الاعتداءات الامريكية والرسالة الخاسرة

رغم مرور قرابة 17 عاماً على الغزو الأمريكي للعراق، لم يؤدّ ذلك إلا إلى تطور اساليب الفوضى فيه لتهز حكوماتها المتعاقبة ومجاعة شعبها لأن الولايات المتحدة مازالت متمسكة بتسخين الشارع ولم تعد تعالج الامور بقدر التخبط وزيادة أوجه اخطائها المستمرة في سياساتها المتهورة وما زال الدم العراقي يسفك ويراق بتفنن في الشوارع بمختلف الطرق ليظل العراق ضعيفا تابعا لها، وتعطي لنفسها الحق كدولة احتلال للعراق و لها مصالح استيراتيجية وتاريخية فيه ولكن رغم كل هذه الأسباب ونتيجة لوعي الشارع جعل من النفوذ الامريكي في رسم سياسته بالعراق أمرا مستحيلا وفاشلا ومازالت الولايات المتحدة تتخبط في استراتيجياتها وخططها ولهذا تبحث على طرق اكثر خسة اخرى .. واصبح من الواقع ان كل استراتيجيات الإدارات الأمريكية والسيناريوهات التي تعدُّها مكاتب التحليل وتقدير الموقف أو مراكز الدراسات الخاصة في أمريكا تقوم على روح عدوانية تبيِّت الشر والتخريب للمنطقة وهذا خللٌ منهجي في الاستراتيجيات الأمريكية التي لم تطرح يوما فلسفة الشراكة أو تأهيل الدول البدائية في المنطقة أو إقامة علاقات قائمة على الوضوح في فوائد متبادلة كل ذلك حصل عكسه.. فكانت منذ اللحظة الأولى عبارة عن قوة استفزاز ونزف للمنطقة في المجالات الحيوية والحساسة جميعا فأمريكا عبر عشرات السنين هي حامية العدوان الصهيوني باغتصابه أرض فلسطين وتهجير أهلها أو ذبحهم، وأمريكا هي التي تتحكم بأسعار النفط ثروة العرب الرئيسية ولا تختزن واشنطن رصيدا تاريخيا كافيا للتعامل مع الشعوب وثقافاتها ولم تفكر بإقامة علاقات ندية معها، ولذلك كانت تعمد عند دخولها أي بلد إلى تدمير الصورة التقليدية له من خلال كل مكوناته ويظهر ويبدو لها اخيراً بأنها قد خسرت كثيرا في العراق عندما اندفعت نحو الحروب لتحقيق سيادتها ومن هنا فالاحساس بالهزيمة بفعل المقاومة العراقية التي جعلت من هذه السياسات مكلفة جدا لواضعيها وللشعب الامريكي و في ضوء المأزق الذي وجد فيه الاحتلال نفسه فان ممارساته على أرض الواقع بالاضافة الى محاولاته المتكررة وغير الموزونة في الخروج من مأزقه ادى و بدون ادنى شك الى الهزيمة الحتمية وسوف يبحث عن طريق للهروب المبكر قد يسهم في تخفيض عنف الهزيمة والسقوط في وحل العراق، ولا ريب ان التخبط الامريكي الذي سيقوده الى الهزيمة ناجم عن تشبثه الغبي في توهمه بامكانية تحقيق شيء من النصر الذي فقده والى الابد على أيدي ابطال المقاومة، لان المقاومة هي من تملك ارادة المبادئ، وهي من تحرك خيوط الصراع الدائر على أرض العراق, وهي من تملك المفتاح العسكري والسياسي لما يجري على أرض العراق, والامريكان وحلفاؤهم لا يملكون الا تأخير اعلان وقت الهزيمة.

