هل یحقق اردوغان (العهد القومی)

عماد علی

عندما يفصح خلوصي اكار ما تضمر الدولة التركية من نوايا بشكل علني و بوضوح تام قائلا؛ اننا لا نطمح في بلد احد و لكننا نريد المناطق التي احتلت منا و هو يتكلم و خارطة العهد القومي في خلفه، فانه كلام في صميم ما تؤمن به حكومة اردوغان و القوميين المتطرفين المتشديين العثمانيين المتحالفين معه، و هذا اول تصريح واضح و صريح بعيدا عن التلميحات التي قدموها من قبل دون ان يقولوا ما يضمروه بصريح العبارة و على الملأ.

یرید و يهدف اردوغان قبل ای شیء ان يحقق هدفين احدهم مرحلي تكتيكي؛ وهو تخفیف الضغط المسلط علیه داخلیا و ان كان ذلك مصاحبا مع انجاز ما فیمكن ان یفتخر به طالما یعتقد امامه الكثير من الصعاب بعدما تیقن بان شعبیته فی اسفل المنحنی عند فقدانه بلدية اكبر المدن و التي يعتبر موقع اي حزب فيه هو مقياس لدوره في البلاد و تسلسله شعبيا و ما يمكن ان يحضى بالاحتمال الاكبر لرئاسة و ادارة الدولة، و الاخر الاستراتيجي؛ وهو تحقيق الحلم العثماني في التوسع و السيطرة على منابع الثروات في المنطقة باسم العهد القومي.

بعدما تمكن من توحيد الرؤى لما يمكن ان نسميه حركة سياسية بتنفيذ عسكري من اجل ترحيل الضغوط داخليا الى خارج الحدود و نجح بعدما اجمع الجميع على تاييد غزوته لكوردستان الغربية، يمكن ان نتصور بانه يستمر لمدة طويلة في انشغال الناس لما بداه في خلط الاوراق و التاثير على المعادلات بتحركاته الشرقية الغربية و بقفزات و تنازلات ربما لا يهمه ان تقع على سمعته و شخصيته كما قيل عنه و في وجهه من صفة احمق الذي لم نر في العرف الدبلوماسي حتى يمكن ان يُقال لسياسي في درجات ادنى فكيف بدولة تعتبر نفسها سلطان المنطقة و لها اليد الطولى فيها. انه شخص نرجسي غير مستقيم المسار و الرؤية متخبط التفكير و من ثم لديه مجموعة من العصا يبرزها في الوقت الذي يئن تحت ضغط افعاله، و منها فتح الحدود امام اللاجئين لاوربا كعصا سحري لارضاخ اوربا و ابتزازاها و لكنه فشل اخيرا في هذا فرُد عليه و على ابتزازه ملوحين له بانهم يمكنهم ارجاع ما لدى اوربا من اللاجئين الترك اليه، و هذا ما يمكن ان يسحقه في مكانه.

بعدما تحالف مع الحزب القومي المتطرف في بلاده و هو يستغل هذا في رفع المشاعر العرقية المتطرفة التي تتواجد في هذه النسبة من الشعب التركي المنتمي الى هذا الحزب، و به يريد ان ينقذ نفسه من فدائح اللعبة الخاسرة التي بداها، و اليوم يؤكد بشكل علني و صريح و باستخدام حواشيه على تنفيذ العهد القومي، و هو المخطط الذي يعتقد بانه يمكن ان يتمدد به و يحقق ما سار عليه اجداده ابان السلطنة العثمانية و الاحتلالات التي فرضهم على هذه الارض و هم دخلاء فيها. فهل ينجح في تقدم ولو خطوة من ذلك الهدف و يقفز على العصر و يتقدم بفعل مشين و توجه رجعي على ما لا يقبله العصر، ام المصالح العالمية التي لا يمكن ابعاد اي فعل عندها يمكن ان يقترفه عند العمل على سبيل ضمان مصالحهم و ان كان بقتل المستضعفين و استغلالهم كما فعلوا امام الكورد او تمكين الظالم على المظلوم و مكافئته على ظلمه، كما هو توقفهم و صمتهم لما يفعله اردوغان و عدم ردعه رغم ادعائاتهم الانسانية البريئة منهم، و هذا ما يشجعه على خطوات اخرى علىحساب الحق و الانسانية .

اليوم و بعد ان واجه اردوغان ما واجهه شيء يمكن ان يعتبر قليلا جدا من المتوقع ابان تنفيذ نيته في احتلال كوردستان الغربية مقابل مساومات اخرى سواء لروسيا و سوريا او امريكا، فانه نجح الى حدما مستغلا سياسات ترامب و صلافته و اسلوبه غير المعهود مسبقا لاي رئيس امريكي، او محاولا اغراء روسيا بما يمكن ان يكون متحالفا استراتيجيا له بعد تراجع امريكا عن المنطقة و التقوقع المحتمل لها داخليا ان اعيد انتخاب ترامب ثانية. فانه ينوي تحقيق احلامه العثمانلية في الوصول الى حدود العهد القومي الذي يريد قطع الحدود المرسومة منذ قرن و تغيير الموجود من اجل الوصول الى الثروة الهائلة الموجودة فيها، وبه يمكن ان يخرج من الحالة التي اوقع نفسه فيها من احراج داخلي لا يمكن ان يخرج منها بسلام ان لم يتحرك بهلوانيا و يلفت الانظار خارجيا كفعلته المعهودة منه هذا تكتيكي من جانب، و من جانب اخر يحقق حلم اجداده و يصبح في عيون القوميين المتطرفين بطلا قوميا تاريخيا. و لكن هل يمكنه ان ينجح في هذا الظرف و عيون العالم عليه و على افعاله و يمكن ان تكبر الضغوطات كلما توضحت نياته و ان تقاطعت المصالح المتعددة مع دول العالم و في مقدمتهم فرنسا و بريطانيا و المانيا و ان توافق مع روسيا و امريكا على ان يكون مستمرا على لعبته الحالية بينهم.

اننا يمكن ان نعتقد بان اردوغان ان نجح في كوردستان الغربية و حقق مرامه كما هو الان يحققه نسبيا بطرق مختلفة حربا كانت ام بسلام ورقي مضلل فقط، فانه يمكن ان ينجح في المساحات الاخرى التي تقع تحت سيطرة كوردستان الجنوبية، لانه الان يسيطر عليها بهدوء و بنشر مواقع عسكرية و مخابراتية ضامنة ما جاء في خارطة العهد القومي لهم. فان المرحلة الانية و نتائج ما تقدم عليه و ما

نراه في المستقبل القريب سيوضح ان كان اردوغان سلطانا عثمانيا عصريا ناجحا في تضليلاته و حيله كما هو اجداده ام لا. وغدا لناظره قريب.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here