حملة مؤثرة في اقليم كردستان العراق لمقاطعة البضائع التركية
كيزيل تبة (تركيا)-(أ ف ب)
بدأت القوات التركية والروسية الجمعة تسيير دوريات مشتركة قرب الحدود السورية الشمالية، بموجب اتفاق تمّ التوصل إليه بعد هجوم شنّته أنقرة ضد المقاتلين الأكراد في المنطقة غيّر المعادلات على الأرض.
ومنذ هجوم أنقرة في التاسع من تشرين الأول/أكتوبر الذي سبقه انسحاب أميركي من نقاط حدودية عدة، اختلطت الأوراق في مناطق سيطرة الأكراد في شمال شرق سوريا، ودخلت قوات النظام وحليفتها روسيا إلى المعادلة.
ويبدو أن الأميركيين والروس تقاسموا الخريطة الحدودية، ففي وقت تجري روسيا دورياتها غرب مدينة القامشلي الحدودية، سيرت القوات الأميركية دورياتها الخميس شرق المدينة، التي تعد بمثابة عاصمة الإدارة الذاتية، التي أعلنها الأكراد في العام 2014.
وبدأت الدوريات الروسية التركية المشتركة حوالى منتصف النهار (09,00 ت غ) قرب بلدة الدرباسية، غرب القامشلي، وفق ما أفاد مراسل لوكالة فرانس برس.وتتألف الدورية الأولى من تسع آليات مدرعة روسية وتركية، ويفترض أن تسير في شريط يمتد بطول 110 كيلومترات على طول الحدود التركية غرب بلدة الدرباسية. وقال مراسل لفرانس برس في الدرباسية إن المدرعات لم تحمل أي أعلام روسية أو تركية بطلب من موسكو. في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، انسحبت قوات أميركية حاربت لسنوات إلى جانب الأكراد ضد تنظيم داعش، من نقاط حدودية عدة مع تركيا. بعد يومين، بدأت تركيا وفصائل سورية موالية لها هجوماً ضد المقاتلين الأكراد سيطرت خلاله على منطقة حدودية بطول نحو 120 كيلومتراً.
وعلقت تركيا هجومها في 23 تشرين الأول/أكتوبر بعد وساطة أميركية واتفاق مع روسيا نصّ على أن تسهل موسكو انسحاب وحدات حماية الشعب الكردية، التي تصنفها أنقرة مجموعة «إرهابية»، من منطقة بعمق 30 كيلومتراً من الحدود مع تركيا. كما تم الاتفاق على تسيير دوريات مشتركة قرب الحدود، تستثني بشكل أساسي مدينة القامشلي.
فيما يقاطع عدد كبير من الأكراد العراقيين منتجات تركيا لاسيما في السليمانية التي لايزال حزب الاتحاد الوطني الكردستاني فيها على علاقة متوترة مع انقرة بعد طرد مدير مكتبه في تركيا قبل سنوات . و تعد تركيا أكبر مصدّر للمواد الغذائية والمنزلية ومستحضرات التجميل وغيرها إلى العراق، وتصل قيمتها السنوية لأكثر من ثمانية مليارات دولار، تضامناً مع أكراد سوريا بعد العملية العسكرية التركية.
ويقود المقاطعة أكراد من شرائح مختلفة في إقليم كردستان الشمالي الذي يعد المنفذ الرئيسي للبضائع التركية إلى عموم العراق.
ومنذ انطلاقها دفعت عمليات القوات التركية، أكثر من 12 الف كردي سوري الى مغادرة مناطقهم في شمال شرق سوريا واللجوء إلى مخيمات في إقليم كردستان تاركين وراءهم عشرات القتلى.
وقال أحد المنظمين الرئيسيين للحملة حميد بانيي، لوكالة فرانس برس «لا نستطيع الوصول إلى جبهات القتال ومحاربة الأتراك بالسلاح، لذلك لجأنا إلى مقاطعة البضائع التركية».
