“أمّ المتظاهرين” تغسل ملابس ثوّار العراق

بغداد ــ محمد الملحم

14 نوفمبر 2019

تحولت أم سلوان أو “أم المتظاهرين”، كما صار لقبها، إلى أيقونة في “ساحة التحرير” في العاصمة العراقية بغداد، حيث يناديها المتظاهرون بـ “يمة”، و”ماما”، و”أمي” و”يُوم”، و”حجية” و”حبوبة”، وفقاً للهجة كل عراقي، بعد دأبها منذ انطلاق التظاهرات على غسل ملابس المتظاهرين وخياطتها وتجفيفها.

ويجد بعض المتظاهرين، وتحديداً من فقدوا أمهاتهم، أنّ وجود أم سلوان فرصة لإعادة ترديد كلمة “يمه”، إذ يؤكد علي عباس النعيمي، لـ “العربي الجديد”، أنه اشتاق لنطق هذه الكلمة بعد وفاة أمه منذ سنوات، فوجد أم سلوان تجيبه (يا بعد أمك)”.

وتقول أم سلوان (60 عاماً)، لـ “العربي الجديد”، إنها تغسل الثياب وكأنهم لأبنائها، وتجد ذلك واجباً عليها. وتضيف: “أغسل ملابس أبنائي المتظاهرين، لأن العديد منهم قادمون من محافظات أخرى غير بغداد، للوقوف على سواتر جسر الجمهورية، بالإضافة إلى المتظاهرين من بغداد”.

وتتابع: “اشتريت غسالة وجئت إلى ساحة التحرير لأغسل الملابس، فلا شيء أجيده غير ذلك، وهذا خدمة مني للتظاهرات، ولشدّ أزر المتظاهرين وتعزيز موقفهم للثبات على هذه الخطوة العظيمة، في الوقوف بوجه السلطات الفاسدة، حتى ينالوا حقوقهم كاملة”.

ويرى أبو عبد الله (66 عاماً)، لـ “العربي الجديد”، أنّ ما تقوم به أم سلوان حالة نادرة، ويقول: “لأنها فقيرة ولا تملك شيئاً، اقترضت ثمن الغسالة وحضرت لخدمة أبنائها المتظاهرين. أنا أعاني من أمراض الضغط والسكري والقلب، وواظبت على الحضور يومياً الى ساحة التحرير، وعندما رأيت ما تقوم به أم سلوان اندهشت وتيقنت أن النصر آتٍ على يد المتظاهرين، بثباتهم أمام الفاسدين”.

ويقول المتظاهر هادي سليم (32 عاماً) لـ “العربي الجديد”: “أنا متظاهر منذ 14 يوماً، وهنا تغسل أمي العراقية ملابسي، وأطلقنا على أم سلوان اسم (أم المتظاهرين)، لأنها أم حنونة تغسل ملابسنا، وتمثل الشرف العراقي، والصورة الحقيقية للعراق”. ويضيف: “أنا مصاب وتعالجني أم سلوان وتطمئن على حالتي، ولم يجمعني بها سابق معرفة، هي أفضل وأشرف وأنبل من البرلمانيين والفاسدين الجاثمين على صدورنا من السياسيين”.

وفي السياق نفسه، توضح أم أحمد التي حضرت لتساعد أم سلوان في غسل ملابس المتظاهرين: “كان أبنائي يجلبون ملابسهم وأغسلها في البيت، وما إن قالوا إنّ أم سلوان تغسل ملابس المتظاهرين، حتى حضرت لمساعدتها”. وتضيف: “نغسل الملابس ونخيط الثياب الممزقة جراء الظروف السيئة التي يمرّ بها المتظاهرون، وأبناؤنا موجودون في الساتر على جسر الجمهورية وقدمنا لخدمتهم، وهدفنا الحفاظ على ثبات أبنائنا وصمودهم حتى نيل المطالب التي خرجوا من أجلها. نريد وطناً”.

أما أحمد صادق (58 عاماً) فيقول لـ “العربي الجديد”: “هذه الحالة التي ظهرت بها الأم العراقية إيجابية وجميلة، فهي تركت بيتها وأطفالها، لتغسل ملابس المتظاهرين، وكلهم أبناؤها، لم تفكر بشيء غير حقوق أبنائها ومطالبهم، اشترت الغسالة بالدّين، وغالباً هي كقريناتها من العراقيات، يسكنّ في بيوت التجاوز أو الإيجار”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here