أين الحقيقة في مصرع المشير الركن عبد السلام محمد عارف؟!

زهير خضر ياسين العاني
وقد جاء في افادة الشاهد انيس حنا مارينا, رئيس مراقبي السيطرة في مطار البصرة قوله: ولقد سمعت حوارا بين الطيارين يقول احداهما للاخر: شيريد هذا من سرعة طيارتنه اتركه. فاجبته عيني احنه نريد سلامتكم.. اذا رايتم جسرا كبيرا على نهر الفرات وبساتين نخيل وملتقى نهرين فهذه القرنة. ويقول المراقب الجوي انيس مارينا في افادته ان الاجراءات التي يجب ان يتخذها الطيار قبل طيرانه اولا: يجب ان يذهب الى برج المراقبة او غرفة وسائل الايضاح ليقف على خطة الطيران, وحالة الجو, وعليه ان يملأ استمارة خط الطيران. وهذه الاجراءات يجب ان يتبعها جميع الطيارين المدنيين والعسكريين بلا استثناء. اما شهادة فريد عبد الاحد المراقب الجوي في مطار البصرة فقد افاد فيها انه سمع كلاما يجري بين الطياريين خالد ومنذر. وان خالد ينادي على منذر, وانه اي شاهد تدخلا بينهما وسالهما عما اذا كانت الطيارات تحمل السيد رئيس الجمهورية, فاجيب بالايجاب, وقد اعطى اليهما التقرير الجوي باللغة العربية, كما يلي: “اتجاه الريح 350 درجة, سرعته 4 عقدة, مدى الرؤيا 4 كيلومتر, في الطقس اتربة معلقة الغيوم مهدومة, الضغط الجوي 1008 و6 اعشار مليار فشكراه على ذلك. وذكر شاهد كذلك في افادته, انه في نحو الساعة السابعة و6 دقائق سمع الطيار خالد ينادي على منذر ويقول له “انه لا يرى شيئا” وان الطيار منذر اجابه: “اني اراك امامي.. استمر”. وذكر الشاهد انه سال الطيار خالد مستفسرا منه عما اذا كان يرى نارا مشتعلة في منطقة الزبير او الشعيبة.. فلم يجبه خالد. وان الطيار منذر طلب منه ان يعطي للطيار خالد اتجاه بالنسبة للمطار. وانه اي الشاهد طلب من الطيار منذر ان يمهله للاتصال بالشعيبة لعدم وجود الالة في مطار البصرة.. وانه اتصل فعلا بالشعيبة وطلب ان يعطيه الاتجاه وقد اجاب المطار بعدم وجود الالة لديه. وذكر الشاهد ايضا انه لما سمع قول الطيار خالد انني ضللت طريقي اخبر مدير شرطة الموانئ سليمان بكر بما سمع, وان الاتصال بينه وبين خالد انقطع بعد ذلك نهائيا. ختم سالم عزت رئيس هيئة التحقيقية تقريره النهائي بقوله: وقد ظهر للهيئة التحقيقية مجددا, وبعد استكمال التحقيق, وبالاضافة الى ما ورد في تقريرها الاولي السابق, ومن تقرير مدير المعهد الكيمياوي المرقم 1243والموؤرخ في 25/4/1966 المعنون الى رئاسة اركان الجيش …ما يلي:
1- ان الطائرة لم تحترق بالجو, وانما جرى احتراقها بعد اصطدامها على الارض, وحصول الاحتراق نتيجة تسرب وقود الطائرة الى محركاتها وهي في حالة الاشتعال.
2- لم يعثر بين حطام الطائرة على اي اثر مادي, يدل على وجود قنبلة توقيتية او مفرقع يدل على حصول انفجار مدبر.
