المظاهرات الشعبية..ماذا في الافق؟

حكمت مهدي جبار

يبدو ان الحكومة العراقية بدأت تلعب على وتر الوقت عندما وضعت سقفا زمنيا لتنفيذ بعض ما شرعه البرلمان في جملة من النقاط صوت عليها النواب.وكأن الحكومة اعتقدت أن المتظاهرين سوف تخفت شعلة غضبهم وتهفت انتفاضتهم فتستغل الحكومة هذا البرود كي تمرر بعض ما قررته بما تراه حلولا لمطاليب الشعب.

هل سيهدأ صوت المتظاهرين وتخبوا حيويتهم تجاه اهدافهم التي رسموها والتي بذلوا فيها ارواحهم ووقتهم وجهدهم وضحوا بأشياء كثيرة من أجل تحقيقها؟ أم سيلجأوا الى طرق أخرى من شأنها أن تحفظ على وجودها كحق ؤشعبي شرعي.

يعتقد البعض ان المظاهرات الشعبية خلال الايام الحالية لم تكن بمستوى توهجها مثل الايام الأولى بينما يؤكد الغالب الأعم من الناشطين أستمرار المظاهرات حتى تحقيق المطالب كاملة.أننا لانعتقد أن الحكومة تراوغ وتذهب باتجاه التسويف والمماطلة بقدر ماهي تعيش حالة من التخبط في اتخاذ قراراتها عسى ان تجد حلا أزاء هذا الحراك الشعبي الكبير.ونرى في الظاهر أنها بدأت تستجيب امام قوة صدمة المظاهرات وراحت تتخذ بعض الحلول.لكنها كما يبدو تعاني من ضعف وعدم قدرة على التصدي للمطاليب الحقة التي خرج بها المتظاهرون.ولا نعتقد ايضا أن وضع السقف الزمني لتنفيذ القرارات التي اتخذت هي حالة هروب بقدر ماهي أمر منطقي وحدود لابد من وضعها كفترة زمنية تمثل مناخ وبيئة لولادة ونضوج تلك القرارات وإلا فأن أي مطلب لابد له من عوامل وشروط واسباب لأنضاجه.

أن السرعة التي يلح عليها المتظاهرون ربما تسبب خسائر للطرفين فلابد من تمعن وتدبر وخلق فسحة بينهما من هنا نجد ومن باب العقلانية أن من المنطقي جدا أن يمنح المتظاهرون مساحة معينة كي يتم انجاز مايمكن انجازه من قبل الحكومة.ترى هل يعي المتظاهرون أن الدعوة لاسقاط النظام السياسي وسحب الشرعية من السلطات الثلاث والغاء كافة الاحزاب انما يتسبب في احداث فراغ كبير وخطير! وهل لدى المتظاهرون بدائل جاهزة لسد الفراغ من اجل تحاشي الفوضى؟ فربما تحدث الفوضى التي لايمكن للحكومة ولا المتظاهرين من صدها وتلافيها.وبالتالي قد يذهب البلد برمته الى الهلاك لاسمح الله.

أن المتظاهرين يملكون الحق كل الحق في خروجهم بهذا الحراك الشعبي الوطني بسبب ما خلفته الحكومة والبرلمان والدولة وحتى القضاء من اهمال واخفاق وبسبب المماطلة في الوقت والوعود الكاذبة التي طال عليها الزمن ففقدت مصداقيتها. وما عزز من احقية المتظاهرين هو التأييد المطلق من قبل المرجعية الدينية العليا في النجف والقوى الوطنية والشعبية.

أن تعزيز الوعي للمتظاهرين امر ضروري جدا للمحافظة على ما حققته حتى هذا اليوم من شيء تمثل في زحزحة منظومة الدولة والحكومة ومؤسساتها العليا الذي يرادف صور النصر ولو بالحد الادنى.فضلا عن ضرورة التمسك بالانتماء الوطني والحفاظ على مفهوم الدولة كمؤسسة وكواجهة حضارية والحذر من الطيش والانزلاق نحو التخريب بدوافع الحماس الزائد الذي لايؤدي الا الى نتائج لايحمد عقباها..فمع الاصرار على الثبات والمرابطة في ساحات التظاهر والاحتجاجات الحقة وقوة العزيمة في محاربة الفساد لابد من عين ترى وبصيرة تمعن باتجاه الحق والحقيقة.والحذر كل الحذر من الاعيب الحكومة وخداع الاحزاب والخشية من المندسين والمخربين واصحاب الغايات الحزبية التي تعمل بالخفاء وراء النوايا الحسنة التي تبحث عن فسحة كي تركب الموجة فتغتال سلمية المظاهرات ووطنيتها.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here