أيران تجر العراق لحرب بالوكالة وتحاول ضرب عصفورين بحجر

بقلم: بروفسور دكتور سامي آل سيد عگلة الموسوي

الاحداث الأخيرة والتصعيد العسكري بين أيران وأمريكا في ارض العراق بما فيه حادثة السفارة الامريكية هو دليل آخر على فشل وضعف وفساد المنظومة السياسية العراقية بكافة اطيافها من أحزاب وحكومة وبرلمان ومنظومة امنية. ان هذا يؤكد مطالب المتظاهرين والثوار الداعية الى تغيير هذه المنظومات الفاشلة والغير قادرة على إدارة البلد بصورة مستقلة وحضارية وغير مرتبطة بالأجندات الخارجية. هذه الاجندات أصبحت تشكل خطراً كبيراً على العراق يضاف الى جملة الاخطار التي يعاني منها بشكل كبير. حكومة عادل عبد المهدي عملت على جر البلد لمخاطر كبيرة لسببين هما ضعفها وعمالتها ويجب ان تتحمل مسؤولية ما يجري.

ما جرى من دخول السفارة الامريكية من قبل مسؤولين في الأحزاب المشاركة في العملية السياسية العراقية ومنهم مسؤولين امنيين مثل فالح الفياض وهادي العامري وقيس الخزعلي والمهندس يعرض العراق لمخاطر وضعه من قبل مجلس الامن مجددا تحت طائلة الفصل السابع التي سوف لن يخرج منها بسهولة ويكون تحت الوصاية الدولية المباشرة ليس لان حكومته مشاركة وعاجزة بهذه الحادثة ضد سفارة دولة عظمى وعدم المقدرة على تحمل مسؤولياتها تجاه الشعب فقط بل وتجاه المجتمع الدولي وسفاراته خاصة وأن هؤلاء قد هددوا سفارات دول أخرى لنفس المصير. المشكلة التي لا يريد ان يعيها البعض او انهم لا تعنيهم لأنها لا تتعلق بمصالحهم هي ان أيران تستخدم العراق لأبعاد شبح الحرب عنها فهي لا يهمها ما يتعرض له الشعب العراقي الذي سيكون هو الخاسر الأكبر من المواجهة التي تحدث بالنيابة عن إيران. و هؤلاء لا يعنيهم ما قالته مرجعية النجف المتمثلة بعلي السيستاني عندما قال بالأمس ان الرد على ضرب أمريكا لفصائل بالحشد يجب ان يكون من خلال الحكومة وبطريقة لا تسمح ان يكون العراق ساحة للصراعات الإقليمية والدولية. ولكن علي السيستاني يعلم علم اليقين بانه لا حكومة عبد المهدي ولا غيرها يستطيع فعل ذلك او منع المليشيات والأحزاب التي تقاتل بالنيابة عن ايران لأنها لو كانت كذلك لامتنعت عن ضرب القواعد بالصواريخ واستخدمت الأساليب الدبلوماسية. هنا يظهر تدخل قاسم سليماني وغيره بهذه الاحداث وعدم اكتراثه بل واستهتاره بالشعب وبالعراق كدولة ذات سيادة. هذه السيادة ستبقى منتهكة ما لم يوضع حد للتدخلات الخارجية اما من قبل مجلس الامن او بتصحيح الوضع العراقي الذي يطالب به الشعب منذ الأول من تشرين.

