الانتفاضة العراقية الكبرى بين التشكيك والنصر المؤزر

ادهم ابراهيم

انبرت بعض الاصوات المشبوهة تكتب وتتحدث في المواقع الالكترونية وفي الفضائيات الماجورة، لتشويه انتفاضة الشباب ، انتفاضة العز والكرامة والتي بدات في الفاتح من شهر تشرين/اكتوبر. فمنهم من يوصمها بانها مؤامرة من مؤامرات الصهيونية. ومنهم من يدعي بانها مخططات امريكية. وقد تجرأ احدهم فكتب بان المنتفضين هم من ضعاف النفوس مدفوعي الثمن، وهم يقومون بتاجيج الشارع العراقي لغرض اسقاط الحكومة مستغلين الفشل في تلبية احتياجات المواطنين واخر يقول انها مؤامرة خطيرة على العراق

وهنا نتسائل لماذا تشكل المطالبات المشروعة باسقاط النظام المستند على احزاب متخلفة وسياسيين فاسدين خطرا على العراق، وهم يشاهدون انعدام الخدمات الانسانية وتفشي البطالة وتخريب مؤسسات الدولة الصحية والتعليمية والصناعية والزراعية والتدهور الاقتصادي نتيجة النهب المستمر لموازنات الدولة ومجالس المحافظات.
ان الاحتجاجات والاعتصامات التي يشهدها الشارع العراقي لايمكن اعتبارها مشبوهة او مدفوعة الثمن لعدة اسباب اولها ان هؤلاء المنتفضين صغار السن واغلبهم متعلم او خريج جامعات، عاطل عن العمل ولهم بسطيات للبيع في الشارع وهم اساسا كادحين ليس لهم سوى آمال وطموحات مشروعة في حكومة وطنية مستقلة، ومطالب بتوفير الخدمات الاساسية للمواطنين
ان هؤلاء المستائين من المظاهرات والاحتجاجات لم يستاءوا من حكومات فاسدة وعميلة تستجيب لمطالب دول تحتل العراق بكامل اسلحتها وجواسيسها واذرعها المسلحة. ولم يستاؤوا من الظلم الذي شهده العراق في محافظاته كافة خلال ستة عشر عاما من الحروب الطائفية والفساد الحكومي وانتشار الميليشيات والعصابات المسلحة ، والمخدرات، ودور الدعارة التي تديرها الاحزاب الاسلامية، ولم يستاؤوا من البطالة والفقر والجهل الذي عانى منه الشعب طوال حكم هذه الزمرة الضالة
أن الحراك الثوري الذي تشهده المحافظات من قبل الاف المحرومين والفقراء هو حراك طبيعي يمارسه اي شعب حي يؤمن بحقه في الحياة الكريمة وهو في مطالبته بقرار سياسي مستقل، لا يُشكل خطراً على الدولة. بل يشكل خطرا على عملية سياسية تبناها الحاكم المدني بريمر، تستند على سرطان الطائفية السياسية، ومازالت تمارس دورها التخريبي الى يومنا الحاضر
لا يمكن لاي عراقي وطني التشكيك بإخلاص ووطنية ونوايا الشباب المنتفضين الصادقة .. وهذه الادعاءات التي يرددها جوقة الاحزاب الفاسدة جاءت للتغطية على جرائم الحكومة وميليشيا الاحزاب في القتل العمد للمتظاهرين السلميين والتي ترقى الى جرائم حرب . وكان حري بهم ايجاد الحلول لتلبية مطالب الشارع العراقي، بدل استخدام العنف واللجوء الى القتل العمد
كما ان كثير من النقابات والاتحادات مثل المحامين والمعلمين والعمال والطلبة والفلاحين ، قد اعلنوا الاضراب والتضامن مع الشباب المنتفض الثائر

الان تبين الحق من الباطل والعميل من الوطني، فكل من يعارض الانتفاضة الشبابية المستقلة يقف مع الحكومة العميلة، ويقف الى جانب التدخلات الايرانية بالشؤون العراقية، وليس هناك منطقة رمادية. وعلى الجميع الاختيار بين ان يكون وطنيا او لاوطني والاخير لايمكن اعتباره مخدوعا او حسن النية فالشباب المنتفضين استطاعوا التمييز بين الحق والباطل وبين من يراع مصالح وطنه وشعبه وبين من يحابي ايران وميليشياتها ويستقتل في الدفاع عنها، فلو كانت ايران جارة صديقة لما ساندت حكومات فاسدة واحزاب مارقة على حساب شعب يعاني من الفقر والبطالة والحرمان من ابسط مقومات الحياة، بل هي شريكة لهذا النظام الظالم، من خلال تدخلها السافر بتنصيب الوزراء من كل الطوائف بلا استثناء

ان استخدام العنف المفرط مع المتظاهرين وازهاق ارواح الشباب في الشوارع بكل وحشية ، قد ادى الى قطيعة تامة بين الشعب وقادة الحكم الفاسدين وميليشياتهم واحزابهم المجرمة
ان الاصلاحات التي يدعي بها رئيس الوزراء او رئيس البرلمان، جاءت لذر الرماد في العيون وهي مجرد ترقيعات، لاتصل الى ادنى مطالب المنتفضين. ولو كانوا صادقين بالاصلاح فعليهم تقديم رؤوس الفساد الى القضاء ، وعلى راسهم كل رؤساء الوزارات المتعاقبين ووزراءهم الى يومنا الحاضر. مع الرفض الكامل للوجود الايراني في العراق والقضاء على اذرعها المسلحة والاعلامية، وحصر السلاح بيد الدولة، وليس هناك بديلا عن ذلك

لقد بدا جليا ان الحل الوحيد في هذه المرحلة يكمن في اسقاط النظام السياسي كحل رئيسي وسريع لهذه الازمة ولحقن دماء الشباب المنتفض، وتشكيل حكومة إنقاذ وطني، تعد لدستور جديد وقانون انتخابي منصف وانتخابات نزيهة تعبر عن نبض الشارع بحق، وتحت اشراف اممي. واول خطوة في هذا الطريق اسقاط حكومة عبد المهدي الغارقة بدماء العراقيين، وسنرى بعد ذلك موقف الاحزاب العميلة

ان نظام الحكم القائم في العراق قد فقد شرعيته عندما واجه الاحتجات السلمية بالرصاص الحي وازهق ارواح ابناءنا اليافعين وولغ في دماء الشعب . ولم يبق الا الاعلان الرسمي عن اسقاطه
ومن يعتقد بأننا بعيدين عن احراز النصرالنهائي في تحقيق المطالب العادلة باسقاط النظام السياسي برمته فهو واهم. والنصر المؤزر قريب باذن الله
ادهم ابراهيم

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here