نعم.. ليكن لنا في ثورة الاول من أكتوبر .. طريقاً للاصلاح

د.عبد الجبار العبيدي

——————————————————————

قالها الرسول(ص) ورددتها اليوم .. أنتفاضة آكتوبر العظيمة :” والله .. ..لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على ان اترك هذا الامر ما تركته حتى أهلك دونه ..وقد حقق الرسول القسم وسقط الاعداء ونجحت الدعوة ….واليوم يردده الثوار حتى سقوط الخونة رغم الخسائر الفادحة في الارواح والاموال فنجحوا ..وبات اعداؤهم قريبون من محكمة التاريخ .. انهم فتية آمنوا بربهم ووطنهم وحقوقهم فزادهم الله ايمانا….حتى أنهم رفضوا ان يطيعوا كل حلاف مهين .. هَماز مشاءُ بنميم..مناع للخير.. معتدٍ أثيم.. . حين جاوز المعتدي في الظلم وأصبح كثير الآثام غليظ على المواطنين اصحاب الحقوق ومطالبهم المشروعة شرعا وقانوناً معاً ..

لن تعود المؤامرة الأولى مرة اخرى..ولن يعود منا امير ومنكم اميرحين عتدوا على وثيقة الحق .واليوم لن تستطيع كتل الخيانة والاعتداء على الحقوق والتزوير ان تعود مرة أخرى ..ذاك زمان مضى..ولن تعُد محافظة متميزاة عن المحافظات الاخرى لتكون ملجئا لكل الخونة والمارقين بقصورهم الفخمة هناك مرة اخرى.. ولن تعود الرئاسة والوزارة والنيابة لطبقة محدودة تتصرف في شئون المواطنين وتحجر على حرياتهم دون الطبقات الاخرى..ولن يعود المال العام محصورا بطبقة دون اخرى..ولن تكن الوظيفة لطبقة دون اخرى..بل للشعب كل الشعب يتحكم به القانون من اجل عودة دولة القانون الحضارية لكل العراقيين…لا دولة القانون المزيفة التي ولدتها الدولة العميقة في عهد الخائنين ..

لقد ماتت العنصرية والطائفية والمذهبية والمحاصصية الى الابد بفضل مناضلي التحرير ،وهي اول انتصار لثورة الاحرار في آكتوبر العظيم ..,وليبقى القانون هو امل دولة العراقيين في العدل والحرية والاخاء والمساواة بينهم دون تفضيل.. لتنتقل الدولة نحو الاصلاح الاجتماعي الحقيقي الذي وعدت به ثورة الأحراربشهدائها الابرار ..ولتقضي على كل خونة الوطن الذين كتبوا بأيديهم عار الزمن ..ليكتب لنا التاريخ قصة اخرى سجلها المغول الجدد في عراق العراقيين..

الشارع العراقي الناهض اليوم سرعان ما طوق الأزمة والفُرقة التي اتخذت حدودها في شكل حاكم ومحكوم..وغالب ومغلوب.. وسادة وعبيد ..فتغلب الشارع على الخطأ بالوحدة الوطنية وروح المؤاخاة التي غرسها المواطن الحر فحوله الى واقع ثابت لا يتغير..فأ مكن للجميع ان يجتمعوا على خير رغم عصابات الظلام وبريق السيوف والمسدس الكاتم للصوت..فكانت أستجابة رئيس الجمهورية بأعتبارها طلقة الرحمة في رؤوس الخائنين .. ان التمسك بقيم الشهادة القديمة لترث للعراقيين وتمجيدها ليس منقصة ، لكن تقديسا والايغال بالتشبث بها لأ كما في” قدس سره البغيض” الذي ادخلنا

في ظلام العميان هو المنقصة. كل الشعوب لها تراث ، حققت به الكثير ..الا نحن حين حولناه الى تقديس..فكانت النتيجة ان تقدمت تلك الشعوب ونحن تخلفنا ،لماذا ؟ سؤال بحاجة الى جواب يستند على المنطق لا العاطفة والتقليد ..هنا دور المنهج والجامعة في ايقاظ الضمير..والمصير..لجيل أرادوا له ضياح المصير..

