موجة الاحتجاجات بلا قيادة .. أين تمضي سفينة التظاهرات العراقية؟

موجة الاحتجاجات بلا قيادة .. أين تمضي سفينة التظاهرات العراقية؟

وكانت الاحتجاجات قد انطلقت مطلع أكتوبر الجاري في معظم المحافظات العراقية، بشكلٍ مفاجئ وبأعداد غير متوقعة، خصوصاً وأنه لم يسبقها دعوات من قبل جهات أو شخصيات لها أنصار في الشارع العراقي.

واعتمد المتظاهرون حينها، على مواقع التواصل الاجتماعي للخروج في (1 أكتوبر)، باحتجاجات راح ضحيتها آلاف الأشخاص بين قتيل وجريح، استمرت نحو أسبوع، قبل أن تتوقف «مؤقتاً» بعد القمع الشديد التي واجهته، استعداداً لانطلاقها مجدداً في يوم الجمعة المقبلة.

وفيما لم يتبنى أيّ من الأحزاب أو التنسيقيات المعروفة هذه الاحتجاجات، رأى متابعون أن الجيل الجديد يئس من إحداث تغيير من خلال التظاهرات السابقة، التي تنظمها تيارات مدنية، أويدعو لها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر.

رفض لتنصيب قيادة

ويبدي المتظاهرون امتعاضهم ورفضهم الشديدين، حيال أي جهة أو شخصية تتحدث باسم المتظاهرين، سواء كانت سياسية أم مدنية مستقلة.

ويستذكر المحتجون، الرافضون بروز ممثل عنهم، موقف زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر حينما دخل على خط احتجاجات 2015، التي انتهت بإصداره أوامر إلى أنصاره بالانسحاب بعد تمكن المحتجين من الدخول إلى المنطقة الخضراء، فيما اتهموه باختطاف الاحتجاجات من أصحابها وخذلانهم.

وتعالت الأصداء الرافضة لأن يكون الصدر داعياً إلى التظاهرات بعد إصداره بياناً قدم من خلاله دعمه للمتظاهرين، وفيما رحب المحتجون بأنصار الصدر في التظاهرات، إلا أنهم اشترطوا أن يدخلوا متجردين من انتمائهم «الصدري»، لغلق الباب أمام زعيمهم مقتدى الصدر لأن يكون قائداً ومتحدثاً باسم المتظاهرين.

صورة ذات صلة

وقال الناشط علي طه إنه «يجب عدم محورة التيار الصدري باسم مقتدى نفسه، فالرهان على إخوتنا الصدريين هو الدخول مع الآخرين بهويتهم الوطنية قدر الإمكان، لكي يتجاوزوا السبب الذي جعل دخول التيار سابقاً فاشلاً ومكرساً لنفس سلبيات السلطة التي انتفضوا ضدها».

وأضاف طه في تعليق لـ (باسنيوز)، إنه «لا داعي للتخندق المدني بنفس القدر الذي لا داعي فيه للتخندق الصدري، كلنا أخوة في الوطن، وهذه هي هويتنا الأساس، وليكن الشعار (لا لقيادة التيار، نعم للمشاركة)».

بدوره أكد الناشط والمتظاهر عباس التميمي أن سبب كون التظاهرات خالية من قائد والرفض المستمر للمحتجين لأي ممثل عنهم، هو أن «الاحتجاجات بدأت عفوية وقائدها هو المد الأفقي للجماهير ووعيها، ونحن متمسكون بإبقاء الاحتجاجات دون ممثل، والسبب هو ما واجهنا من خذلان من ممثلي الاحتجاجات السابقة في العراق».

واعتبر التميمي خلال تصريح لـ (باسنيوز) أن «مطالب المحتجين واضحة وليست بحاجة أن تدوّن على ورقة ويتفاوض عليها طرفان»، مؤكداً تخوفهم من «المجازفة بأرواح شهدائنا واختيار ممثل قد تؤثر عليه بعض المغريات وينسحب من القضية».

وتعتبر الاحتجاجات الحالية، الأكثر جرأة وجدّية من حيث نوع المطالبات، حيث لم تقتصر على إجراء اصلاحات اقتصادية وخدمية فقط، بل ارتفع سقف المطالب إلى إصلاحات سياسية لا تقتصر على تغيير الوجوه الحاكمة، بل بتعديل الدستور وإعادة صياغته بطريقة تمكن من تغيير شكل نظام الحكم، فضلاً عن إعادة النظر باستقلالية المفوضية العليا للانتخابات وقانون الانتخابات لإبعاد الأحزاب الحاكمة والمشتركة في العملية السياسية منذ 2003 وحتى الآن، وتفعيل القضاء لمحاكمة جميع الشخصيات السياسية التي تدور حولهم شبهات فساد.

ما الفرق عن الاحتجاجات السابقة؟

ويُلاحظ فرق كبير بين جمهور الاحتجاجات السابقة، والجمهور الحالي، إذ يغلب طابع «العصبية» والقوة، والغضب من الوضع القائم لدى «متظاهري أكتوبر» وأغلبهم من الفتيان، القادمين من مناطق شرق العاصمة، مثل مدينة الصدر، والزعفرانية، وبغداد الجديدة، والشعب، وهي مناطق يجتاحها الفقر، وتردي الأحوال المعيشية، وتقطنها أكبر كثافة سكانية في بغداد.

نتيجة بحث الصور عن احتجاجات العراق

أما التظاهرات السابقة، فكانت تقودها نخبة ثقافية، تؤمن بالديمقراطية، وتطالب بإصلاح الأوضاع وتعديل القوانين، وتحسين بيئة الخدمات، لكنها بعد ذلك انخرطت في العمل السياسي، عبر الاندماج والتحالف مع تيارات سياسية.

ويرد على الاتهامات التي توجه لـ «متظاهري أكتوبر» زعيم حزب المواطنة المعارض، غيث التميمي قائلًا: «إن المتظاهرين غير مطالبين بتقديم قيادات لهم، بل الحكومة عليها تقديم الخدمات، إذ خرج هؤلاء المتظاهرون، ليس لأغراض ثانوية، بل بسبب غياب سلطة القانون، وسلطة الدولة، وانتهاكها من قبل مليشيات وعصابات، وشيوخ عشائر وغيرها».

وأضاف خلال تصريح له، أن «هؤلاء المتظاهرين، هم أبناء عوائل عراقية، وليسوا من الخارج، وليست لهم أي دوافع لارتكاب أعمال عنيفة، بل هم مسالمون يطالبون بحقوقهم الشرعية، التي سلبتها الأحزاب خلال السنوات الماضية، والتشكيك بهم، وبوطنيتهم، يأتي بسبب الخوف الذي انتاب تلك المنظومة من الشباب العراقي الواعي، الذي تبين أنه مطلع بشكل جيد على ما يفعله السياسيون».

وواجهت تلك التظاهرات اتهامات، بوقوف حزب البعث (نظام صدام حسين) وراءها، أو دول إقليمية، إذ عزفت كثير من القنوات العراقية عن تغطيتها، خاصة تلك المقربة من إيران.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here