المختصرالقانوني في حرية الراي والتعبير بالتصريف

يشكل غياب التشريعات القانونية الواضحة في الكثير من الاوقات الحذرفي الواقع الامني القلق لمحاولات التدخل من قبل المسؤولين الامنيين لمعالجة الفوضى ضباطا ومراتب مما يضعفهم عن اداء الامر خوفاً من العقاب والمحاسبة والتي اطاحت بالبعض منهم “والقوات الامنية يجب ان تأخذ دورها الايجابي الفاعل لحماية النفس والمال والوطن ” فكيف بها اذا كانت عاجزة للدفاع عن نفسها اوالمواطن المغدورامامها كما في الاحداث الاخيرة الدامية وخاصة المواد التي لم يتم وضع قوانين تفسيرية لها في التطبيق ويحولها الى مجرد نص يفقد قوته المفترضة ولذلك صارت هذه القوات فريسة سهلة للاعتداء والقتل بيد المندسين والمخربين والمأجورين والمغامرين ولا يخفى على أحد ما للعناوين الثلاثة (حرية التعبير عن الرأي ، التجمع ، التظاهر السلمي) من أهمية كبرى خصوصاً في البلدان ذات الانظمة الديمقراطية او التي تنشد بناء نظام ديمقراطي رصين ، حيث تعد هذهِ المفاهيم او الحقوق من الركائز الاساسية لبناء نظام يؤمن بحق الافراد في التعبير والمشاركة ..

وشكل الدستور الدائم العراقي والمصادق عليه في الاستفتاء الشعبي العام الذي جرى في 15/12/2005 اكثر وضوحاً في التعابير ففي الفصل الثاني:الحريات وفي اولا من المادة (38) وهي من المواد المهمة والحساسة جاء حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل وفي ثانيا من ذات المادة: حرية الصحافة والطباعة والاعلان والاعلام والنشرو حتى هذه المادة لا تشكل ضمانا حقيقيا وكافيا لحرية الصحافة في العراق، فهذه الحرية مشروطة باحترام النظام العام والآداب وذلك يحد من النطاق التنفيذي للحق ويتيح امكانية تقييد السلطة التنفيذية لانواع معينة من التعبير وفق اشتراط بسيط وهو انها لا تتوافق مع مباديء النظام العام والآداب ، في الفقرة ( أ ) من المادة ( 9 ) على أن القوات المسلحة والأجهزة الأمنية ان تدافع عن العراق ولاتكون أداة لقمع الشعب، ومن خلال هذا النص ينبغي تثقيف وترشيد تلك ألأجهزة، بأن تكون راعية لتلك الحقوق وحريصة على التطبيقات القانونية السليمة، وأن لا ترتكب الأخطاء بناءً على أوامر موظفين مهما علت درجاتهم .

و صدر قانون الاتي لسنه 2017 : قانون حرية التعبير عن الرأي والاجتماع والتظاهر السلمي الفصل الاول التعاريف والاهــداف المادة ـ 1 ـ يقصد بالتعابير التالية لاغراض هذا القانون المعاني المبينة ازاؤها: اولاـ حرية التعبير عن الرأي : حرية المواطن في التعبير عن افكاره وارائه بالقول او الكتابة او التصوير او بأية وسيلة اخرى مناسبة بما لا يخل بالنظام العام أو الآداب العامة . ثانياـ حق المعرفة : حق المواطن في الحصول على المعلومات التي يبتغيها من الجهات الرسمية وفق القانون وخاصة المعلومات المتعلقة باعمالها ومضمون أي قرار او سياسة تخص الجمهور . ثالثاـ الاجتماع الخاص : الاجتماع الذي يحضره المدعوون بصفة شخصية ولو تم عقده في مكان عام . رابعاـ الاجتماع العام : الاجتماع الذي يعقد في مكان عام او خاص ويكون الحضور متاحاً للجميع . خامساـ التظاهر السلمي : تجمع عدد غير محدود من المواطنين للتعبير عن ارائهم او المطالبة بحقوقهم التي كفلها القانون التي تنظم وتسير في الطرق والساحات العامة . سادساـ الاجتماع الانتخابي : الاجتماع الذي يكون الغرض منه التعريف بالمرشح لاغراض الدعاية الانتخابية ويقع خلال الفترة التي يحددها القانون . المادة ـ 2 ـ يهدف هـذا القانون الى ضمان وتنظيم حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل وحرية الاجتماع والتظاهر السلمي وحق المعرفة بما لايخل بالنظام العام أو الاداب العامة وتحديد الجهات المسؤولة عن تنظيمها ورد في نص المادة 7 / اولاً : (( للمواطنين حرية الاجتماعات العامة بعد الحصول على اذن مسبق من رئيس الوحدة الادارية قبل (5) ايام في الاقل على ان يتضمن طلب الاذن موضوع الاجتماع والغرض منه وزمان ومكان عقده واسماء اعضاء اللجنة المنظمة له)) .

