الذكرى الثانية للنصر على داعش: القوات الأمنية عادت لـ70 ألف كم تم تحريرها.. وعجلة عودة النازحين شبه متوقفة

بغداد/ وائل نعمة

مرت امس الذكرى الثانية لإعلان بغداد النصر على تنظيم داعش بالتزامن مع اتساع رقعة الاحتجاجات على خارطة طريق لحل الازمة يتبناها سياسيون كانوا في وقت قريب يتصدرون مشهد الحرب ضد التنظيم.

واعلن في بغداد تعطيل الدوام الرسمي بتلك المناسبة، فيما لم تشهد العاصمة اي نشاطات او احتفالات بذكرى النصر، كما غطت تطورات التظاهرات التي دخلت امس يومها الـ70، على احداث ذلك اليوم.

وجاءت الذكرى الثانية مع اعلان الجيش الانتهاء من مرحلة جديدة للعمليات العسكرية لملاحقة ما تبقى من التنظيم في مدن محررة قبل 3 سنوات والتي مازالت عجلة الاعمار فيها معطلة ومصير ابنائها المختطفين الذين قدرت اعدادهم بنحو 15 الف مجهولاً.

وبين الذكرى الاولى والثانية للنصر كانت القطعات العسكرية قد نفذت 7 عمليات تمشيط بحثا عن فلول “داعش” من شمال بغداد الى الحدود الغربية شملت قرابة الـ70 الف كم مربع، كما شهدت الانبار في نفس الفترة محاولات لتسلل مسلحي التنظيم مرة اخرى مع تصاعد احداث شرقي سوريا.

بالمقابل نشطت في تلك الفترة الخلايا النائمة في حمرين القريبة من صلاح الدين واستمرت خطورة تلك الجهات بمنع عدد من سكان قرى ديالى بالعودة الى منازلهم، فيما تصاعدت الشكوك حول وجود مختطفين في جرف النصر (الصخر) جنوب بغداد.

كذلك استمر عزوف النازحين عن العودة الى مناطق محيطة بكركوك وسنجار، فيما شهدت الموصل تغييرات سياسية وعسكرية واستبدال محافظين اثنين بسبب انباء عن اهدار اموال اعادة الاعمار وضعف الخدمات.

كيف عاشت المدن المحررة؟

تحولت انظار الشارع في تلك المدن في الاشهر الاخيرة الماضية بعيدا عن المأساة التي تعيشها منذ سنوات صوب احتجاجات بغداد والجنوب، ومعها بدأت السلطات هناك بمحاولات التضييق على اي محاولات للانجرار الى التظاهرات، لكن كيف عاشت تلك المدن بين الذكرى الاولى والثانية لنهاية الحرب؟

نينوى التي اعتبر تحريرها نهاية آب 2017، بمثابة اعلان نصر مبكر على التنظيم، دخلت بعد الذكرى الاولى للنصر بشهرين، في نقاشات لاعلانها اقليماً على اثر استمرار تجاهل بغداد لمأساة المحافظة بعد الحرب.

وقالت لجنة حينها أطلق عليها اسم “اللجنة التحضرية لإقليم نينوى” عن جمع نصف مليون اسم، قالت إنهم يدعمون إنشاء الإقليم.

وقال حسين حاجم، عضو في حزب متحدون في الموصل لـ(المدى) ان تلك الفكرة قد ظهرت مع الدمار الواسع الذي حل في المحافظة اثناء فترة سيطرة “داعش” ومعارك التحرير.

واضاف ان نينوى لم تعد تمتلك اي موارد، وان السكان “يعتمدون على الرواتب القادمة من الحكومة الاتحادية”.

وقبل ان تختفي تلك الطروحات دخلت المحافظة في ازمة سياسية استمرت لنحو 3 اشهر على اثر غرق عبارة سياحية في وسط المدينة كشف عن فساد كبير في المحافظة.

وتسلمت نينوى منذ 2016 قرابة التريليون دينار، بحسب مسؤولين، فيما لا تزال جهود إعادة الإعمار في المحافظة خجولة جدا.

يقول شيروان دوبرداني النائب عن نينوى لـ(المدى): “لاتوجد اعادة اعمار في نينوى. هناك حركة عمرانية يقوم بها السكان اعتمادا على اموالهم الخاصة”.

وتعرضت نينوى خلال السنوات الثلاث تحت سيطرة داعش إلى دمار هائل في المنازل قدر بـ70 ألف منزل مدمر 20 ألف منها في الساحل الأيمن للموصل، نصفها على الأقل في وسط الساحل، المعروف بـ”المدينة القديمة”.

