سيادة المطران عطا الله حنا : ” ان الصوت المسيحي المشرقي النقي سيبقى صوتا مدافعا عن الحق والعدالة والحرية ولن يتمكن المتآمرون من حرف بوصلتنا “

القدس – قال سيادة المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس صباح هذا اليوم بأن الصوت المسيحي المشرقي سيبقى دوما صوتا مناديا بالحق والعدالة ونصرة المظلومين ولن تتمكن اية قوة غاشمة من اسكات هذا الصوت الذي يدافع عن قضايانا الوطنية وعن حضورنا التاريخي العريق والمجيد في هذا المشرق وفي قلبه النابض فلسطين الارض المقدسة .

هنالك من يتآمرون على الحضور المسيحي في هذا المشرق ويريدوننا ان نتحول الى اقليات وجاليات في اوطاننا وسفارات الدول الغربية تفتح ابوابها على مصراعيها لكي تسهل عملية افراغ منطقة الشرق الاوسط من المسيحيين وكأن الشرق الاوسط الجديد الذي بشرتنا به الادارة الامريكية في وقت من الاوقات هو شرق اوسط خال من المسيحيين تسوده ثقافة الموت والتطرف والحروب والارهاب .

لن نستسلم للمشروع الصهيوني الماسوني الامريكي الذي يسعى لافراغ مشرقنا من المسيحيين وجعلهم يعيشون في حالة قلق وخوف ورعب على مصيرهم ومستقبلهم.

لن نستسلم لاولئك الذين يريدوننا ان نفكر بعقلية الطائفة المتقوقعة المنعزلة عن محيطها ولن نستسلم لاولئك الذين يريدون لبوصلتنا ان تنحرف باتجاهات غير صحيحة.

سنبقى مسيحيين حاملين لقيم الانجيل في حياتنا ولن نتخلى عن مسيحيتنا المشرقية النقية مهما اشتدت حدة الضغوطات والممارسات والسياسات التي هدفها ان نتخلى عن قيمنا وعن رسالتنا الروحية والوطنية .

كما وسيبقى المسيحيون في هذا المشرق متمسكين بقيمهم المسيحية وبانتماءهم لاوطانهم فنحن لسنا اقليات او جاليات في اوطاننا كما يريدنا البعض ان نكون بل نحن كنا ويجب ان نبقى ضمير هذا المشرق وخميرته وملحه ومصدر بركة له جنبا الى جنب مع اخوتنا المسلمين شركاءنا في الانتماء الانساني وفي الانتماء الوطني .

نتمنى الخير لسوريا وللعراق وللبنان ولكافة ارجاء مشرقنا العربي وستبقى فلسطين قضيتنا الاولى ولن نقبل باولئك الذين يريدوننا ان نتخلى عن وطنيتنا وعن حقنا في ان ندافع عن شعبنا فنحن فلسطينيون هكذا كنا وهكذا سنبقى ولن نتخلى عن انتماءنا لفلسطين ارضا وقضية وشعبا وتراثا وهوية واصالة .

سنبقى صوتا مدافعا عن المظلومين لان هذه هي رسالتنا ومبادئنا وقيمنا والمسيحيون الحقيقيون كانوا دوما منحازين للمظلومين وليس للظالمين ومن كان الى جانب الظالمين انما تخلى عن مسيحيته وعن انجيله وخان معلمه الذي اتى الى هذا العالم لكي ينشر قيم المحبة والاخوة والرحمة والدفاع عن منكسري القلوب والمظلومين والمعذبين في هذا العالم .

ان هذا المشرق الذي نعيش فيه يتعرض للمؤامرات منذ سنوات طويلة وقد وصلنا في وقت من الاوقات الى مرحلة سايس بيكو اما اليوم فنحن نشهد سايس بيكو جديد وبادوات جديدة وبأنماط مختلفة ومتعددة ، فأعداء امتنا يريدوننا ان نتحول الى طوائف وقبائل وعشائر ومذاهب متناحرة فيما بينها .

انهم يريدوننا ان نتحول الى منطقة تعيش صراعات دينية ومذهبية في حين ان الاديان والمذاهب في منطقتنا ليس هي المتصارعة فيما بينها بل المصالح السياسية والاستعمارية فقد اضحى هذا المشرق مسرحا لمصالح الاستعمار الذي يعيث فسادا وافسادا في مجتمعاتنا من خلال اثارة الفتن والنعرات الطائفية والمذهبية .

ان اولئك الذين يتآمرون على هذا المشرق وشعوبه انما هدفهم فلسطين وعينهم على فلسطين حيث يريدون تصفية قضيتها من خلال صفقاتهم المشؤومة والتي يرفضها الفلسطينييون كافة كما ويرفضها الاحرار من ابناء امتنا العربية وكافة الاحرار في عالمنا.

لقد تراجعت اعداد المسيحيين في منطقتنا وفي بلادنا بشكل دراماتيكي ومن يتحمل مسؤولية هذا التراجع انما هي السياسات الامريكية وحلفائها بكافة مسمياتهم واوصافهم وهم الذين يعملون على اشاعة الفوضى الخلاقة في منطقتنا وتدمير الثقافة الوطنية لكي تحل مكانها ثقافة طائفية مقيتة نرفضها جملة وتفصيلا .

ان المسيحيين الصامدين والمرابطين في فلسطين سيبقون امناء لقيم الانجيل في وطنهم وهم يحملون شعلة الايمان ونور القيامة والميلاد ولن يتخلوا عن رسالة المحبة والسلام وهم يحبون وطنهم وينتمون الى هذه الارض المقدسة وهذا هو حال كافة المسيحيين في هذا المشرق الذين رغما عن كل الامهم واحزانهم يحبون اوطانهم ويدافعون عنها بكل ما اوتيوا من قوة وعزم .

اننا نحب لبنان ونتمنى له ان يتجاوز هذه المحنة وخلاص لبنان لا يمكن ان يكون من خلال اي خطاب يحرض على الطائفية المقيتة والفتن والتشرذم وما يقال عن لبنان يقال عن كافة اقطارنا في هذا المشرق فالطائفية هي دمار وخراب وتشرذم وضعف، أما المحبة والاخوة والوحدة الوطنية فهي التي تقوي اوطاننا وهي التي تحمي اقطارنا من خبث المتآمرين الذين لا يريدون الخير لهذا المشرق ولا يريدون الخير لفلسطين وقضيتها العادلة .

نصلي من اجل السلام في منطقتنا ومن اجل ان تتحقق تطلعات الشعوب المقموعة والمقهورة والمظلومة في الحرية والحياة الكريمة لاسيما في فلسطين الارض المقدسة التي يتوق ابنائها الى ان تتحقق العدالة في ارضهم المقدسة .

ومن رحاب بيت لحم والقدس والناصرة وفلسطين الارض المقدسة نقول في هذا الموسم الميلادي المبارك بأننا سنبقى متمسكين بأصالتنا الروحية والايمانية والانسانية وسنبقى ندافع عن فلسطين الجريحة حتى يعود الحق السليب الى اصحابه وحتى ينعم شعبنا الفلسطيني بالحرية التي يستحقها والتي ناضل وكافح في سبيلها والتي من اجلها قدم وما زال يقدم التضحيات الجسام .

وقد جاءت كلمات سيادة المطران هذه لدى استقباله اليوم وفدا من اساتذة التربية الدينية المسيحية في الضفة الغربية .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here