من ثقب الأبرة! ضياع القيم ضياع الوطن!

حسين الزرباطي

تعتبر القيم واحدة من ركائز و أساسيات المجتمعات والتي من خلالها يمكنك التعرف على طبيعة أمة بكاملها بمجرد أنك تلتقي بشخص يكون قد عاش على ارض معينة إسمها وطن وتحدث لغة معينة تعرف ثقافة ذاك الشعب وبالتالي سلوكه الفردي الذي بالتأكيد سيعكس أثار السلوك الجمعي لذلك الشعب الذي يعيش على ارض تدعى الوطن!

تلك القيم تعم وتمارس يوميا وبأشكال شتى، فمنها يكون على شكل سلوك يومي بين أفراد العائلة وهنا الأساس لينتقل وبطرق وأساليب عيش فطرية الى الشارع، ومن ثم يصبح أساس تعاملات في العلاقات المجتمعية الثقافية منها والرسمية، بل وحتى من خلال المواقف الشخصية التي إذا ماإنفرد الانسان في قضية أو حالة حتى يحاول أن يظهرها متفاخرا بها لكونها ستبين شخصيته وشخصية أمته التي يفتخر بها بين بني البشر.

إن إفتقاد القيم لدى أمة يعني إن الممارسات اليومية مليئة بالمفاجائات، وأن الأسسس الانسانية التي تربينا عليها أو كنا قد إكتسبناها من الأجيال التي سبقتنا قد لاتصلح لتكون اليوم مشتركات تجعلنا نتوقع يومنا وشكله وتفاصيله، وبذلك تصبح حياتنا معرضة لسلوك عرضي أو تصرفات غير مسؤولة أو حالات لم نتعرض لها من قبل بسبب أناس يعيشون كما يحبون على حساب حرياتنا ظنا منهم إنهم أحرار في سلب حرية الآخرين.

منذ فترة ليست بالقصيرة والأمة العراقية تم إختراقها أدبيا ولغويا وإعلاميا وسلوكا، فقد كان الهجوم على الثقافة العراقية ممنهجا وإمتد على أكثر من أربعة عقود إبتداء من تعريضه للحرمان والإضطهاد والكبت الفكري ليمر في مرحلة من اللاحدود والتي فتحت عليه شلالات وبراكين متناقصة من ماهو ممكن وغير ممكن، ليصبح عقل الإنسان العراقي عبارة عن جهاز ملئ بالتناقضات يتعامل معها كما يتعامل الحاسوب مع البرامج المحملة فيه! فجأة يغضب فيلعن ومن ثم يشكر وبعدها ينقض على ضحية كان هو في وقت سابق يعاني من مظلوميتها، ليصبح المواطن العراقي حالة من الفوضى لايرى الا ماحول قدميه رافعا بكلتا يديه روحه مقدمها قربانا للعبث وللاشئ، ظنا منه أن الحياة هو مايعتقده!

منذ فترة ليست بالقصيرة شخصنا ماهو مؤذي ومسئ لشخصنا كأمة عراقية من خلال السب واللعن وتعميم مصطلحات كان الغرض منها خلق فلسفة العدائية، وكان هذا الموضوع يذكره التأريخ لأسلافنا من الخلفاء والأمراء ونقرأه في التاريخ لنراه اليوم أمام أعيننا ولانميزه! لاشك أن الفوضى العامة بين بعض شرائح المجتمع في الوطن التي تعتقد بأن الأصلح مواطنة قد أدت الى إجهاض الأرواح لأسباب مختلفة، وكبت الأفكار وإضطهاد الآخرين الذين يختلفون عنهم في المنهج والرأي هو نتيجة لذلك الزرع الذي خططوه لنا!

لقد ضاعت القيم في أمة كان كل ماتبق فيها هو القيم!! إذن نحن اليوم عراة وبدون أي شئ يحمينا! فقد فقدنا لغتنا الأصيلة المؤدبة! وقد ضاع العلم بيد الجهل! وتحول فقر الأفكار الى ثراء الجريمة!! ولم يبقى أمامنا سوى أن نعتني بما تبقى من شتلات المسامحة وحب الوطن ونكران الذات! عسى أن تزهر حديقة القيم في أمتنا ويشرق علينا صباحا جديدا

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here