حوار مع الشهيدة زهراء نورَگه

عزيزتي زهراء …

هل لي أن أسألك عن الساعات الأخيرة من حياتك وأنت بين ضباع لا تعرف الرحمة؟ هل لي أن أعرف الحوار الذي دار بينك وبينهم؟ هل صرخت هل بكيت هل توسّلت إليهم؟ هل كانوا يضحكون وهم يحيطون بك كما يحيط السوار بالمعصم؟ هل جلسوا يصلّون عندما أذّن المؤذن داعيا الناس للصلاة، وهل توضئوا بالماء أم بالدماء التي كانت تنزف من جسدك، أم تراهم تيمّموا يا ويلهم بجسدك الطاهر؟ هل قرأوا شيئا من القرآن أو الصحيفة السجّادية وهم يتلذذون بتعذيبك؟ هل كبّروا وهم يغرسون أصابعهم الحاقدة في جسدك؟ هل تتذكرين وأنت وسط هياجهم اللغة التي كانوا يتحدثون بها؟ هل تذكرت أمّك، أباك، أخوتك، أهلك الكورد الفيليون؟ عشرات بل مئات الأسئلة تدور في ذهني وأنا أتخيل تلك الساعات الرهيبة التي كانت تفصلك عن الموت يا زهراء، وأي موت لئيم هو.

عزيزتي زهراء ..

لقد سقط في إنتفاضة أكتوبر التي يخوض شعبنا لليوم غمارها وهو يتقدم بثبات نحو الشمس، المئات من الشهيدات والشهداء الذين سيتطرز ثوب العراق الزاهي بهم وهو ينفض عن نفسه أسمال الإسلام السياسي البالية، وستكونين أنت بالذات أجمل ما سيتطرز به العراق وهو يلبس حلّته الجديدة. ليس لأنك أجمل من باقي شهيدات وشهداء الوطن وليس لأنك أفضل منهن ومنهم أبدا كونكم جميعا (حلوين) وفخر لهذا الشعب ولهذا الوطن، لكنك تختلفين عنهم بطريقة إستشهادك التراجيدية. نعم يا زهراء فهناك فرق بين موت وموت، وبين إستشهاد وإستشهاد.

رصاصة من قنّاص تصوّب نحو رأس يحمل أحلاما كبيرة فتتلاشى تلك الأحلام في لحظة، هو إستشهاد بطولي من أعزل يواجه آلة الموت الجبانة التي تجيد القتل من بعيد. قنبلة دخانية أو مسيلة للدموع يطلقها خائن لشعبه ووطنه وقد يكون إيرانيا، تستقر في رأس نور الجميل لتسرق منه النور، هو إستشهاد بطولي من فتاة أرعبت الطغاة، قنبلة مسيلة للدموع تستقر بحقد همجي في رأس صفاء لتنهي حياة ثائر وحالم بغد أجمل لوطنه، وغاز إسلامي يخنق حيدر وهو يحاول إنقاذ جريح هو إستشهاد حقيقي لشابات وشبان سيغيرون وجه الوطن المتعب ليستعيد عافيته ونضارته. لكن لإستشهادك قصّة أخرى يا زهراء، قصّة تروي لنا جبن السلطة وقذارتها، قصّة سنرويها بلا شك لأجيالنا القادمة كي يتعرفوا على بشاعة الإسلام السياسي وعصاباته المؤمنة بالله التي عاثت وتعيث بالوطن فسادا وقتلا.

زهراء ..

فتاة كوردية فيلية في ريعان شبابها، تختطفها الميليشيات الشيعية المؤتمرة بأمر قاسم سليماني من أمام منزلها ببغداد المسبية كون والدها ناشط في إنتفاضة شعبنا. فيمارس القتلة الساديون هوايتهم في تعذيبها، ليتحول جسدها بعد ساعات من خطفها الى مسرحا لسكاكينهم وآلاتهم الجارحة الأخرى، مسرحا للصعق الكهربائي، مسرحا للعصي والقضبان وهي تنهال على جسدها النحيل، مسرحا لقبضات جبانة وهي تتوجه بحقد ولؤم الى وجهها وباقي أجزاء جسدها. إذن فالموت هنا مختلف والإستشهاد أيضا مختلف، فزهراء شهيدة من طراز آخر، شهيدة ستعرّف العالم أجمع بوحشية وسادية سلطة القتلة.

هل زهراء مندسة وهل لها علاقات مع السفارات الأجنبية؟ السؤال هذا لا أوجهه الى السلطات التي تتهم جميع المتظاهرين بهذه التهمة، ولا إلى الميليشيات التي خطفتها وعذبتها وقتلتها. بل أوجهه الى أهلها من الكورد الفيليين، وبشكل أدق الى الذين هم في خندق الأحزاب الشيعية العميلة لإيران.

……..

…….

ماذا يا زهراء هل هناك شيء تريدين قوله …

نعم، الذيول ليسو بأهلي ولا أنا بإبنتهم

لا بأس يا إبنتي سأوصل رسالتك

زهراء ونور وصفاء وحيدر نجوم من قافلة شهداء الإنتفاضة الذين سينيرون ليل العراق.

زكي رضا

8/12/2019

الدنمارك

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here