بيت لحم الارامية

بقلم د. حسين الديك

ستانفورد – كاليفورنيا

تعتبر مدينة الميلاد مدينة بيت لحم احدى المدن التي عرفت عبر التاريخ القديم ، وكغيرها من مدن الشرق التي كان يعيش فيها الشعب الارامي والذي ينسب الى ارام ابن نوح عليه السلام ، فهي مدنية ارامية المنشا والهوية والانتماء والتاريخ ، وكل هذا كان موجودا في هذه المدينة العريقة عبر تاريخها الطويل ، وحافظت عليه رغم تعرضها للعديد من الغزو والاحتلال من اقوام وجماعات مختلفة من فترة الى اخرى ، وبقيت صامدة وعتية على كل محاولات الطمس والتهميش والسلب والغزو والاحتلال التي تعرضت له عبر قرون من الزمن.

هذه المدينة المسالمة كانت على موعد مع حدث ديني كبير جعل منها مركزا للعالم اجمع عند ميلاد المسيح فيها ، والذي كان اراميا يتحدث اللغة الارامية وبهذا المركز الديني الهام لهذه المدينة الارامية تعزز الانتماء القومي والديني للشعب الارامي في الارض المقدسة ، وانتشرت المسيحية منه الى شتى بقاع الارض ، واصبحت بيت لحم مدينة يسوع المسيح مدينة السلام والمحبة بشعبها وزوارها وسكانها وماكانتها ورمزيتها ترمز للقومية الارامية وللديانة المسيحية وللخلاص.

ومع مر العصور والازمان وتعرض الاراضي المقدسة للكثير من الاحتلالات والغزوات كان هناك تاثير كبير على مدينة بيت لحم الارامية واهلها وسكانها الاصليين ، اذ تقلص عددهم مع مرور الازمان والسنين بسبب عمليات القتل والطرد والتهجير التي تعرضوا لها عبر التاريخ ، ولكن شهدت اكبر عمليات التهجير للسكان الاراميين من مدينة بيت لحم في فترة الاحتلال التركي للاراضي المقدسة والذي استمر لما يقارب 400 سنة ، اذ عمل على تهجير السكان الاصليين وطردهم من بلادهم من خلال الضرائب الباهضة التي كانت تفرض عليهم ومن خلال محاربة اللغة الارامية ومصادرة اراضي السكان الاصليين وشهد القرنين الثامن عشر والسابع عشر اكبر عمليات تهجير وطرد للسكان الارامين من الاراضي المقدسة وخاصة من مدينةبيت لحم على ايدي دولة الاحتلال التركي.

ورغم كل ما تعرضت له مدينة بيت لحم من احتلال وتهجير ومحاربة للغة الارامية الا ان الكثير من الشواهد والنحوتات والمخطوطات والاثار بقيت شاهدة ومحفورة في المدينة باللغة الارامية وبقيت صامدة الى يومنا هذا تدل وتعبر عن تاريخ وتراث وحضارة وثقافة واصالة وعراقة الشعب الارامي ولغته الارامية الحية ، والاهم من ذلك انه في العام 2003 تم تاسيس المدرسة الارامية في بيت لحم والتي تدرس اللغة الارامية لتبقى محافظة على تراث وحضارة المدينة الارامية المقدسة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here