في الحياة والادب (حلقة ثقافية) من هو العظيم ؟

* د. رضا العطار

حدث مرة ان جريدة (الماتن) الفرنسية استفتت قرائها، سائلة : عن اعظم رجل فرنسي خدم الأمة الفرنسية بأجمعها، فجاءتها الخطابات من جمبع الارجاء. وكان من المنتظر ان يكون نابليون هو هذه الرجل العظيم، ولكن جاءت النتيجة عكس ذلك، وظهر على قمة العظماء اسم شخص قد لا تكون قد سمعت به، هو باستور.

باستور رجل وضيع الاصل، اشتغل بالعلم فعرف الميكروب، واوجد مصلا لمرض الكلب، وعالج كروم فرنسا من وباء كان يقتلها، بل واهتدى الى طريق لتطهير اللبن.
وبهذه الاشياء ادرك الشعب انه اكبر من المعارك العظيمة التي خاضها نابليون.

فالشعب الفرنسي يقول بصريح القول : ان العظمة هي الفائدة التي تعود على الامة من الشخص الذي نشأ بينها، وعظمة نايلبون ليست طبلا اجوف لا فائدة منه. فإن فرنسا كانت في بداية تسلمه مقاليد الحكم اكبر مما كانت عليه عندما انهزم واسًره الانكليز ونفوه، بعد ان كبد الفرنسيين نحو مليون قتيل.
اما باستور فانه انقذ ثروة الوطن ووقى الاطفال من الموت وخفض آلام المرضى.
واذا كان الاطفال بستهويهم ذكر نابليون ويتغنون بمدحه وبصلصلون بسيفه، فإن الرجل المنصف لا يرى مندوحة من ان يحكم بالعظمة الحقيقية لباستور دون نابليون.

ان العظيم يجب ان يكون هو الرجل الذي كسب للأمة حقوقا لم تكن لها من قبل، كأنه نسق الافكار لدى اهل الفكر بعد ان كانت الافكار في فوضى عارمة ووجهها في خدمة البلاد، كبناء البنى التحتية وتشجيع العمران ونشر التعليم ورفع مستوى الصحة وما الى ذلك من الامور الايجابية التي ترفع من شأن الامة.
فمقياس الرجل العظيم هو درجة الربح الحقيقي الذي يهيئه لشعبه.

* مقتبس من كتاب في الحياة والادب للعلامة سلامة موسى.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here