اذاً للمواطن حق مكفول في الدستور للتظاهر و يعطيه الحرية و يحميه ذلك الحق في التعبير والاحتجاج بشرط الاعلام للجهات المسؤولة ، رغم كل السلبيات في التطبيق في الكثير من الحالات و مادامت سلمية وترفع شعارات مطلبية مشروعة وتعتبر حالة للتعبير والتنفيس لصوت المواطن يطلقه في فضاء رحب، ، ويمنحه حرية الكلام والموقف واعلام وجهة النظر، ويمكن النظر إلى تجارب دول حديثة لم تمنح المواطن حرية التظاهر والتجمع فحسب، بل قد وفّرت لهم المكان الذي يمكن للمواطن أن يمارس حريته في الكلام وإبداء وطرح أفكاره ومعتقداته بحرية تامة، بشرط أن لا يتعدى ولا يمسّ حقوق الآخرين.

حق التعبير وحرية الراَي شمل كل الدساتير العراقية التي صدرت منذ ان وضعت الدولة اسسها كدولة وسبقت كل الدول العربية في وضع مثل هذه الاسس للحرية التعبيرية والتعبير عن الرأي وهو مكفول دستورياً لاول مرة منذ عام 1925 وهو تاريخ اول دستور عراقي، والذي سمي بالقانون الاساسي العراقي لعام 1925 و اشار هذا الدستور في الباب الاول منه المسمى حقوق الشعب في مادته الثانية عشرة: ان للعراقيين حرية ابداء الرأي، والنشر، والاجتماع، وتأليف الجمعيات والانظمام اليها ضمن حدود القانون كما اكد بمقتضى أحكام من القانون الأساسي العراقي لعام 1925 : المادة السابعة منه فإن الحرية الشخصية مصونة لجميع سكان العراق من التعرض والتدخل، ولا يجوز القبض على أحدهم، أو توقيفه، أو معاقبته، أو إجباره على تبديل مسكنه، أو تعريضه لقيود، أو إجباره على الخدمة في القوات المسلحة إلا بمقتضى القانون، أما التعذيب، ونفي العراقيين إلى خارج المملكة العراقية، فممنوع بتاتاً.

و الدستور المؤقت لعام 1958 فقد نصت المادة (11) منه على أن الحرية الشخصية وحرمة المنازل مصونتان ولا يجوز التجاوز عليهما إلا حسب ما تقتضيه السلامة العامة وينظم ذلك بقانون.
أما دستور عام 1963 فقد نصت المادة 32 على أن للعراقيين حق الاجتماع في هدوء غير حاملين سلاحاً ودون الحاجة إلى إخطار سابق. والاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات مباحة في حدود القانون

وبلاشك فيجب ان يعطى الدستور الجرأة والشــجاعة ًديمقراطياً بشكل نسبي للانســان العراقــي لكي يعبر عن حريته ويعني ان له الحق في الاعتراض علــى أي خطأ أو فشل في الحكومة وفي سائر مؤسسات الدولة ولكن ان كل هذه المواد المذكورة في هذه الدساتير كانت تو ضع عرض الرفوف في الكثير من الاحوال ولا تنفذ إلإ ما يراه الحاكم منها وولدت شروخاً كبيرة بين تلك الأجهزة وبين الشعب، فخسرت المؤسسة العسكرية والأمنية مكانتها، لتعيد بناء ما رسخ في أذهان العراقيين من ان هذه الأجهزة مسخرة لخدمة السلطة،. كماذكر الدستور المؤقت لعام 1964 حرية التعبير والصحافة بتوسع اكبر مما ذكره الدستور المؤقت السابق له ففي المادة(29) ان حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة، ولكل انسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول او الكتابة او التصوير او غير ذلك في حدود القانون، وخصصت المادة(30) على ان حرية الصحافة والطباعة والنشر مكفولة في حدود القانون.وكرر الدستور العراقي المؤقت في 21 ايلول 1968 الفقرة نفسها من الدستور السابق بفقرتها (29)، الا انها حملت التسلسل (31) ان حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة. ولكل انسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول او الكتابة او التصوير او غير ذلك في حدود القانون، ولم يتم اي تعديل عليها، وفي المادة (32) منه ذكر: حرية الصحافة والطباعة والنشر مصونة وفق مصلحة الشعب وفي حدود القانون. ولم تكتف هذه الفقرة بتنظيم حرية الصحافة وفق حدود القانون، بل قرنتها قبل ذلك بـ( مصلحة الشعب).

