الدولة منذ تأسيسها وحتى اليوم فشلت في توطيد العلاقة ما بين حكوماتها والشعب الذي تحكمه.
وهذه الظاهرة واضحة في العهود السابقة والعهد الحالي , فالعلاقة تتسم دائما يالعدائية والخوف من الشعب وهيمنة الشكوك والظنون السيئة , فالشعب في عرف الحكومات عدوها وعليها أن تتحذر منه وتقهره وتذله وتسلب حقوقه وتحكمه بالحرمان من الحاجات , وبإمتهانه ومحق إنسانيته وقيمته ودوره في الحياة.
الحكومات بأحزابها وتكتلاتها وفئاتها وأفرادها لا تستطيع أن تقيم علاقة إيجابية مع الشعب , وهذه علة مزمنة متوارثة مستفحلة مستوطنة في الكراسي العراقية ومدمرة لوجودها ووجود الوطن.
فهل رأيتم حكومة متصالحة مع الشعب , وهل وجدتم كرسيا لا يعادي الشعب , وهل عرفتم حزبا لم يمتهن الشعب؟!!
إن الواقع مطالب بإعادة النظر بمفاهيم سياسية كثيرة , ومن أهمها مفهوم الحكومة والوطن والمواطنة والدستور وآليات العلاقة ما بين الحكومة والشعب , لأنها بيت الداء وفيها الدواء.
وما يجري اليوم من مطالبات ربما لن تشافي البلاد من عاهاتها وعللها المستديمة المتراكمة , لأن الحكومة لا تزال في الوعي الجمعي عدوة الشعب , وهي تبرهن على هذا السلوك وتعززه بالأدلة الدامغة المتكررة , ويأتي في مقدمتها الفساد الظافر والإستحواذ السافر على حقوق المواطنين , وإحتكار ثروات البلاد من قبل الكراسي والمجموعات التي تسخرها للنيل من الشعب وقهره وإستعباده.
ومن حق الشعب أن يعادي حكومة تعاديه , وتنال من عزته وكرامته وتهينه وتذله , ولا يعنيها ما يكابده ويواجهه من معوقات وعثرات يومية.
فكيف تستطيع الحكومة توطيد علاقتها بالشعب؟
على الحكومة بأجهزتها التشريعية والقضائية والتنفيذية أن تتساءل وتجتهد بالجواب الوطني السليم , وبنكران ذات وعلمية وموضوعية ذات قيمة فاعلة في صناعة الحياة الأفضل للمواطنين.
فهل تمتلك الحكومة الشجاعة الكافية لطرح السؤال على نفسها , وهل يمكنها أن تستمع لإرادة الشعب وتستوعبها , وهل تستطيع التحرر من سطوة النفط؟!!
إن الجواب يأتي من الأطراف المعنية بالأمر , لأنه يختلف وفقا للظروف المكانية والزمانية , فهل ستتوفر الجدية لدى جميع الأطراف , ومَن جدّ وجد؟!!
د-صادق السصادق السامرائي
24\12\2019