تجلّي ……


تجلّي

علي الإبراهيمي

هذا الطريقُ وكلَّ منزلةٍ أرى
طيفَ الجمالِ ، كأنّهُ بكَ قائمُ
فمتى جمالُكَ قد أراهُ محقَّقاً
و متى أراكَ ، أنا لمثْلِكَ قادمُ
يا صاحبَ الوجهِ الكريمِ كرامةً
إنّي ببابِكَ والمُضَيِّفُ يُنْعِمُ
قد قادني شوقي إليكَ محبّةً
أنّى أُرَدُّ بحسرتي أتجهّم
إني اُقرُّ لقد أتيتُ خطيئتي
زمنَ الجفاءِ ، أنا المقرّرُ نادمُ
فتعالَ نفتحْ يا حبيبُ صحيفةً
فيها المودّةُ والمحبّةُ تحكمُ
قد طال حزني إذ يطولُ فراقُنا
والجمْعُ في حرَمِ المودّةِ أسلَمُ
إنْ طلَّ وجهُكَ قد يُغيِّبُ أوجهاً
سرقتْ فؤادي إذ أغيبُ فأَظلِمُ
إني جوارُكَ ، والجوارُ أمانةٌ
فاحفظْ جواري والمجيرُ لهُ الدَمُ
إني أحبُّكَ ، والمحبّةُ ديدني
فاقبلْ وفودي في الذينَ تعلّموا
وانظرْ إليَّ مع الذينَ تشفّعوا
واسمعْ كلامي في الذينَ تكلّموا
واكتبْ على صحفِ الزمانِ وصالَنا
فأنا الذي من فرطِ حبِّكَ أكتمُ
والحبُّ في صدرِ الرجالِ قصيدةٌ
والشِعْرُ ما يُتلى ، لذلكَ يُنظَمُ
أهواكَ من صغري ، أدورُ بفطرتي
بينَ المشاهدِ ، بالودادِ أتمتمُ
وأحسُّ طيفَكَ في جميعِ مشاهدي
وأعيفُ أصحابي الصغارَ وأفهَمُ
وأدورُ في فَلَكٍ يدورُ محبّةً
لجمالِ وجهِكَ والجمالُ يُنظّمُ
وأظلُّ أنثرُ في دروبِكَ نظرتي
فعسى تشاهدُ ما زرعتُ فتَقْدِمُ
فمتى تراني أو أراكَ لمرّةٍ
فلقاءُ مثْلِكَ يُستطابُ ويُلهمُ
تعبتْ ظنوني والهواجسُ جمّةٌ
وسوى ودادِكَ فالودادُ محرَّمُ
لا تترك الغَرَّ الصغيرَ مضيَّعاً
بينَ الظنونِ كأنَّ وجهَهُ أعسَمُ
يَبسَ الفؤادُ وذا الفراتُ مجاورٌ
فأنا الذي من دونِ مائِكَ صائمُ
وسوى جمالِكَ لن يزيلَ بيَ الظما
فجميلُ وجهِكَ كالمَعينِ وأحكَمُ
ما كان شيءٌ في الضياءِ مُكَمّماً
لكنَّ أصلَ وجودهِ بكَ يُختَمُ
وتكادُ أوتارُ الحياةِ مقادةً
تحكي غناها بالجمالِ وتُعلِمُ
تهتزُّ شوقاً للحبيبِ إجابةً
لجميلِ وجهِكَ إذ يطلُّ فيُكرَمُ
وتدورُ أفلاكُ القلوبِ بسرِّها
في ظلِّ بابِكَ إنْ أذنتَ وتقرِمُ
ويكونُ نسجُ العالمينَ تَمثّلاً
لربيعِ عطفِكَ إذ طلعتَ ويُكتَمُ
هذا أنا بالبابِ جئتُ بأدمعي
حَرِقٌ شغوفٌ أستميحُ ونادمُ
مالي وفاءٌ إنْ أردتَ حقيقتي
لكنَّ حبَّكَ في الفؤادِ معظَّمُ
الدربُ دربُكَ والمفاوزُ كلّها
تأوي إليكَ ، كأنّها تتسالمُ
