الافول الحكومي والانتعاش الشعبي في العراق

شعور عام ينتاب المجتمع بأن يد الحكومة الان اصبحت رخوة وهيبتها نحو الافول وهي تحتضر في غرف الانعاش وفقدت الحزم لان التظاهرات والاحتجاجات المطلبية بلغت اوجها في الشارع في حين بقيت المساجلات والخلافات السياسية وتحميل المسؤولية على الغير وكذلك المطالب الحزبية والفئوية تراوح في مكانها ولا تبني مجتمعا بقدر ما تهدمه حيث تعمل تلك الممارسات على إضعاف المسؤوليات في الوقت الذي فيه من أزمة سياسية معقدة من الصعب ايجاد الحلول لها بسبب الخلافات في معرفة الكتلة الاكبر لتسمية رئيس لمجلس الوزراء و تشكيل الحكومة لتباشر في ادارة البلد ولتعالج الخلل والشلل الاقتصادي الطاحن ويستجيب لنداءات المتظاهرين المطلبيين السلميين في ظل المناكفات النفعية التي لا تساعد ابدا على اصلاح الاوضاع، بل تزيدها تعقيدا ويجب مواجهتها بالحزم والعزم بالتعاون بين من هم في الشارع السلميين ورجال الوطن الحريصين لاداء الواجب لوقف تلك الممارسات المسيئة وعلى الحراك الجماهيري والاحتجاجات ان لا توقف عمل الدولة وايقاف المشبوهين بالترويع وحماية الممتلكات ودحر الانحدار والفوضى التي تجتاج الوطن في حالة الانفلات الامني والتعامل بكل حزم مع أشكال الخروقات المختلفة للقانون ومعاقبة الشرذمة البسيطة من الجناة والعمل على تنقية الأجواء في الساحة السياسية وحماية المكاسب حتى وان كانت جزئية .

المسؤول عليه ان يقوم بتمثيل الشعب والدفاع عنه وعدم الارتباط بمصالح قطاعية أو متعلقة بمراكز نفوذ وتعزيز قيم الوحدة الوطنية والتسامح والتوافق والامتناع عن التحريض وإثارة الفتن وكل ما من شانه المس بأمن الدولة والمجتمع واستقرارهما و كلنا نعرف بأن هيبة الدولة لا تسقط بمجرد بعض الأفعال التي تنمُّ عن انعدام الوعي عند البعض وحتى في حالة الانهزام الجزئي لأي دولة فإن هيبتها تظل قائمة في ممارساتها على مواطنيها لأنه في النهاية ليس للمواطن سوى دولته التي يحتمي فيها.

علينا ان نعرف بان هيبة الدولة تتعلق بقدرة الدولة على إدارة شؤونها الداخلية والخارجية، والعمل على التنسيق بين مكوناته دون الانتقاص من احد والامن الداخلي لا يعني وجود الشرطي او رجل الامن فقط انما الامان في ان يمشي المواطن في الليل والنهار وهو مطمئن على حياته وماله وعرضه وفوضى الشارع يصعّب حياة المواطن ويسيئ لسمعة الوطن ويضر بالاقتصاد والاستثمار والسياحة، والخطر الاخرى هو الخوف من هروب الشباب نحو الخارج للخلاص حتى لو كلف حياتهم ومصيرهم بالموت غرقاً اوصيداً بيد من تسول له نفسه من المغامرين .

المسؤولية الوطنية تظل قائمة كلما اشتد البلاء في البلاد وأحاطت به الخطوب إلى حين اجتماع الوطن على كلمة سواء وفي فرض القانون وحرمة الدستور وتحدد ضوابط التعايش والانسجام حتى في ظل الخلافات الحادة والمزمنة والتي لم تستطع المبادرات والمسارات المختلفة محو آثارها وردم هوتها من أجل النأي بمؤسسات الدولة عن الحوارات المسمومة التي تلوث المشهد السياسي وتستغل المنصات التواصلية والإعلامية من أجل التحريض والعبث بأمن المواطنين ومصالحهم دون مراعاة لأي ضوابط أو أخلاقيات. وتبقى اليقظة الدائمة هي وحدها الكفيلة بوأد مظاهر الحقد والكراهية في مهدها والحيلولة دون تمددها وانتشارها في صفوف النخب أولا وفي صفوف العامة و تنقية المشهد السياسي من الشوائب وتنزيه البلاد عن الانخراط في مسارات الفوضى والترصد والكيدية أو التصرفات الانتقامية التي لا طائل من ورائها.

إن ما نشاهده ويتابعه معنا العالم عبر الوسائط الاعلامية المفتوحة ان مجريات الاحداث على الساحة العراقية لا تبشر بخير في الوقت الحالي وتنذر بمشهد سياسي قابل للانهيار والتفجير في أي لحظة ولا يعطي إشارات طمأنة على مستقبل العملية السياسية الحالية و بعدم استكمال المسارات المهمة للبناء والأكيد العاجل منها والآجل ومن أهمها الخوف من عدم التحول السياسي السلمي وتجاوز الأزمات الاجتماعية المتلاحقة وتأمين الانتعاشة الاقتصادية وحيازة ثقة الشارع الملتهب بكفاءة وشفافية وعدالة الأنظمة الديمقراطية بالإضافة إلى تعزيز ثقافة الخدمة العامة التي تفضل المصلحة العامة على المكاسب الشخصية وتحدد ضوابط التعايش والانسجام حتى في ظل الخلافات الحادة والمزمنة والتي لم تستطع المبادرات والمسارات المختلفة محو آثارها وردم هوتها من أجل النأي بمؤسسات الدولة عن الحوارات المسمومة التي تلوث المشهد السياسي والإقرار بوجود أزمة حقيقية في المفاهيم والمعايير وايجاد السبل الصحيحة لمعالجتها ومحو اثارها بالسعي إلى اجتماع الوطن على كلمة سواء تكرس الحياة بالقانون لان الانتقال الديموقراطي يصعب مع تواصل حالة الاحتقان والتي انعكست مردوداتها نحو الانحدار في الكثير من الأحيان لتوصل الى مستويات متدنية ومثيرة للجدل و التحريض على العبث بأمن المواطنين ومصالحهم دون مراعاة لأي ضوابط أو أخلاقيات.

عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here