استراتيجية فعالة لحماية أولادك وبناتك من مشاكل الإنترنت

إيهاب مقبل

دخلت بهدوء إلى الحمام، ثم ثبتت كاميرا هاتفها النقال نحو جسدها، وبعد ذلك نزعت قطعة تلو قطعة من ملابسها، وأرسلت الصور ومقطع الفيديو الذي سجل الحدث إلى «عشيقها الإلكتروني»، ليقوم من جانبه بتحميل الصور ومقطع الفيديو على شبكة الإنترنت حيث يراها الآلاف من الناسِ!

وفي حدث آخر، أدمن مراهق على مشاهدة الأفلام الأباحية على شبكة الإنترنت، فطلب من صديقه الحضور لمنزله، وعندما دخلت شقيقته الصغرى لغرفته وجدتهما في أبشع ما يمكن لبنت رؤيته في حياتها، وعندما حاولت الهرب من الغرفة قبضا عليها واغتصباها!

يتعرض اليوم العديد من الأطفال، وكذلك الأولاد والبنات، إلى مشاكل عديدة في شبكة الأنترنت، ومن هذه المشاكل البلطجة الإلكترونية وزيارة المواقع غير المرغوب فيها.

وتظهر الإحصائيات السويدية الحديثة أن نحو 3% من طلاب المدارس تعرضوا للبلطجة الإلكترونية من أشخاص مجهولين. وتشير الإحصائيات كذلك أن نحو 76% من طلاب المدارس الثانوية ونحو 33% من طالبات المدارس الثانوية يقبلون بانتظام على مشاهدة المواقع والمنتديات ذات المحتويات غير المرغوب فيها.

مبادئ واستراتيجيات وطرق غير فعالة نسبيًا لعلاج مشاكل الإنترنت

لم يعدْ «مبدأ التحذير» يجدي نفعًا مع الأطفال والأولاد والبنات، وذلك بسبب الإستخدام الواسع للإنترنت، سواء على جهاز الكمبيوتر أو الهاتف الذكي. كما أن هذا المبدأ، والذي يمارسه بالغالب الآباء والأمهات كسلطة لتحذير أبنائهم من خطورة إستخدام الإنترنت، قدْ يحرم الطلاب والطالبات من فرصة الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة في مجالات التعلم.

وفي المقابل، قدْ يحقق «مبدأ التحذير» نجاحات شريطة وجود الثقة المتبادلة بين الأهل وأبنائهم من جهة وثقة الأبناء أنفسهم برب العالمين من جهة أخرى كما سيتم التطرق لها لاحقًا، وإلا فإن هذا المبدأ قدْ يحقق نتائج عكسية بالعناد والمكابرة في حالة إنعدام الثقة كما يخبرنا الله عز وجل في قصة نوح عليه السلام وأبنه: ﴿وَنَادَىٰ نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ*قَالَ سَآوِي إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ ۚ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَن رَّحِمَ ۚ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ﴾، هود: 42- 43.

وكذلك، لم تعدْ «استراتيجية الفلاتر» أو «تقييد المحتوى» ذات فائدة كبيرة، وذلك لأن هذه الاستراتيجية لا تمنع الأطفال والأولاد والبنات من الذهاب إلى المواقع غير المرغوب فيها، حيث يتواجد اليوم العشرات من البرامج الحديثة لكسر هذه الفلاتر في جهاز الكمبيوتر والهاتف الذكي.

وزيادة على ذلك، يُعد «تجسس الأهل» على الأطفال والأولاد والبنات طريقة غير فعالة، وذلك لأن هذه الطريقة ستدفعهم للفرار إلى أماكن أخرى بعيدة الأنظار، كما أنها تُعد طريقة غير أخلاقية من الناحية السلوكية.

استراتيجية فعالة لعلاج مشاكل الإنترنت

لا تكمن المشكلة أساسًا باستخدام الإنترنت، وذلك لأنه أصبح اليوم جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية. تكمن المشكلة الحقيقية لدى الأطفال والأولاد والبنات بأنهم «لا يثقون بآبائهم وأمهاتهم»، حيث يتجنبون الحديث معهم حول ما يدور على شبكة الإنترنت، جزئيًا بسبب عدم معرفة الآباء والأمهات بالتكنولوجيا الحديثة، وجزئيًا بسبب الخشية من حرمانهم من الإنترنت، ولذلك يتعاملون مع مشاكل شبكة الإنترنت بمفردهم.

ولهذا ينصح القرآن الكريم الآباء والأمهات على ضرورة إنشاء «ثقة متبادلة» مع الأطفال والأولاد والبنات عن طريق الحوارات المفتوحة والمستمرة بين الطرفين بهدف تعزيز الجانب الأخلاقي لديهم وضمان تطوير قدراتهم على تمييز الصواب من الخطأ، كما في حوار يعقوب عليه السلام مع أولاده: ﴿أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾، البقرة: 133. وحوار إبراهيم عليه السلام مع أبنه كما يخبرنا الله عز وجل: ﴿قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىٰ ۚ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ﴾، الصافات: 102. وحوار لقمان عليه السلام مع أبنه، والذي يتجلى فيه الثقة المتبادلة بين الأب وأبنه، وكذلك غرس مفهوم الثقة برب العالمين في نفسه، فهو السميع البصير، كما يخبرنا الله عز وجل في القرآن الكريم: ﴿قال يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ﴾، لقمان: 16

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here