والماءُ ماؤكَ ما أذنتَ لنهرِهِ
يجري بأرضِكَ أو يصبُّ فننعَمُ
فاجمعْ شتاتي يا جميلُ بنظرةٍ
فأنا بدونِكَ يا حبيبُ مُقَسَّمُ
ما عادَ صبري يستطيعُ تحمّلي
وبلا وصالِكَ من وجوديَ اُحْرَمُ
وأظلُّ أبحثُ أن تجودَ على الذي
من فرطِ حاجتِهِ يكادُ يسلِّمُ
قد كادَ ينسى حينَ أطرقَ قلبُهُ
وجهاً بهِ كلُّ الملامحِ أدوَمُ
وأنوءُ ثقلاً إنْ تركتُكَ مرغماً
فأنا بوجهِكَ أستكينُ وأغنَمُ
إني بقربِكَ كالمحاطِ بأمِّهِ
وإذا تركتُكَ قد أضلُّ وأندَمُ
خذني بحبّي إنْ سئمتَ خطيئتي
وكذا الصغيرُ خيالُهُ مُتحَكِّمُ
أنتَ الصبورُ وكلُّ فعلِكَ رائعٌ
فأْذنْ بوَصلي ، إنني متأزّمُ
وانظرْ إلى شغفي وقلّةِ حيلتي
فأنا ببابِكَ مذ أذنتَ مُسَلِّمُ
أرجو نوالَكَ ما استطعتُ معاوداً
لكنَّ مثْلي في التصابرِ يُحْجِمُ
فتولَّ أمري إذ علمتَ وفادتي
فجميعُ حاجاتِ الوفودِ تفخَّمُ
لا تتركنَّ صبابتي وبما أتى
نزَقي احتياجاً فالمحبّةُ أقدَمُ
لولا الحياءُ أبحتُ لونَ قضيَّتي
لكنَّ مثلي قلَّما يتكلَّمُ
يا ذا الجمالِ وكلُّ وجهِكَ مزهرٌ
فُتنَتْ قلوبُ العاشقينَ فأقدموا
ما سرُّ عينِكَ إنْ نظرتَ إلى الذي
خَبرَ الغرامَ يُصابُ منكَ ويُعدَمُ
ويغيبُ في سرِّ المحبّةِ سابحاً
فكأنّما فلَكٌ حواهُ وأنجمُ
ويظلُّ يذكرُ ما أفاقَ غرامَهُ
ويعدُّ آياتِ الجمالِ ويبسمُ
ويدورُ في حدِّ الثمالةِ عاشقاً
نشوانَ من فرطِ الهوى يترنّمُ
قد فاقَ وصفُكَ ما أقولُ فكيفَ لي
إنّ الذي قد رامَ وصفَكَ أيهَمُ
فأنا المُعنّى في غرامِكَ مُبتلى
مالي سوى فتحٍ لبابِكَ بلسَمُ
وأذوبُ شوقاً إنْ سمعتُ لمرّةٍ
أنَّ الطريقَ ممهّدٌ له أرهَمُ
يسقي اشتياقي إنْ سعيتُ ببهجتي
أرنو إليكَ كأنني مُتعلِّمُ
ذبلتْ شفاهي فاسقني بتحنّنٍ
علّيْ أقومُ إلى اللقاءِ وأرئِمُ
وانثر ورودَكَ في الطريقِ فعطرُها
يُبقي الحياةَ لمَنْ يكدُّ ويَفغَمُ
تغري جميلاتُ الخلائقِ نظرتي
لكنَّ قلبي في جمالِكَ جاسمُ
وتهزّني فتنُ المظاهرِ حاجةً
وأعودُ أنظرُ ما تريدُ أُهَمْهِمُ
وتشغلني بالشكلِ أوعيةٌ لها
بندى عروقِكَ يا حبيبُ قواسمُ
وأردُّ أسرحُ في بهائِكَ خاجلاً
وأتوبُ لكنْ ما لديَّ عوازمُ
فأنا المُضَيَّعُ في البلادِ بغربتي
وأنا الذي مذ غابَ وجهُكَ هائمُ

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here