ختم سالم محمد عزت, رئيس الهيئة التحقيقية قائلا: لقد اتضح لنا من جراء التحقيق, ان الحادث كان قضاء وقدرا. ولم يتسبب عن تخريب واضح او مقصود. هذا من ناحية, ومن ناحية اخرى فان هناك تقصيرا تسبب عن غير قصد في حدوث هذه الماساة, والتحقيق لا يملك تحديد وجوه هذا التقصير. ومهمتنا انتهت عند هذا الحد. من جانب اخر فان هناك بعض المواقف التي تلقي بظلالها على الحادث وتشير مجموعة من التساؤلات كونه كان مدبرا وليس قضاء وقدرا حيث جاء في تقرير الهيئية التحقيقية “ولم يتأيد للهيئة حصول عاصفة ترابية او زوبعة بصورة قاطعة” حيث لم يتمكن “احد من الركاب في الطائرتين من تاييد حصول عاصفة او زوبعة”. اذ بخلاف ذلك “فان السيد عبد العزيز بركات ومتصرف الناصرية ذكر بشهادتيهما ان مدى الرؤيا خلال طيرانهم كانت واضحة بالنسبة اليهما شخصيا, كما ان الطيار خالد لم يذكر خلال محادثته مع زميله منذر مصادفته لعاصفة او زوبعة”. وتقول كريمة الرئيس عبد السلام عارف السيدة وفاء بان “والدتها قالت لعبد الرحمن البزاز عندما جاء مع زوجته لتعزيتها, جاي تعزيني يا عبد الرحمن وانت وراء قتل زوجي… روح… ما ريدك اتموت موت الله يا عبد الرحمن” حيث ساد اعتقاد في حينها ان المستفيد الاول من موت عبد السلام هو البزاز الذي كان يرنو بعينيه صوب مركز رئيس الجمهورية وان العوامل الداخلية والخارجية تقف معه في للوصول الى هذا الموقع. وثمة راي اخر تورده السيدة وفاء عبد السلام عارف هو (ان اجهزة المخابرات المصرية هي التي خططت لقتل والدي.. وانها كانت وراء الحادث) حيث ان صعود نجم عبد السلام في المشرق العربي ومنافسته لجمال عبد الناصر هي التي دفعت الى تصفيته. وهناك نظرية اخرى تقول ان امريكا وبريطانية واسرائيل قد خططا لقتله وذلك تمهيدا لما كان مخطط له في المنطقة من اشعال حرب 5 حزيران 1967, لانه مهما قيل من برود العلاقة بين جمال وعبد السلام في ذلك الوقت فان هذا لا يمنع عبد السلام عارف من التحرك لدخول الحرب وبكل قوة لنصرة الاشقاء وهذا الموقف قد يعمل على افشال ما خطط له من قبل امريكا وبريطانية واسرائيل, لما عرف لعبد السلام عارف من شجاعة واقدام وبطولة قد تصل الى حد التهور اذ لولاه لما نجحت ثورة 14 تموز وسقط النظام الملكي في ظرف ساعات معدودة على اصابع اليد الواحدة, وهو الذي ركب دبابة وتوجه بها نحو معسكر الرشيد وتصدى لحركة حسن سريع في تموز 1963 وكان بمنصب رئيس جمهورية, ويؤيد هذا القول كل من الدكتور جابر عمر اذ يذكر ان وجود عبد السلام عارف في السلطة (يكون خطرا كبيرا على سير الاحداث, ومعرقلا للمخطط المرسوم, فإزالته اصبحت ضرورة ملحة قبل قيام حرب حزيران 1967). ويروي فيصل حسون نقيب الصحفيين انذاك والذي كان مرافقا للرئيس عبد السلام عارف ان هناك قوى كبرى (كانت تمهد للخامس من حزيران 1967, وهي التي ارادت ان تخلي الساحة من اي قوى يمكن لها ان تعرقل تنفيذ هذا المخطط المزمع تنفيذه في 5 حزيران 1967 ويؤيد هذا الراي السيد عبد السميع محمد عارف الشقيق الاكبر للرئيس عبد السلام محمد عارف من ان (الانكليز, وشركات النفط, واليهوديية العالمية, كانوا وراء مصرع شقيقه). ان المحصلة النهائية التي يمكن الخروج بها لحادثة مصرع الرئيس عبد السلام عارف وان كانت اجتهادا قابل للصواب او الخطا, هي ان مصرعه لم يكن قضاءا وقدرا وانما كان مدبرا من جهات خارجية لان منطق ومسار التاريخ علمنا بان وقوع احداث جسام لم يات صدفة وانما يكون تمهيدا لمخطط اكبر في الساحة الدولية وصراع الاضداد بها, ومثال ذلك النظرية التي تؤكد ضلوع المخابرات الامريكية في احداث ايلول في نيويورك, لذا فان عوامل ما خطط له في 5 حزيران 1967 كانت تقضي في احد عناصرها ازاحة المشير الركن عبد السلام محمد عارف من الحكم بقتله حتى يتم تنفيذ المخطط كما رسم له, ودعونا نتخيل المسار لحرب 5 حزيران في اذهاننا لو كان عبد السلام محمد عارف في الحكم لقاد بنفسه ارتال الدبابات العراقية صوب سوح القتال وبفعالية وكفاءة, وان كان هذا السيناريو افتراضيا لكنه كان قد يحصل بشكل او باخر وعبد السلام محمد عارف موجود ونشبت حرب 5 حزيران..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here