وأضاف بانيي وهو مغن وإعلامي «نحن بصدد توسيع الحملة لتشمل جميع شرائح المجتمع، وفي هذه الحالة ستكون ضربة قاصمة للاقتصاد التركي»، داعيا في الوقت نفسه إلى التوقف عن مشاهدة الأفلام أو الاستماع للأغاني التركية.
بقية الخبر على موقع (الزمان)
واقتناعاً منه غيّر هوجر علي البالغ من العمر 31 عاماً وأب لثلاثة أطفال، تقليداً عائلياً. فالبسكويت الذي لطالما كان يتواجد في المنزل ليؤكل مع الشاي، تركي.
لكن اليوم «يجب أن أقوم بدوري»، يقول علي وهو أحد سكان أربيل كبرى مدن إقليم كردستان العراق.
ويضيف «لن أدعم الاقتصاد التركي بعد الآن بأي شكل من الأشكال، لأن تركيا لا تؤمن بحقوق الأكراد أو حتى بوجودهم»، مؤكداً أنه بات الآن يأكل البسكويت المستورد من إسبانيا.
ولإنجاح هذه الحملة، يتولى متطوعون توزيع منشورات في أسواق السليمانية، ثاني أكبر مدن إقليم كردستان، لدعوة المواطنين ومناشدة الباعة للتوقف عن التعامل وبيع المنتجات التركية.
وتقول زانا أحمد (28 عاما)، التي تبيع مستحضرات تجميل للوجه والشعر والماكياج من تركيا والولايات المتحدة وأوروبا، «بعد الهجوم التركي على الأكراد في سوريا، قررنا وقف استيراد المنتجات التركية والبحث عن بدائل».
ولدى وصول الخبر إلى شمال سوريا، قوبلت الحملة بدعم قوات سوريا الديموقراطية.
وقال المتحدث باسم القوات الكردية مصطفى بالي إن «كل فلس يصرف على شراء منتجات تركية أو تشجيع السياحة يتحول إلى رصاص وقنابل تقتل أطفالنا في شمال شرق سوريا».
وتُستورد غالبية البضائع إلى كردستان العراق، الذي يشترك بحدود شمالية تمتد 350 كيلومترا مع تركيا وشرقية بطول 500 كيلومتر مع إيران، من كلا البلدين.
وبدأت بالفعل، خسائر البضائع التركية، بالتحول إلى مكاسب لإيران، وفقا إلى كروان جمال (45 عاما).
يقول جمال الذي يعمل سائق سيارة أجرة في السليمانية، والذي أدرك تماماً أهمية المقاطعة «اشتريت زيت طبخ إيراني بـ10500 دينار عراقي (نحو ثمانية دولارات) بينما سعر العبوة التركية (المماثلة) ستة آلاف دينار» فقط، مؤكداً أنه إذا كان الأمر يتعلق بفرق في السعر، فهو مستعد لدفع المال.
لكن الامر مختلف من ناحية الملابس، موضحاً أن «الملابس المصنوعة في إيران أقل أناقة وقليلة في الأسواق، مقارنة بالتركية».
- مخاطبة للضمير -
ولمس نصر الدين محمود، صاحب شركة «تازة» الكردية لبيع منتجات غذائية بالجملة، فرقاً من ناحية الإقبال على البضائع التركية.
ويقول لفرانس برس إن «التجار يرفضون شراء البضائع التركية، ويطلبون منتجات إيرانية وتوجهوا لسد حاجاتهم الأخرى من المنتجات المحلية» في الإقليم.
ويرى محمود الذي يعمل في التجارة منذ أكثر من 15 عاما، بان «الطلب على المنتجات التركية انخفض الى النصف».
ودعا سلطات الاقليم الى إصدار قرارٍ بمقاطعة المنتجات التركية لمنع المصدرين الأتراك من بيع بضاعتهم في كردستان العراق.
لكن سلطات الاقليم، التي يسيطر عليها الحزب الديموقراطي الكردستاني، ترتبط بعلاقات متينة مع تركيا في مجالات واسعة بينها اقتصادية، الامر الذي يعارضه منافسه الرئيسي، حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، ومعقله في السليمانية.
