بين المسؤولية و حسن المشاركة في الاحتجاجات

ان اكثر المشاركين في المظاهرات والاحتجاجات هم من الطبقات المعدومة والمسحوقة والفقيرة التي غفلتها الكتل السياسية الحاكمة وضيعت حقوقها في خضم المناكفات والفساد المستشري والمتاجرات بين الكتل المشاركة في العملية السياسية لا بل تم استغلالهم تحت شعارات ضيقة وبقيادات تتصارع على المكاسب قبل حقوقهم والمقابل هناك من ركب الموجة واستغل طيبة قلوب اهلنا في تغيير مسارالمعوزين البسطاء والمراهقين بالمال الاسود واندساس الخونة من الاحزاب المأجورة مثل حزب البعث المجرم في شراء الذمم الضعيفة واحراف هذه المظاهرات عن مسيرها وتحريضهم على الاساءة دون وعي مما اجبر القوات الامنية للتعامل السلبي معهم فكان ما كان من دماء مما زاد من جمر المتظاهرين السلميين الاماً وهذا لا يعني من كون القوات الامنية لم تخطاء ولا يمكن من براءة المخطئين وابعادهم عن الحساب والتقصير ولا بد ان ينالوا الجزاء العادل .

نحن لانشك من كون هذه الاحتجاجات المستمرة التي تحدث منذ قرابة اسبوعين في بلدنا العزيز كونها حقة انما اكثرالمطالب جماهيرية ومستحقة ومسؤولية الحكومات المتعاقبة التي حكمت طيلة السنوات الماضية لا بل منذ تاسيس الدولة العراقية توفيرها ونأسف لسقوط العدد الكبير من القتلى والالاف من الجرحى ولاسباب مختلفة واصلها هو الدفاع عن حقوق الشعب بالطرق الحضارية التي اقرها الدستور وكنا نتأمل على ان تتنوّع فيها التعبير و الأساليب السلميّة لتلك المظاهرات، من هتافات التضامن التي لا تسيئ لاحد ودعوات الوحدة بين اطياف المكونات وصولاً إلى اعتصامات في المدن دون التجاوز على المرافق العامة والمؤسسات والطرق والمعابر التي يرتزق منها العامة من المواطنين .

على الرغم من قيام بعض المتظاهرين بأعمال اعتداء وتخريب واستغلال لياليها من ضعفاء النفوس ترفاً لقضاء نزواتهم الشيطانية التي لا تمن عن ثقافة مجتمعنا وأصرّ المحتجّون الاخرون على الاستمرار بسلميّة حراكهم. وفي نهاية المطاف، كما يريدون ، أو على الأقلّ جزء أساسيّ ممّا يبغون وعدم اكتراثهم بالمسيئ او المنحرف.

لقد حرصت الدول الديموقراطية على التأكيد على هذه الحرية (التظاهرات السلمية) في دساتيرها، وتنظيم ممارستها في قوانينها.

نجد أن الدساتير الديمقراطية تحرص على تكريس الحريات العامة للأفراد، وتجعل المهمة الأساسية للدولة هي حماية هذه الحريات، وكفالة ممارستها بأعلى درجة ممكنة من اليقضة والحذر من الانجرار الى التهور ، لأنه بات من المسلم به في دول عالمنا المعاصر أن نظام الحكم لا يعد ديمقراطياً ما لم يكفل تمتع الأفراد بحرياتهم، لا سيما التظاهرات السلمية،

تتطلب مهارات وقدرات مختلفة من حفظ الأمن الروتيني، على وجه التحديد لان هذه المهمة تتطلب الموازنة بين المصالح والحقوق المتعارضة للأطراف كافة ،المتظاهرون منهم وغير المتظاهرون

ينبغي من المتظاهرين الالتفات الى الامور التي تسبب درجة معينة من تعطيل الروتين اليومي ولابعادها عن التشويه والدس على حد سواء في الشوارع والأماكن العامة الأخرى اوحتى المؤسسات الحكومية على اساس انها مواقع مشروعة للتجمعات خطاءاً مثلما يحدث امام موانئ البصرة والمشاريع النفطية التي تعتبر الشريان الرئيسي لدعم اقتصاد البلد وتترتب عليها خسائر تضر بكل مواطن دون استثناء وتسبب في غلاء المواد وزيادة التأمين البحري وتسبب هجرة السفن والبواخر الى الموانئ الاخرى لدول الجوار وقد تفرض عقوبات دولية من قبل المنظمة العالمية للملاحة وينتفع التجار للمطالبة بالتعويضات عن الخسائر ،

وتُوافق الغالبيّة الساحقة من المشاركين والمتابعين على التظاهرات السلميّة للتعبيرعن المطالب يجب ان تعبّر عن توجّه أخلاقيّ وقيميّ في الدفاع للحصول على الحقوق لكن وما نضيفه هو أنّ سلميّة التظاهرات يجب ان تكون معبرة عن ذلك بالممارسة و الحكومة هي الجهة الوحيدة المسؤولة مباشرة عن حفظ أمن التجمعات العامة والتظاهرات السلمية، ولا ينبغي ترك هذه المسؤولية أو أناطها إلى أي جهة أخرى ، تحت أي مبرر كان ولا ترتبط فقط بالأخلاق وإنّما أيضاً بالفاعليّة الصحيحة على ان لا تفرض الاحتجاجات نفسها بوصفها شكلاً من أشكال الصراع السياسيّ بين المحتجّين وأصحاب السلطة. لان هناك ثمة في العادة طرف ثالث من الجمهور الذي قد يتردّد في الوقوف مع المتظاهرين أو الاصطفاف بجانب صانع القرار أو الإبقاء على حياده. التظاهرات تكون مثيرة للإشكال في كثير من الأحيان.بسبب الشعارات والهتافات المرفوعة المسيئة من جهة على جهة اخرى تدفع إلى واجهة الأحداث و هي مشكلة مهمّة بالنسبة إلى جزء من الجمهور وهامشيّة بالنسبة إلى الجزء الآخر، أو بالحدّ الأدنى غير متمتّعة بالأولويّة. وقد ينسحب الخلاف أيضاً حتى على طريقة التعبير عن هذه المشكلة. وتعطي سلميّة التحرّك فرصة أكبر للحصول على تعاطف الطرف الثالث، في مكسب إضافيّ للضغط على السلطات. وبالعكس، يمكن المظاهرات العنفيّة أن تدخل نفسها في صراع خاسر مع بيئتها .

نحن مع الحراك الشعبي الحضاري. وإلا فإن البلد والأوضاع سوف تخرج عن السيطرة عبر إشاعة الفوضى، وهذا ما لن يخدم الغرض من مطالب الشعب المحقة والمشروعة .

كما اؤكد على ان سياسة الامن الناعم في التعامل مع المظاهرات السلمية الملتزمة وحمايتها افضل من استخدام العنف وتفريقها بالقوة ، خاصة و ان الكثير من المطالب اما اصلاح اقتصادي او اجتماعي وليس سياسي مع احترامي وتقديري للتجمعات ذات الطابع السياسي. وأن ما أصابنا ليس إلا جرحاً عابراً سيندمل قريباً ونتعافى منه سريعاً وسينهض بلدنا من كبوته قوياً، شفافاً رقيقاً مستبشرا بغده ويستعيد القه الذي كان.

عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here