وبعد خطوات قانونية شاقة قرر البرلمان في آذار الماضي اقالة المحافظ السابق نوفل العاكوب، واستمرت خلية ازمة لادارة المحافظة، قبل اختيار منصور المرعيد في ايار الماضي لمنصب المحافظ.

وقبل اختيار المرعيد كانت الموصل قد شهدت هجمات بسيارات مفخخة قال عنها رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي حينها إن “دوافعها اقتصادية”. كما كشفت لجنة برلمانية لتقصي الاحداث هناك عن وجود 600 “داعشي” جاءوا من سوريا ونتيجة سوء في انتشار القطعات العسكرية.

وخلال ادارة المرعيد للمحافظة وهو نائب فائز عن كتلة فالح الفياض (عطاء)، ظهرت نشاطات مريبة لاتراك وايرانيين لشراء اراضي في المدينة القديمة المدمرة مستغلة عدم حصول السكان على تعويضات الحرب من الحكومة.

وبحسب تقديرات الخبراء والمسؤولين في نينوى، فان إعادة إعمار المحافظة يحتاج إلى ما يقارب 50 مليار دولار، فيما لاتزال 4 جسور من الخمسة الرئيسة داخل المدينة معطلة بسبب الحرب. ويقول دوبرداني ان هناك نحو 20 مخيما في كردستان لسكان نينوى بينهم “350 الف من ابناء سنجار”.

ومايزال 80% من سكان المدينة ذات الاغلبية الايزيدية بعيدين عن منازلهم، بحسب قائممقام القضاء محما خليل الذي ابعدته عن المنصب سلطة جديدة انقلبت على الاوضاع في القضاء مدعومة من حزب العمال الكردستاني المعارض لتركيا.

قرى مدمرة

اما ديالى، هناك نحو 20 قرية في شرقي وغربي المحافظة لم يعد سكانها بسبب استمرار التهديدات وفرض جماعات مسلحة شروطها في تلك المناطق.

ويقول مسؤولان في ديالى وهما زاهد الدلوي عضو مجلس محافظة ديالى والنائب عن المحافظة عبد الخالق العزاوي لـ(المدى) ان 9 قرى قرب الحدود الايرانية ومثلها قرب تلال حمرين “خالية من السكان”.

وانتقد المسؤولان عدم التنسيق بين القوات الامنية في حماية تلك المناطق، وتجاهل تحذيرات سابقة بوجود نشاط مسلح لمنع عودة السكان من “داعش” وعصابات اخرى.

فلول داعش

وكانت حمرين التي تطل من الجهة الاخرى على صلاح الدين، قد تسببت بهجمات متكررة على حقول النفط الواقعة في شرق تكريت.

وقال مروان الجبارة، وهو قيادي في حشد صلاح الدين لـ(المدى) إن “فلول داعش يتنقلون بين مطيبيجة، الحدودية مع ديالى، ومكحول وغرب سامراء”.

وفي العام الماضي شن 30 مسلحاً هجوماً قرب سامراء، اعتبر الأعنف بعد التحرير. وقُتل في الهجوم مقاتلان اثنان من “سرايا السلام” وأُصيب آخران.

وشهدت الاشهر الاخيرة، تلكؤا واضحا في عملية اعادة النازحين، حيث طرد سكان الشرقاط، جنوب الموصل، وتكريت عشرات العوائل العائدة من مخيمات عوائل داعش.

ومايزال هناك اكثر من مليون نازح لم يعودوا الى مناطقهم، ابرزها الحويجة جنوب غرب كركوك، حيث سوء الخدمات لا يشجع اكثر من نصف السكان على العودة، وفق ما يقوله احمد خورشيد المسؤول المحلي هناك، الذي اكد لـ(المدى) ان “بعض عصابات داعش ايضا مازال متواجدا في المستنقعات”.

كذلك اكثر من 200 الف شخص لم يعودوا الى جرف النصر، و6 مناطق في صلاح الدين ابرزها يثرب والعوجة وسليمان بك مازالت عودة السكان اليها تخضع لشروط القوى المحررة بالاضافة الى الخلافات العشائرية.

اما في الانبار فان الاوضاع الامنية قد تحسنت بشكل ملحوظ بين الذكرى الاولى والثانية للنصر، مع ضبط الحدود واتفاق العشائر على تفويت اي فرصة للتنظيم بايجاد حواضن في المدن، وهو ربما مادفع بعض الشيوخ الى التضييق في الفترة الاخيرة على اي محاولات لدخول المحافظة على خط التظاهرات.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here