنني أحيي شباب الناصرية رجالاً ونساءاً شباباً وشابات على هذا الموقف الذي يدل على شجاعة وإيمان

وثقة بالمستقبل ، فأليهم أبعث كل التحايات والإحترام ، فلقد أثبتوا إن الحق لا يتجزأ وإن من دمر العراق لا مكان له بينهم ، حياهم الله وحيا وثبتهم المُقدامة وأتمنى من الجميع أن يحذو حذوهم ، من اجل التغيير الناجز فليس هناك ثمة أنصاف حلول ، وليَّ ولكم أسوة بمولانا علي بن أبي طالب في حربه و موقفه تجاه الظلم وسارقي قوت الشعب .

وسيظل العراق الشعب والدولة القدوة والأسوة لجميع الشعوب العربية والإسلامية ، وتلك التي تنكوي بنار الحقد والعنف والكراهية والظلم ، للعراق التحية والإجلال ولشهدائه الرحمة والرضوان ، وعاش العراق ..

راغب الركابي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here