ثم تلى بعده : دستور مؤقت اخر في عام 1970، والذي سمي دستورالجمهورية العراقية المؤقت، الذي حدد في فقرته رقم(26): ان الدستور يكفل حرية الرأي والنشر والاجتماع والتظاهر وتأسيس الاحزاب السياسية والنقابات والجمعيات وفق اغراض الدستور وفي حدود القانون. وتعمل الدولة على توفير الاسباب اللازمة لممارسة هذه الحريات التي تنسجم مع خط الثورة القومي التقدمي. اما مشروع دستور عام 1990 الذي لم ير النور، فقد اشار في مادته رقم(53) على حرية الفكر والرأي والتعبير عنه، وتلقيه بالوسائل الاعلامية والثقافية، مضمونة، وينظم القانون ممارسة هذه الحريات. اما المادة (54) فقد نصت على ان حرية الصحافة والنشر مضمونة، ونظم القانون ممارسة هذه الحرية، ولم يفرض الدستور الرقابة على الصحف والمصنفات الا بموجب احكام القانون. هنا نشير ايضاً الى امر سلطة الائتلاف رقم 19 لسنة 2003 بالإضافة الى مسألة تنظيم حرية التجمع والتظاهر السلمي ، ايقاف العمل بالمواد (220 – 222) من قانون العقوبات بسبب تعارضها مع حق المواطنين في ممارسة حرية التعبير والتجمع والتظاهر السلمي ولعدم ملائمتها لطبيعة التغيير الديمقراطي الحاصل ،

ونص اخر تضمنه قانون ادارة الدولة في الفترة الانتقالية الذي صدر في 6/3/2004 وجاء في الباب الثاني من الحقوق الاساسية وفي المادة الثانية عشرة في (أ) – ان الحريات العامة والخاصة مصانة.وفي المادة (ب) للناس الحق بحرية التعبير، يضمن ذلك الحق بتسلم وارسال المعلومات شفهيا او خطيا او الكترونيا أو باي شكل آخر أو من خلال أي وسيلة يجري اختيارها. كما ورد في المادة (و) للعراقي الحق بحرية الفكر والضمير والعقيدة الدينية وممارسة شعائرها ويحرم الاكراه بشأنها وتخلت هذه الفترة اوامر جزئية لادارة الامور الاعلامية مثل الامرين. 65 والامر 66 تم اعتمادهما كاساس للتعامل مع وسائل الاعلام العراقية كما تم استخدام الامر 14 والذي يسمح بموجبه مطاردة الصحف وتفتيشها واغلاقها في اوسع استخدام وما زال ساري المفعول حتى يومنا هذا رغم كل الكلام حول الديمقراطية ، ونحن هناك لا نحمل المسؤول في التشديد فقط ففي الكثير من الاحوال سوء استخدام الجهات تلك لهذه التعابير في الممارسات ايضاً والراَي والذي اقتصر قانونه عن الاشخاص فقط ،

وعرفت قانون حرية التعبير في الفقرة اولاً من المادة 1 حرية التعبير عن الرأي بأنها : ((حرية المواطن في التعبير عن افكاره وآرائه بالقول او الكتابة او التصوير او بأية وسيلة اخرى مناسبة بما لا يخل بالنظام العام أو الآداب العامة)).

ونوهت مفوضية حقوق الانسان العراقية بمناسبات و مواقع وبيانات عديدة و اخرها الاحداث المؤسفة الجارية والفوضى التي يعيشها البلد على ضرورة ضمان حرية التعبير، والتظاهر السلمي دون الاعتداء على الاشخاص او الممتلكات الخاصة والعامة ، داعية القوات الأمنية باتخاذ أقصى درجات ضبط النفس، وعدم استخدام القوة، والعنف إلا في حال الدفاع عن النفس بعد استنفاذ كافة الإجراءات الأخرى لمنع الضرر، وحماية المتظاهرين، كما إنها تؤكد أيضا على القوات الأمنية بضرورة اعتقال وعزل أي عنصر مخرب داخل جموع المتظاهرين السلميين بدل إطلاق النار العشوائي ليتم محاسبته وفق القانون ومن قبل المحاكم العراقية المختصة .

عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here