المحسوبية والمنسوبية

فارس حامد عبد الكريم

شعار في كل الثورات قديمها وحديثها، ومبدأ عاصر الدساتير الديمقراطية منذ نشأتها ألا وهو (القضاء على المحسوبية والمنسوبية في العمل السياسي والإداري). ذلك ان من شواهد الفساد الكبرى في النظام السياسي والعمل الحكومي تفشي المحسوبية والمنسوبية.

ويقصد بالمحسوبية والمنسوبية محاباة وتفضيل الأبناء والأقرباء والأصدقاء الشخصيين والسياسيين في اسداء المناصب العليا وتولي الوظائف العامة وإختيار أعضاء البعثات الدبلوماسية وإحالة العقود والمشاريع الحكومية بغض النظر عن الكفاءة والمؤهلات الشخصية.

وتعتبر المحاصصة السياسية شكلاً من أشكال المحسوبية السياسية بل وأخطرها على النظام السياسي والإقتصادي والأمني كونها تمثل شكلاً من اشكال شرعنة الفساد الذي يمد اذرعه الخبيثة في كل اروقة الدولة ومؤسساتها المدنية والعسكرية والأمنية ويحولها الى إقطاعيات عائلية وسياسية ..

وتعد كلاً من المحسوبية والمنسوبية شكلاً من أشكال الظلم الإجتماعي الذي يخرق القيم الدستورية والقانونية والخلقية، فهما يخرقان مبدأ مساواة المواطنين امام القانون ومبدأ مساواة المواطنين أمام الوظائف العامة فضلاً عن خرقهما لمبدأ تكافؤ الفرص، وهما بهذه الصورة يخرقان أهم المباديء الدستورية ويضربانها عرض الحائط.

ومن جانب آخر تصنف المحسوبية والمنسوبية على انها أعمال لا تستقيم مع القيم الخلقية والشرعية لانها تقوم على الأنانية البحتة وحب الذات في موضع غير موضعهما ألا وهو الوظيفة العامة والتكليف العام ومايقتضيه توليهما من أمانة وثقة وحرص على المصالح العامة.

وتشير بعض التقارير الصحفية الى ان مانسبته ٧٥ من المائة من التعيينات تخصص لابناء المسؤولين وأقاربهم وأن بعض الإعلانات عن الوظائف كانت لاغراض شكلية وقد حسم امرها بالكامل قبل الإعلان عنها. فضلاً عن غض النظر عن مدى توفر الشروط العامة والخاصة لتولي المناصب العليا والوظائف العامة، وعلى النحو اسندت حقائب وزارية الى اشخاص لاعلاقة لها البتة بتخصصهم المهني هذا ان كان لهم تخصص أصلاً.

ومن الآثار المدمرة للمحسوبية والمنسوبية؛

أدت المحسوبية والمنسوبية الى غياب نظام المنافسة والجدارة في التعيين والترفيع ومن ثم إبعاد خيرة كفاءات العراق عن ممارسة حقهم المشروع في خدمة بلدهم وشعبهم وأحلت محلهم حفنة من الجهلة والصبيان والإنتهازيين والمرتزقة.
سوء توزيع الدخل القومي، وتدني مستوى المعيشة، وتركز الثروات بيد عدد محدود من عوائل الطبقة السياسية، وعلى هذا النحو ترى عائلة جميع افرادها قد حصلوا على مناصب ووظائف عامة في مواقع ممتازة، ويقابلها عوائل جميع افرادها عاطلين عن العمل ولو كانوا حاصلين على اعلى الشهادات العلمية.
الشعور بالإحباط والغبن واللامبالاة في إداء الوظيفة العامة كردة فعل نفسية ممن فقد حقوقه الوظيفة بسبب تولية من هو أقل كفاءة ومهنية منه.
تفشي الفساد المالي والإداري وعدم الخشية من العقاب.
تدهور الأداء الحكومي وخاصة في المجال الخدمي وبروز ظاهرة المشاريع الوهمية.
سوء تنفيذ المشاريع الحكومية وتلكؤ المقاولين والمتعهدين في تنفيذ أعمالهم.
تضخم الجهاز الإداري الى أقصى مدى.
عدم قدرة الإدارات على محاسبة المسيئين والمقصرين في أداء واجبهم الوظيفي وقطع الطريق أمام ممارسة الأجهزة الرقابية لدورها الرقابي.
تفشي السلوكيات السيئة كترويج الإشاعات وتبادل التهم وتشكيل التكتلات داخل الهيئة الإدارية وتصاعد التذمر وسخط المواطنين.
علاج المحسوبية والمنسوبية؛

إن العمل على تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين دون محسوبية او محاباة يعزز إحساس المواطنين بالعدالة ويدفعهم الى الإبداع وإبراز المواهب الخلاقة والتنافس الشريف وتحقيق التطور الإجتماعي و ذلك ينبع من إحساس الإنسان بوجود العدالة و بأن عمله سيتم تقديره بعيداً عن المحسوبية و بعيداً عن المحاباة.

ويعد انشاء مجلس الخدمة المدنية الإتحادي الذي يتولى امور التعيين في الخدمة العامة على اساس التنافس والجدارة من أهم مقومات تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص.

ومن صور الإصلاح الجدي تنقية الوظيفة العامة من الدخلاء عليها ممن لاتتوفر فيهم ادنى شروط تولي الوظيفة العامة ومؤهلاتها.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here