والسؤال المطروح هو: هل يمكن للتراث العراقي القديم –ثراث الحضارات والقانون- ان يعالج مشكلات العصر الحديث؟ ومشكلات التطور العصري الدائم؟ وفقَ ايديولوجية واضحة المعالم ؟وهل فيه من القوانين ما يُمكننا من الحل؟ نعم فيه الكثير؟حين توجه القيم توجها علمياً يعطينا نتائج ايجابية لحل معضلات المجتمع العراقي المتفاقمة اليوم؟من اجل هذا يجب علينا ان نطرح النظام الفكري العملي الذي ندعيه للمناقشة والحوار وان لا نتهم من يتحاور معه ومعنا بالخروج على الدين ، وما جاء به السلف الصالح وهي تهمة جاهزة لمن يتعدى الخطوط الحمراء للمؤسسة السياسية الباطلة المغلفة بغلاف الدين في عراق المظاليم…وهل بامكاننا تطبيقه للوصول الى الحل.؟ام نبقى ندور في النظريات الميتافيزيقية والماورائية والفقه الميت المتوارث فتلك نهاية الوطن والمصير المحتوم كما نراه اليوم مع أعداء الامة في وطننا المجاهد الظليم… وكما نقرأهُ في ولاية الفقية والمهدي المنتظر نظريات ما اجمع عليها العلماء،وما قاله السلف الصالح الوهمي والبعيدعن العقل ..في الأعتقاد والتطبيق.

لكن السؤال الاكثر الحاحاً هو : من منا بأمكانه التقدم بمشروع علمي فكري واضح خارج نطاق الفكر الديني الجامد ليتحاور مع النص ؟ ويعمل على أنشاء موسوعة علمية بعيداً عن الميثولوجيا الدينية ، ويتمكن من ان يبقى ويستمر؟ واذا كان هذا الطوق المضروب علينا من المؤسسة الدينية الخارجية عمدا ،فهل تريد لنا هذه المؤسسة العبودية الدائمة ومنطق التخلف المرفوض؟ ام انها عاجزة عن اعطاء الجواب المقنع بعيدا عن العاطفة؟ لكن الاكثر خطورة انها استطاعت بالتدليس الديني تارة وبالاغراءات المادية لمليشياتها المجرمة التي اصبحت تملكها اليوم تارة اخرى بالقتل والترهيب ،بعد ان اصبح المال والقوة بيدها تسندها السلطة ، ان تزرع فكرها الطوبائي في عقول العامة ،..وتلك اصعب من المشكلة نفسها،. أسئلة كثيرة تطرح لابد من الاجابة عليها. فليجيبوا ان هم قادرون…وليتدخل اصحاب الاقلام النظيفة للمناقشة والحوار معهم،لعلنا نستطيع ان نحتل موضع قدم عند عامة الناس بعد ان سيطروا عليها بالمال الحرام وبسيوف المتخلفين..لكن ثورة الشباب السلمية والفكرية التي أنبثقت في أكتوبر العظيم بدأت تهاجم البيت القديم وان لم تهدمه بعد.

ابتداءً نقول: اذا كان التاريخ ينتقل بالانسان من حالة الاهمال الى حالة التقدم والثبات ، فلمَ ِلم يشملنا التاريخ مثلما شمل امم اخرى كثيرة اقل منا حضارة وتاريخ؟ فأذا كان الجواب بنعم.يبدو اننا لم نفهمه، واذا كان الجواب بلا فعلينا فهمه . ان الاعتزاز بتراث

القيم واجب وطني وانساني ،لكن لايجب ان يكون على حساب التقدم الفكري والعلمي والاقتصادي للامة؟ ان كل مالدينا من تراث بحاجة الى مراجعة جدية لكتابته من جديد .. وان نلغي من قاموسنا ورؤوسنا ما قررته النظرية الدينية الجامدة،( ان كل ماجاء في صحيح البخاري ومسلم وبحار الانوار صحيح).

ان اول ماعلينا اليوم عمله هو ان نعترف بأن الفقه الموروث اصبح ميتأ فلا بد من دفنه والترحم عليه.فلا مقدس الا الله والقرآن ،اما العصمة ، فهي محصورة بالرسالة وليس بشخص الأنبياء،”يا ايها الرسول بلغ ما أنزل اليك من ربك وان لمتفعل فما بلغت رساله والله يعصمك من الناس ،المائدة .. وعصمتهم..فالدراسة بلا منهج هي كمن ينفخ في قربة مقطوعة. أذن لا بد من اتباع المنهج التاريخي العلمي في الدراسات اللغوية والتاريخية ونستبعد قول عصر قبل الاسلام ..لنفكر دائماً بطريقة منطقية عقلية…و لنتخلص من نظرية الترادف في القرآن اولا، ونجتاز المرحلة الاولى لبناء الفقه الجديد ،القائم على التـأويل الجمعي للعلماء من اصحاب الاختصاصات المتنوعة لا الفقهاء من اصحاب التفاسير الاحادية التي جاؤا بها قبل ان تستكمل اللغة العربية تجريداتها اللغوية والمنطقية.. أنظر نظرية أبن جني في اللغة..

