العراق على العراق!!

العراق لا يصلح أحواله فرد أو حزب أو فئة أو كتلة وغيرها من التوصيفات التي تسمى سياسية , وما هي إلى كينونات لا تفهم بالسياسة ولا تفقه بالإقتصاد , وتحسب الحكم سيف ونطع.

العراق جرّب الحكم الدستوري البرلماني المتقيّد بآليات قانونية ذات صرامة وتأثير في الحياة , وربّى أجيالا في مرحلة تأسيس الدولة العراقية , وثقفها على المفاهيم الدستورية والقوانين المعمول بها في حينها , وتحقق فيه إستقرار وأوجد ساسة وقادة لهم القدرة على التفاعل العزيز مع دول العالم , وتشهد لتلك المرحلة المحافل الدولية كعصبة الأمم وأمثالها.

وبعد هذا العهد بما له وعليه , إنطلقت العهود الجمهورية الدامية , التي تميزت بالحكم الفردي والعسكري , والعجز عن إقامة نظام يعطي للدستور هيبته ودوره في الحياة السياسية , فكانت الدساتير مؤقتة , والدستور الحقيقي هو الفرد.

وبعد ذلك جاءت مرحلة الحزب الواحد , أو القائد , وإنتهت إلى مآلات مروعة , واليوم تجدنا في عهد التكتلات والتحزبات والفئويات والمذهبيات والمليشيات , التي أوصلت البلاد والعباد إلى ذروة الويلات.

وكلما أراد الشعب حقوقه واجهته بالعنف والعدوان الشرس الفتاك.

وفي هذه المرحلة برزت المرجعيات الدينية وصار لها الدور السياسي وتقرير مصير الحكومات , إضافة إلى العمائم المتاجرة بالدين , والمعبرة عن إرادة قوى إقليمية ذات نوايا سيئة وتطلعات هذيانية بائدة.

فلا الحكم الفردي نفع , ولا الحزب الواحد , ولا العسكري , ولا التكتلات والمرجعيات والعمائم , ولا غير ذلك , واليوم الشعب يريد وطنا , وحياة مثل باقي البشر في الدول الأخرى , ويبدو أن القدرة على التواصل معه وإرساء دعائم حياة حرة كريمة تكاد تكون في أفق بعيد.

والحل الوحيد الذي لم يجربه العراق هو حكم الشعب لنفسه , وتأكيد حريته وإنسانيته وقيمته , وأهمية المواطنة وحقوق الإنسان التي يجب مراعاتها والعمل بموجبها , لتقرير مصير البلاد والعباد.

فكيف يحكم الشعب؟

لكي يحكم الشعب عليه أن يكتب عقده الإجتماعي وهو الدستور , وبموجب الدستور الذي يكتبه الشعب يتحقق الحكم , ومن غير الكتابة الصادقة السليمة لدستور وطني يرتكز على مبادئ عامة أهمها الوطن والمواطنة وضمان حقوق الإنسان , لن يتمكن شعب من إقامة نظام سياسي يخدم مصالحه ويصون سيادة وطنه , ويبني قوته وإقتداره وآليات تنامية وإنطلاقه نحو مستقبل أفضل لأجياله المتوافدة.

فهل للشعب القدرة على كتابة دستور وطني مبين؟!!

د-صادق السامرائي

22\12\2019

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here