منظومة اهل البيت عليهم السلام،

منقول

(النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، لم يرد أن ينتهي دينه ويوأد على يد الاشرار نتيجة هزيمة عسكرية كما اندثرت نبوات كثيرة في الارض ، وإنما أوجد منظومة داخلية ، تتمسك بالديانة وتمنع التحريف ، وتصارع بقوة وبطريقة ناعمة ، وهي قادرة على تحويل كل انتصارات الأشرار إلى هزائم دينية وخزي فكري ، وهذه المنظومة هي منظومة اهل البيت عليهم السلام بكل خصائصها .
إن منظومة أهل البيت منظومة عجيبة التنظيم والتكوين ، ورغم ذلك فهي عجيبة التأثير في المسار العام في الإسلام ، وهذا بحث يطول خارج اختصاص هذا الموضوع .

ولن نتكلم عن أسرار التنظيم الديني في المنظومة الشيعية الامامية التابعة كليا لأهل البيت عليهم السلام ، فالمكان لا يسمح بمثل ذلك، إنما نتكلم عن وسائل نشر هذه المنظومة ، في ظروف تزايد العداء لها وتزايد القوة ضدها ، وكيف انها يمكن تشبيهها بغصن شجرة كلما قاومته ازداد صلابة حتى يصل الى صلابة تفوق الحديد فتكسره . فكلما ازدادت الضغوط ينتشر التشيع ، وسر ذلك نابع في التنظيم وفي وسائل التوصيل.

إن وسائل توصيل الفكرة الشيعية للانسان تتكون من عدة فروع : الأول هو الاعتناء بالعقل ونشر قوة التمييز ، والثاني هو الروحانية وحقائقها المذهلة ، والثالث هو العاطفة ومنابعها المتعددة ، والرابع هو الفن.

وهذه الاصول الاربعة لنشر الافكار عند الشيعة جعلتهم متمييزين جدا في العالم اجمع ، فالشيعة يملكون أكبر نسبة بين الامم في الاهتمام بالعقل والتمييز العقلي وعلوم العقل ، وهم يمتلكون افضل الروحانيات الحقيقية التي تشرق بالنفس بدون حاجة الى أي شيطان وتلبسات سحرية مفتعلة ، وهم يملكون أفضل الوسائل العاطفية ، وهم مخترعوا أفضل سبل التواصل الاجتماعي العاطفي ، وهم يملكون أفضل وأرقى الفنون حيث ان الشيعة يمتلكون أكبر نسبة عالمية من الشعراء ومن ألحان الشعر . فلا يوجد عند أي امة نسبة شعراء إلى عددهم بهذه النسبة ، فإنك ما تحب شاعرا مجيدا إلا وتجده شيعيا ، وفي أربع لغات على أقل تقدير هي العربية والفارسية والتركية والهندية .

ولعل استراتيجة التنظيم الشيعي على يد الأئمة الاطهار ، في قلب الطاولة على رؤوس الأعداء وتحويل بطشهم وتزويرهم إلى نحورهم ، هو من الاستراتيجيات العقلية الرائعة ، وقد استخدم الائمة في ذلك الاعلام والعاطفة ومنطق المحاججة بطريقة الخُلف ، والاعلام كان في زمنهم هو الشعر والشعراء وفنون الادب .
والعاطفة كانت تتمحور حول المظلومية لأهل البيت ، وابراز قبح بطش الظالمين بشكل تجسيمي ظاهر للعيان ، يقزز أي عاقل من سلوك هؤلاء المخادع للبشر ، بحيث سيكتشف كل متحول الى الحقيقة ، بأنه وأهله كانوا العوبة بيد مجرمين قبيحين لا يمكن وصف قبائحهم ، ولكنها كانت مستورة الى درجة رؤياهم لها بطريقة معاكسة ، فكل الشر يظهر أمامهم بأنه خير لطيف محبوب ، وهذا ما يغيظ المكتشف لهذه الجريمة ، فانه يتعجب من نفسه ومن أهله، فكيف كانت تنطلي عليهم هذه الحيلة العجيبة ؟ وكيف أن التشيع كشف هذه القبائح بطريقة منظمة جدا؟ هكذا يتسائلون نتيجة انكشاف حقيقة الجريمة) .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here