فورن بولسي: العراق يحاكم دواعش أجانب اعتقلوا في سوريا

ترجمة / حامد أحمد

لم تكن هناك اية وسيلة اخرى للخروج، فبعد قضاء اشهر من الحصار في مدينة الرقة السورية قرر البلجيكي، بلال المرجوحي، من مسلحي داعش الاجانب الهروب.

في صبيحة 29 آب 2017 ترك منصبه كضابط شرطة شرعي وهرب بصحبة زوجته وابنه الى اقرب نقطة تفتيش وسلم نفسه للقوات الكردية السورية على أمل ان يتم تسليمه في النهاية الى سلطات بلده الأم بلجيكا، ولكن تم فصله مباشرة عن عائلته التي ارسلت الى مخيم قريب خاص لعوائل مسلحي داعش.

برفقة مسلحين اجانب آخرين من تنظيم داعش تم نقل المرجوحي 23 عاما، الى سجن قرب مدينة طبقة السورية حيث تم التحقيق معه من قبل مسؤولين أميركيين عن دوره في التنظيم وزملائه المقربين منه وعن دوره في تصنيع الاسلحة. من هناك اقتاده الجنود الاميركان الى مدينة كوباني شمالي سوريا ومن ثم الى معتقل في محافظة أربيل عاصمة إقليم كردستان بواسطة طائرة هليكوبتر حسب قول المرجوحي.

وقال المرجوحي في حديث لفورن بولسي في أحد معتقلات بغداد “كنت لوحدي بقيت هناك لمدة شهرين وكان الوضع صعبا جدا، بسبب الضوء الساطع لم استطع النوم”.

المواطن البلجيكي كان من بين أول المسلحين الاجانب الذين تم نقلهم من قبل الجيش الاميركي من سوريا الى العراق على شكل مراحل تم خلالها نقل ثلاثة مواطنين أوربيين آخرين وتسليمهم الى السلطة القضائية العراقية، وهو أمر ربما يكون فيه اخلال بالقانون الدولي.

واضاف المرجوحي بقوله “التقيت هناك في اربيل بضباط امن بلجيكيين وكنت متعاونا معهم، وقالوا لي انهم سيعرضوني لقاض في محكمة محلية لنرى فيما اذا سيرسلك الى بلجيكا أو لا”. ولكن المرجوحي لم يتم ارجاعه لبلده بل نقل من اربيل الى بغداد حيث تم تسليمه لقوات مكافحة الارهاب وخضع مرة اخرى لجولة تحقيقات جديدة اكثر صرامة.

حكومات غربية بشكل عام ترفض تسهيل تسليم رعاياها من مسلحي تنظيم داعش المعتقلين في العراق وسوريا.

ويقول الخبير العراقي بشؤون المجاميع المسلحة الارهابية هشام الهاشمي، انه بعد مغادرة اكثر من 5,000 مواطن اوروبي للالتحاق بالتنظيم، فان دولا أوربية ترفض التعامل مع ملف العائدين من المسلحين.

ومضى الهاشمي قائلا “باستثناء ألمانيا، ليست هناك دولة اوروبية أخرى مهتمة بعودة مواطنيها المتهمين بالارتباط بصفوف تنظيم داعش الارهابي. الدول الغربية ليست لها سياسة تتعامل بها مع العائدين من المسلحين، فهي ليست مستعدة لاستقبالهم واذا حكم عليهم بالموت في العراق فسيكونون شاكرين”.

واستنادا لاستطلاع اجرته مؤسسة Odoxa، للاستبيانات فانه في فرنسا 89% من ممثلي الشعب في البرلمان يرفضون عودة الاشخاص البالغين من مسلحي داعش معتبرين ذلك قضية سياسية اكثر مما هي قضائية لانهم لا يريدون الالتفاف عل الرأي العام هناك وان 67% منهم يعارضون عودة الاطفال من عوائل مسلحي داعش.

يقول المرجوحي انه ورد ضمن افادته في ملف قضيته المعروضة امام القضاء العراقي بانه تم اعتقاله في الموصل لتتم محاكمته وفق احكام القضاء العراقي في حين انه تم اعتقاله بالاصل في مدينة الرقة السورية حيث سلم نفسه اليهم. وقام قاضي تحقيق بتدقيق شهادته ومن ثم مرر قضيته للمحكمة الجنائية. وبعد مرور سنة تقريبا حضر المرجوحي الجلسة الاولى لمحاكمته في محكمة الرصافة ببغداد. ومن داخل قفص خشبي امام لجنة من ثلاثة قضاة أوكلت المحكمة محاميا من قبلها للدفاع عن المرجوحي الذي لم يستطع اللقاء به قبل المحاكمة. وخلال الجلسة الثالثة بحضور مسؤولين من القنصلية البلجيكية تم الحكم عليه بالاعدام شنقا حتى الموت بتهمة انتمائه لمنظمة ارهابية ودوره في القتال ضد القوات العراقية في الموصل.

المرجوحي لم يكن المسلح الاجنبي الوحيد من تنظيم داعش يحكم عليه بالاعدام في العراق. وكان البلجيكي طارق جدعون، قد تلقى الحكم نفسه قبل سنة مضت وكذلك 11 مواطنا فرنسيا تم نقلهم من سوريا في حزيران 2019. لمياء كي، مواطنة ألمانية، واجهت نفس المصير لحين إصرار مسؤولين من برلين على موقف بلدهم المانيا الرافض لعقوبة الاعدام، وبعد قيامهم باجراءات مناشدة وتمييز تم تخفيف حكمها الى 20 سنة سجن. لم يتم اعدام ايا منهم حتى الان.

من جانب آخر يدعي مسؤولون بلجيكيون انهم وعلى غرار نظرائم الاخرين من البلدان الاوروبية، سيمارسون ضغوطا عبر قنوات دبلوماسية ضد الحكم الصادر بحق المرجوحي بالاعدام اذا ما فرض مرة اخرى بعد اجراءات التمييز.

وقالت، نادية بنيني، وكيلة المتحدث باسم وزارة الخارجية البلجيكية “نحن دائما ما نسعى بجهودنا لالغاء عقوبة الاعدام في بلدان ماتزال هذه الاحكام قائمة، فيما اذا كان ذلك عبر منظمات دولية أو عبر علاقاتنا الثنائية معها”، مشيرة الى انه رغم ذلك فانهم يحترمون السيادة العراقية.

وكانت الولايات المتحدة قد حثت الدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي بان تستعيد مواطنيها من مسلحي داعش المعتقلين في سوريا والعراق، ولكن تلك الدعوات لم تلاق استجابة. وقال الكولونيل، سين رايان، المتحدث باسم التحالف الدولي في العراق “نحن ما نزال نحاول اقناع البلدان بان تستعيد مواطنيها من المعتقلين ولكنهم اولا لا يريدون فعل ذلك، وثانيا اذا ما فعلوا ذلك فانهم يريدون الابقاء متكتمين على الامر. وأنا لا اتفق شخصيا مع هذا الرأي.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here