ويقول رئيس غرفة التجارة والصناعة في السليمانية، سيروان محمد، لفرانس برس «يوميا يأتينا أصحاب الشركات للحديث عن تأثير الحملة عليهم».
وتابع «أعتقد أن استمرار الحملة سيؤثر سلبا على الشركات التركية والمحلية التي تستورد المنتوجات التركية للإقليم».
ويرى محمد أن «المستهلكين لن يتأثروا بقلة المنتجات التركية في الأسواق لوجود منتجات إيرانية وخليجية وأوروبية بالإضافة إلى منتجات الإقليم وباقي العراق».
ويقول مشيرا إلى محفظة نقوده إن هذه الحملة «تخاطب الضمير الكردي، قبل كل شيء».
- اتفاق «مؤقت» لكن «جيد» -
وأعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو الثلاثاء أن انسحاب الوحدات «اكتمل قبل الموعد المحدد». وعلى الإثر أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إنه سيكون بإمكان تركيا التثبت من ذلك بعد تسيير الدوريات المشتركة.
واعتبر الرئيس السوري بشار الأسد في مقابلة تلفزيونية الخميس الاتفاق «مؤقت» لكنه «أمر إيجابي لا يُلغي سلبية الوجود التركي، ريثما يتم إخراج التركي بطريقة أو بأخرى».
وتهدف أنقرة إلى إبعاد المقاتلين الأكراد عن حدودها كما لإنشاء منطقة «آمنة» تعيد إليها قسماً كبيراً من 3,6 مليون لاجئ سوري لديها.
وكانت قوات سوريا الديموقراطية أعربت بداية عن تحفظاتها إزاء بعض ما جاء في الاتفاق، لكنها أعلنت في وقت لاحق بدء سحب قواتها من «كامل المنطقة الحدودية»، ولا تزال تحتفظ بتواجدها في مواقع عدة خصوصاً شرق مدينة القامشلي.
وأمام الهجوم التركي ضدهم، وبعدما شعروا أن واشنطن تركتهم وحدهم في مواجهة تركيا، عدوهم التاريخي، فتح الأكراد قنوات اتصال مع دمشق وحليفتها روسيا، تمّ بموجبها انتشار لقوات النظام في نقاط حدودية عدة، قبل أن تبدأ موسكو بتسيير دوريات في المنطقة.
أما الولايات المتحدة فيبدو أنها عادت عن قرارها بالانسحاب الكامل من مناطق سيطرة الأكراد، لتؤكد دعمها لهم وتبدأ بإرسال تعزيزات جديدة بهدف «حماية حقول النفط»، التي تسيطر قوات سوريا الديموقراطية على أبرزها في محافظة دير الزور (شرق) بعد طرد تنظيم الدولة الإسلامية.
- حدود مكتظة -
وإن كانت القوات الأميركية انسحبت من نقاط حدودية عدة خلال الأسابيع الماضية، يبدو أنها حافظت على تواجدها في أخرى شرق مدينة القامشلي.
وللمرة الأولى منذ سحب قواتها، سيرت القوات الأميركية الخميس دورية من قاعدتها في مدينة رميلان وصولاً إلى بلدة القحطانية.
ولم تنتشر قوات النظام في المناطق الحدودية الواقعة شرق مدينة القامشلي حتى الآن، بل اكتفت بإرسال عسكرييها إلى نقاط حدودية أخرى غرب المدينة.
وأوضح مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس أن القوات الأميركية تريد أن تحافظ على تواجدها في الجهة الشرقية من المنطقة الحدودية.
وقال «يريد الأميركيون أن يمنعوا روسيا وقوات النظام من الانتشار في المنطقة الواقعة شرق مدينة القامشلي».
وقال المتحدث باسم التحالف الدولي مايك كايغينز لفرانس برس إن التحالف يواصل انسحابه من شمال شرق سوريا و»يعيد نشر بعض قواته في منطقة دير الزور».
وأوضح أن «كافة عمليات التحالف العسكرية تجري في إطار خطوط فض الاشتباك مع كافة القوات العاملة في المنطقة عبر قنوات موجودة في السابق».