من خلال عملياتها الفاعلة والمؤثرة المستمرة وفي تصاعد ثقل حجم الهجمة الامريكية عليها. لذا اخيراً شنت قواتها سلسلة من الهجمات والغارات الهمجية الغادرة على قواعد ومخازن اسلحة تابعة للحشد الشعبي عند الحدود السورية ادى الى استشهاد عدد منهم وجرح اخرين بعد أن نالوا شرف الدفاع عن العالم، وها هم بامتياز قد نالوا ميدالية الفوز على اكبر امبراطورية بربرية همجية لم يعرف التاريخ لها مثيلاً في القتل والاجرام لا بل في الكذب وتدني المستوى الاخلاقي في ممارساتهم الحياتية وفي تعاملهم مع الشعوب.وهذه الاساليب الوحشية الغادرة تؤكد ان القوات الامريكية تنوي ضرب القوة الكامنة والضاربة والمؤثرة للشعب العراقي والتي اثبتت جدارتها في ردع العصابات الاجرامية في اراضيها مثل داعش وتحريرها من هذه الشرذمة وقوى التطرف التي صنعتها الولايات المتحدة ودعمتها ما فتئت وهو اعتداء سافر على امن واستقرار دولة مستقلة ذات سيادة، وتجاوز خطير على قواعد عمل قوات التحالف ومنها القوات الامريكية بالإنفراد بعمليات دون موافقة الحكومة العراقية، ناهيك عن ان هذه العملية استهدفت قوات عراقية ماسكة لجبهة مهمة على الحدود ضد فلول داعش الارهابية، في ظل الحكومة العراقية الضعيفة وقواها السياسية أمام مواقف متعددة ومترددة وقلقة مما يجري. هذه الاعتداءات التي نستطيع أن نعزوها إلى الانقسام بين قوى العملية السياسية العراقية و هو مرآة تعكس الواقع العراقي الداخلي المتخبط والمنقسم، وهو ما يعرض أمنها للخطر ولاشك ان الخطورة تكمن في قدرة واشنطن على نفث روح الطائفية والإرهاب من جديد إذا دخل العراق معركة معها وحقق مكاسب سياسية واقتصادية وعسكرية كبيرة ، فمن خلال سلسلة الأحداث وتطورات الخلافات الأمريكية – العراقية ويبدو ان واشنطن تريد تحجيم دور القوة السياسية العراقية الفاعلة ، ومحاصرة القوى والأطراف القوية فيها وملاحقة من تشتبه بكونهم يشكلون تهديداً لامنها ، وتقويضاً للعملية (الديمقراطية) السائدة فيه، وتهدد ايضاً أمن الجميع دون استثناء ومما لا شك فيه ان تكرار القصف الامريكي لمعسكرات الحشد الشعبي مصداقية للاحتلال والغزو وعبارة عن خطة ممنهجة ومكشوفة لاضعاف هذه القوات البطلة سيما المتواجدة على الحدود امام العصابات الارهابية الهاربة من اتون الحرب في سورية وادخالها الاراضي العراقية كسلاح ضغط بيدها وهو عمل مستهجن وبغيض بشدة على موقع اللواءين 45 و46 الحامية لحدود العراق وسيادته وترصد مجاميع الشر الداعشية. ان الادارة الامريكية في عملها هذا اظهرت غباء وحماقة بعد ان اصبحت بوابة الهروب من الوحل العراقي مشرعة أمامها وهي بوابة المقاومة العراقية، البوابة الوحيدة القادرة على ان تسلكها وتحفظ شيئاً من ماء الوجه لديها وتحاول جرها للمواجهة وجها لوجه و حيث الترقيعات التي تلجأ اليها هذه الادارة مما تمت و لن تؤخر ساعة الحسم التي ستكون بيد المقاومة من جهة اذا ارادت ولن تغير من موازين القوى على ارض المعركة، فالقوة المعنوية والقتالية والارادة والايمان جميعها في صالح المقاومة المتمثلة بالحشد الشعبي والقادرة على طرد هذه القوات من بلادها، وروح الهزيمة والانكسار تدب في صفوف واشنطن وقواتها وقياداتها العسكرية في ادخالهم حالة الانذار القصوى والسياسية حيث سعت الى تقليص عدد العاملين في سفارتها.

عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here