المزيفون في العراق

د.عبدالرضا الفائز [email protected]

يطلب العراقيون الإصلاح. والإصلاح لا يتنفس، فهو مخنوق مع الفساد (الذي ساد) في مجلس النواب، مفتاح التغيير. حيث يكثر الجواري والمماليك الذين بأمر رئيس الكتلة يأتمرون وبخدمته يسبحون ولمصالحه (وحزبه) يدافعون. فلو صير الله لهم “صدفة” السلطة، أول تأسيس العراق لكان العراقيون اليوم يحسدون بلدان أكلة الجراد والبشر. فلا تسأل بعد ذلك، كيف أستطاعت أثيوبيا أن تبنى أكبر سد في إفريقيا والعاشر في العالم بكلفة لا تتعدى الخمسة مليارات ببضع سنوات، وعجز هؤلاء عن التمكن في جمع القمامة وتسييل المجاري. ولا تسأل عن القضاء على البطالة والعطالة والسكن وما فوق ذلك. رغم صرف مئات المليارات من الدولارات.

جاءوا بالدين وغلبوا بالطائفة. لكن دينهم الذي يدّعوه، هو ضد الدين الحقيقي الذي حول شخص كجندب (أبو ذر) من وثني وقاطع طريق إلى ما يعرفه التاريخ اليوم، دون أن يبدل ردائه أو ناقته. دينهم يعطي من لا يستحق ويحرم من يستحق، ودين أبو ذر يقول خليفته إن السلطة لديه ليست أغلى من نعال أو شاة تائهة. دينهم يصنع البطالة ويبيح العطالة، ودين أبو ذر يعجب من لا يجد طعام يومه لا يخرج شاهرا سيفه. دينهم يبيح الرشوة، ودين أبو ذر يضع طرفيها في النار، دينهم نشر القمامة، ودين أبو ذر فيه النظافة من الإيمان، دينهم يحتال بالكذب وإخلاف الوعد وخيانة الأمانة، ودين أبو ذر يرفض النفاق. دين أبو ذر فيه حب الوطن إيمان والعدل أساس، ودينهم لا يعرف ما الوطن. دينهم جعل من كان مشردا أو وافدا، مليارديرا يسرق من أهل وطن أأتمنوه، ودين أبو ذر فيه من أين لك هذا في قصاص. دينهم يهين الأخلاق والفضيلة ويسخر من المبادئ والقيم، ولا دين بدون عبادة الأخلاق والفضيلة والمبادئ والقيم. دينهم يسكن ويجتمع في بيوت ومقرات بناها صدام بعد أن عجزوا عن إدارة المصانع والسدود والمزارع التي تركها وأتلفوا المؤسسات منها ما بقى … فأي عار بعد هذا يحملون، وأي دين يقدمون؟

من أجل المال ذبحوا الحقيقة ودفنوا الدين في مذبح الشريعة. الدين للعزة والأمانة والصدق والمسؤولية، فأين هم من كل ذلك وقد حولوا أكاذيب الخرافة إلى حقيقة، والدخيل إلى أصيل، والسخيف إلى رصين. وجعلوا للجهل مقام وللغباء مكان. فلصغارهم حسابات وحمايات، وكبارهم بنوك وكتائب وأفواج، ولعوائلهم امتيازات حرام، بعد أن مكنوا الإرهاب والسراق والقتلة والمندسين فينا. أتوا على المال العام كالكواسر في مشاريع ومؤسسات تزكم الأنوف سرقاتها، وتؤذي الوجدان مصادرها.

ولأول مرة في تاريخ العراق، أبتدعوا بدعا هي عنوان للضلالة. فسمحوا لأنفسهم في مخالفة دستور كتبوه، وأتوا بشراء المناصب، وتحاصص المكاتب، وتعدد الرواتب، وولاية الأغبياء، والجزية الجهادية، والرواتب ذات الأثر الرجعي، والتقاعدات الفئوية، وسفراء العراق الأجانب، ورعاية الرفحاويين في لندن وكاليفورنيا وأمستردام، قبل سكان الأكواخ والصحيف والعشش والصخر بسبب سوء أفعالهم وإجراءات غبائهم.

إنهم بلداء لا يعوا، حين يتسترون اليوم بهزيل الإصلاحات التي عنها أعواما سكتوا، وآلاف الوظائف التي لا مكان لها حين يوعدوا. أنتفضت البصرة قبل عام ولم ينتبهوا. وثار العراق اليوم ولم يستيقضوا. إنها سكرة السلطة التي تغشى كل فاسد ومزيف. يأمل البقاء وعبور الأزمة، التي حين يأتي وعدها الأخير فسوف يهانون إهانة، هي أوعظ من إهانة جرذ الحفر. فهل يدركون في سراب ما ينتظرهم ووهم ما يأملون. قاتلهم الله أنّا يؤفكون.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here