اما المرحلة الثانية التي نعتمدها هي النظرية العلمية .الصرفة التي يجب ان تقودها المؤسسات العلمية والجامعية لنتجاوز عصر النشاط والركود..ليستطيع المجتمع ان يوقف الظلم ويرد السلطة عن هواها ان هي اصرت عليه..وهكذا يكسب المجتمع احترام نفسه والأخرون..حين يترفع عن الكذب والتزوير لينتج لديه وعي خلقي وأنساني قائم على العمل والتجويد.

وهكذا يتحول الوطن والشعب الى قلعة علمية تخترع وتبتكر كل جديد في سبيل تطوير امكانيات الامة الى تجديد..حين نعمد الى تغيير المناهج الحالية البالية التي زرعها لنا اعداء الامة والمصير . فالعلم غير الفقه،والعالم غير الفقيه والأية الكريمة جاءت بصفة الجمع للعلماء لا بصفة المفرد(أنظركلمة عالم وفقيه في لسان العرب). من هنا فأن كل التفاسير الفقهية الاحادية يجب أعادة النظر فيها ولكل الفرق الدينية المبتكرة والباطلة دون أستثناء. .فلا سني ولا شيعي أوأزيدي ومسيحي وصابئي..,والقرآن يقول :” ان الذين أمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الأخر وعمل صالحاً فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون.،المائدة 69″.فأين الفرق ايها الكافرون ..يا من فرقتم المجتمع لتسودون..؟

من هنا سننطلق لننطلق نحو منطق فلسفي جديد ينتج عنه بالضرورة فقه جديد..نعم هكذا تأتي الثورات العظيمة لتمحو التفرقة بين المواطنين ..ولنا في ثورة شباب اكتوبر عزا وفخراً..ايها الظالمون.

اما المرحلة الثالثة :التي يجب ان ننتقل اليها هي الخلاص من عيوب النظام الذي فرض على العراقيين بتقسيم البلاد الىمذهبيات وقوميات وديانات..حتى اصبحت خارطة العراق وكأنها رقعة مزينة بقطغع الفسيفساء الصغيرة..وفي غياب سلطان مركزي قوي انعدم

فيه الامان في الطرق والحارات والاماكن العامة حين اصبح المواطن لا يأمن على نفسه وماله رغم المؤسسات الامنية المتعددة التي تمتص اموال الدولة والعامة حتى اصبح الوطن كما لو في دولة الصعاليك الذين استولى بعضهم على قطاعت الدولة دون خوف من سلطة او قانون..مثمثلة بالاغتيالات الفردية والاختطاف القسري والاعتداء على الممتلكات وامور اخرى كثيرةون حسيب اورقيب..ترافقها فوض اعلامية لكل من هب ودب حتى اصبح الوطن خطرا يهدد المواطنين…في هذا المجتمع المتفكك حلت الكارثة بعد ان ضاق الشعب ذرعا بالحاكمين…فكانت ثورة الشعب لقلع اصحاب نظريات الخطأ في التطبيق.

في هذا المجتمع المتهرىء المكون من مجتمع الدائرة المغلقة ..الذي اصبح ولا مخرج منه النظام السياسي فيها يتكرر عاما بعد عام ..حتى أتى عليه من ناحية لم يكن احدا منهم يتوقعها ابدا…وهاهم يقعون اليوم في حيرة التاريخ والزمن الذي لا ينفع فيه ندم النادمين..لحكام قادوا نظاماًعقيم أجرد لا يمكن ان ينبت فيه شيىء يرتجى منه خيرا للوطن والمواطنين..

اننا نعيش اليوم آزمة فقهية سياسية قاتلة تدعونا ان نتحول الى استنباط فقه جديد معاصر بعيداً عن التفسير الفقهي الجامد للنص الديني التي اوهمونا بها الفقهاء . بعد ان شخصنا المشكلة فلا بد من الحل.فهل من فتح جديد يخرجنا من الظلمات الى النور، نعم ثورة الفاتح من اكتوبر هي بداية الخروج من ازمة التخلف للأنتقال الى ساحة الحقوق وبناء الدولة والقضاء على المتخلفين ..كل المتخلفين..

وتحية للرئيس برهم صالح الذي لربما بعمله اليوم وخروجه على الباطل سيصحى بعض الاخرين..نأمل منه ان يكمل المهمة معززة بالاستقالة لنبدأ عصرا جديدا يعتمد الانتخاب الحر المباشر لتحقيق حقوق الشعب..وليسقط كل النظام برئاساته الثلاث التي خيبت امال الجماهير..ليبدأ عصر الوطن الحر والجماهير..

[email protected]

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here