العراق بحاجة الى سلطة حقيقية نابعة من رحم الشعب وتظاهراته لكي تستطيع تصحيح ما خلفته المنظومة السياسية وحكومتها الهشة وإعادة السيادة العراقية بدون التحكم الخارجي القادم بالذات من ايران. ولكي يكون القرار الأمني موحد تحت سلطة حكومة قوية لا تسمح بأن يستخدم العراق لتصفية حسابات بين ايران وامريكا. ايران اليوم مسرورة لأنها تستخدم العراقيين لتنفيذ ما تريد وهي لا يهمها العراق والخطورة التي يتعرض لها. ان الهجمة التي شنتها بعض المليشيات وبعض قادة الأحزاب ضد سفارة الولايات المتحدة اصبح لها مردودات عكسية فقد أظهرت أمريكا بانها تتعرض لهجوم في سفارتها وانها ضحية ذلك وهذا سوف يجعلها تستقدم قوات إضافية من المارينز وغيرهم لحماية منشئاتها الدبلوماسية. وقد أظهرت بعض الصور من الكتابات التي كتبت على جدران السفارة من قبل المحتجين بانهم يقاتلون نيابة عن ايران مثل (سليماني قائدي) وهذا يؤكد للعالم ان ما تقوله أمريكا بأن ايران هي التي نظمت حادثة السفارة صحيح مما يعطيها الحجة في استقدام قوات اكبر عددا وعدة وهذا ما نوه اليه وزير خارجية أمريكا لبرهم صالح ولعادل عبد المهدي.

مرة أخرى تستخدم إيران العراق كساحة صراع عسكري خطير يدفع به الشعب العراقي ثمناً باهضاً من دماء أبنائه ومن مقدراته التي هي بالأساس محطمة. كما وأن أمريكا تتحمل مسؤولية أخلاقية لأنها هي التي أتت بالمنظومة السياسية الفاسدة وسلمتهم الحكم بعد ٢٠٠٣. فعليهم اليوم ان يعيدوا هذه المسؤولية للشعب المتظاهر في ساحة التحرير والذي تتربص به أيران ريب المنون. أمريكا ارتكبت اكبر خطأ عندما حلت الجيش العراقي عام ٢٠٠٣ ثم كونت جيش ضعيف مما جعل المليشيات الموالية لإيران ان تكون اقوى من الجيش ثم أسست حكومة مبنية على أسس طائفية قدمتها على طبق من ذهب لإيران. وسوف يعلم بومبيو وزير خارجية أمريكا انه في تعامله مع الحكومة العراقية الهشة ان هذه الحكومة لاتقدر علي شيء بل وهي التي سمحت للمتظاهرين لعبور المنطقة الخضراء بينما قتلت اكثر من ٥٠٠ متظاهر القسم الأكبر منه مجرد حاولوا عبور الجسر لبوابات الخضراء.

أيران تحاول ان تجر العراق لحرب بالوكالة على الساحة العراقية لأسباب تتعلق بعلاقتها بأمريكا والعقوبات المفروضة عليها وفي نفس الوقت لكي تسلط الأضواء بعيداً عن التظاهرات الشعبية العراقية ثم ضربها بعيداً عن الأضواء. ورغم ذلك فأن أيران تخطأ مرة ثانية لأن أمريكا سوف تقرر استصدار عقوبات كبيرة ليس عليها فقط بل علـى اذرعها وهنا سوف تحصل على تأييد من الدول الاوربية وغير الاوربية الأخرى كما وأن ذلك سوف يدفع المجتمع الدولي لتأييد الثورة العراقية ومنع إيران من قمعها. اخيراً فأن إيران سوف تخسر التأييد الشعبي الإقليمي الذي لربما تمتعت به بعض الشيء فيما سبق وهو آخذ بالاضمحلال بشكل متسارع لأسباب عديدة تعود الى حربهم ضد العراق ثم طبيعة تدخلاتهم التي اشعلت حروب وتدمير لكافة الدول التي امتدت اذرعهم اليها مثل اليمن والبحرين وسوريا والعراق ولبنان ولم تتمكن إيران من كسب شعوب هذه الدول جميعاً بل فشلت فشلاً ذريعاً الا بتكوين مليشيات استنزفت أيران مما سوف يعجل من ثورة الشعوب الإيرانية التي ترزح تحت ضغط شديد اذا ما انفجر سوف لن يترك مجال للنظام ان يفكر.

اخيراً على المجتمع الدولي ان يقف مع العراقيين بثورتهم ضد السلطة الهشة التي افقدت البلد استقلاليته وسلمته بلا وطن لإيران كما وعلى المجتمع الدولي منع إيران من سحب الأضواء من ثورة تشرين ثم ضربها وهذا هو الهدف الأساس مما يجري بعد حادث السفارة وما سبقه من صواريخ وضربات بين إيران وامريكا في العراق.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here