ثمن استرجاع الوطن

شعار ” نريد وطن ” الذي رفعه الشعب المتظاهر بوجه حكام العراق الجدد كشف حجم المأساة والمعاناة التي يتمرغ فيها العراقيين جراء الفساد المستشري في كل مؤسسات ومفاصل الدولة منذ 2003 لحد يومنا هذا، لان مطاليب الشعب هذه المرة لم تكن في سبيل ماء نظيف او لاجل ساعات من الكهرباء الوطنية او من اجل تحسين الواقع الخدمي في مدينة ما…. بل ان تظاهرات اليوم هي، بكل اختصار، من اجل استرجاع الوطن ( العراق )، لذا نجدها عامة وشاملة لا تقتصر على مدينة واحدة او طائفة محددة او حزب معين او فئة واحدة بل هي ثورة شعبية ضد الفساد والطغيان بغض النظر عن كل الانتماءات.

الاجراءات التي يقوم بها البرلمان والحلول التي يطرحها المتحكمين بزمام الحكم في البلد ما هي الا حلول وقتية وتخديرية هدفها اسكات الشعب العراقي واستغفاله لان مشكلة الشعب العراقي ليست مع شخص معين او قانون معين بل هي مع النظام القائم، النظام الذي اسس الطائفية وبنى جمهورية الفساد ومرغ كرامة العراقيين بالوحل واعطى مطلق الحرية للدول الاخرى لانتهاك سيادة الوطن وجعل من المواطن يعيش تحت خط في اغنى بلد في العالم، نظام اختصر الوطن بكل ما فيه من نفوس واموال بيد بضعة رجال لا وطنيين.

مضت اكثر من ستة عشر عاما على تغيير النظام العراقي السابق بالحالي والشعب ينتظر ويتمنى حتى يئس اليأس! من صبرهم وتحملهم، ستة عشر عاما من الحكم الديمقراطي!!! تلخصت مجمل انجازات حكامه بنهب اكثر من 1000 مليار دولار من خزينة الدولة والمال العام، الحط من كرامة المواطن العراقي داخليا وخارجيا وتكميمه، اشعال حرب طائفية مقيتة لا علاقة للشعب فيها، تدمير الوطن وتفكيكه وانشاء دويلات داخل دولة، انشاء ميليشيات مسلحة خارجة عن القانون تفتك بالارواح وتغتصب الاموال والممتلكات، جعل الرشوة والفساد يستشريان في كل مؤسسات ومفاصل الدولة….. ورغم كل ذلك فان الشعب اعطى هؤلاء الحكام اكثر من فرصة لتصحيح مسارهم وتقويم اعوجاجهم والتكفير عن جرائمهم لكن ” لا حياة لمن تنادي:.

“نريد وطن” شعار ومطلب واضح بسيط الفهم وكبير المعنى على الحكام الديمقراطيين! ان لا يتجاهلوه ولا يتعاملوا معه باستصغار ولا مبالاة، فالمتظاهرين العزل الذين نزلوا الى الشارع للمطالبة بحقوقهم مستخدمين حقهم الدستوري في التظاهر السلمي والتعبير الحر عن الرأي لم يكن في نيتهم احداث انقلاب وقتل المسؤولين وعوائلهم وسحلهم في الشوارع، بل كل مبتغاهم هو استرجاع وطنهم المستعبد، وبدلا من الاستماع الى صوت الشعب وتحقيق مطاليبه المشروعة كانت نيران القناصة وبنادق الميليشيات التابعة والغازات الممنوعة دوليا حاضرة لاسكات الشعب الثائر، وبذلك اثبتوا للعالم زيف ديمقراطيتهم التي جاءوا ليحكموا بها، فاذا كانت الديمقراطية تعني حكم الشعب لنفسه فان ذلك ايضا يعني ان الشعب يستطيع ومن حقه تبديل الحكومة التي لا تلبي مطاليبه المشروعة ولا تحفظ كرامته.

صرخة :- استرجاع الوطن وتحريره من طغيان الطغمة الفاسدة التي تحكمه منذ 2003 يكون بتقديم الفاسدين الذين نهبوا ثروات البلد للعدالة ليحاكموا وفق القانون العراقي النافذ على جرائمهم التي طالت كل اطياف وفئات الشعب العراقي كخطوة اولى، لانه لولا ترسيخ القانون وتسييده لن يكون في الوطن امن ونظام اي كان حاكمه او نظام حكمه، وبعد ذلك يكون لكل حادث حديث.

كوهر يوحنان عوديش
[email protected]

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here