الإرتماء في أحضان الأجنبي والتوازن الدبلوماسي

فارس حامد عبد الكريم
إحدى أهم مشاكلنا الوطنية اننا نحب لدرجة الهيام ونكره لدرجة العمى، وأنعكس ذلك على فكر سياسي الدولة العراقية منذ نشأتها، فترى الحكم الملكي قد انغمس في العلاقات مع بريطانيا وتوجه معها بالعداء تجاه جميع أعدائها حتى قيل وقتها ان الحكومة العراقية (انكليزية أكثر من الملكة البريطانية)، وجاءت حكومة عبد الكريم قاسم لتقلب الآية وتجعل العراق بالكامل في المحور السوفيتي وحصدت اعداء وخصوم في كل الاتجاهات عربية وغربية. علماً ان مؤتمر يالطا عندما قسم النفوذ الدولي عقب الحرب العالمية الثانية بين المعسكر الغربي والمعسكر السوفيتي وضع العراق كمنطقة نفوذ غربي والتزم السوفيت بذلك ولم يساندوا صعود الشيوعيين للحكم في العراق.
وانغمس بعض الساسة والجماهير في تأييد ومساندة جمال عبد الناصر لدرجة الوله والهيام الأعمى لدرجة ان البعض خرج بتظاهرات عارمة ضد بناء ميناء أم قصر بداعي انه ينافس قناة السويس مطالبين بوقف هذا المشروع الحيوي العملاق، ولم نكن نسمع من جمال إهتماماً يذكر بمشاكل العراق وشعبه.
وهكذا استمر منوال السياسية العرقية حتى سقوط النظام الصدامي الذي وسع نوعاً ما من علاقاته مع الغرب أملاً في نجاته.
جل دول العالم تسعى، وخاصة بعد انتهاء الحرب الباردة الى إقامة علاقات متوزانة مع جميع دول العالم وعدم الإنجرار وراء سياسة القطب الواحد ولو كانت فيما بينها وبين تلك الدول منافسات او منازعات تجارية او مشاكل حدودية، تجنباً لأن تكون دولها ساحة صراع بين الأقطاب ويحل الخراب في دولها، وهي في أغلب الأحوال لاتظهر عدائها لأية دولة ولو كان ذلك موجوداً في السر.
ينبغي ان لاننظر الى دول الجوار ومن ثم الى بقية دول العالم لا كأصدقاء حد العشق ولا أعداء حد العمى بل ننظر اليهم بعين مصلحة العراق الثاقبة وأن نقيم علاقات متوازنة مع جميع دول العالم – عدا اللقيطة اسرائيل مع العلم ان سفارتها في قلب القاهرة ولم يهاجمها أحد حتى في عهد مرسي والأخوان- نقول علاقات دولية أساسها السيادة الوطنية ومصلحة العراق ولانظهر العداء علنا لأية دولة مالم تكن هناك مصلحة تقتضيها وسندرك الفرق في استقرار العراق وسعادة شعبه ولن يكون وطننا الغالي ساحة معركة بين الأقطاب المتنازعة يخرجون منها سالمين وتحل علينا المآسي وليكن العكس هو الصحيح.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here