رؤية تحليلية محتلفة .. المنطقات الخاطئة لثورة تشرين رغم عظمتها

خضير طاهر
مشاكل العراق بحاجة الى رؤية تحليلية جادة غير تقليدية بعد فشل الفكر السياسي المستهلك التقليدي في إيجاد الحلول للبلد ، فالثقافة السياسية البائسة التي سيطرة على عقول أبناء المجتمع والمتمثلة بالفكر اليساري والقومي العروبي والإسلام السياسي مضافا لها الطروحات العشوائية … ثبت إخفاقها وبؤسها وطابعها العدواني القبيح أسير الشعارات والأيديولوجيات المضادة للمنطق ومصالح الإنسان والبلد وطبيعة الحياة !
وزلزال ثورة تشرين هو حدث هائل وعظيم جسد فيه الثوار رجالا ونساءا ملحمة وطنية كبرى ساهمت في إحياء الروح الوطنية العراقية ، وسحقت ببطولة نادرة الهيمنة الإيرانية وعملائها ومرغت أنوفهم في وحل عار الهزيمة ، وأسست لحاجز نفسي وفكري وسياسي ضد النفوذ الإيراني في العراق مستقبىلا ، وينسحب هذا حتى على النفوذ الديني الإيراني المتمثل في المرجعية الإيرانية ووجودها وهيمنتها في النجف وكربلاء سوف تجد نفسها في عزلة ورفض من قبل العراقيين وحتما سينحسر حجمها ودورها ،
لكن هذه الصورة المشرقة للثورة والإندفاع العاطفي لايجب أن ينسينا التحليل الواقعي للحاضر ومآلات المستقبل أذا أردنا ان نكون صادقين مع أنفسنا فمن الضروري التطرق الى المنطلقات الخاطئة للثوار ،على ضوء معيار (التجربة ) هي الحاكمة على العقل والسلوك ، وليس المسبقات الفكرية وحالات الإغتراب وإسقاط الأمنيات والأوهام على الواقع ، وبودنا طرح الأسئلة التالية :
*- مامدى قدرة الثوار على الثبات الفكري والعاطفي ؟
وكم من الزمن سيستمر هذا الزخم الوطني لدى الثوار ونحن في المجتمعات الشرقية نعاني من مشكلة عدم الثبات الفكري والعاطفي ليس بسبب خلل أخلاقي وانما نتيجة التكوين النفسي والعقلي وطبيعة البيئة والثقافة ، وهل يستطيعون الصمود أمام إغراءات المال والسلطة مستقبلا .. التجربة تقول لاتوجد ضمانات على الثبات ، والمجتمع ليس مجتمعا ناجحا في النشاطات الجماعية على صعيد الجمعيات والنقابات والأحزاب وكذلك في تشكيل سلطة ناجحة تقود البلد .
* – هل الديمقراطية تصلح لشعبنا ؟
واحد من مطالب الثوار إجراء إنتخابات ديمقراطية نزيهة وهذا منطلق خاطيء للأسف ، فالديمقراطية لاتصلح للشعب العراقي ، وأصل المشكلة ليس في نزاهة الإنتخابات وضعف مستوى الوعي والتعليم والثقافة وقلة التجربة ، بل في تكوين مجتمعنا البنيوي الأصيل الذي لايصلح لممارسة الديمقراطية ، لأن الإنسان العربي والشرقي عموما ومعة الأفريقي واللاتيني … حدود قدراته البشرية التكوينية تتعارض مع كل ماهو عقلاني متحضر يحترم حق الإختلاف والتبادل السلمي للسلطة والعمل على بناء البلدان بنكران ذات ، فهذه المجتمعات لاتزال تفكر وتتصرف بمستوى الطور البدائي الغريزي ، والدليل الجالية العراقية والعربية والشرقية في دول أوربا وأميركا وكندا وأستراليا .. حصل أفرادها على أفضل فرص التعليم والثقافة وعاشوا في قلب الحضارة والديمقراطيات الحقيقية ، لكنهم ظلوا على تخلفهم الفكري والسلوكي مقيدين داخل عوائق نفسية وعقلية أصيلة في تكوينهم ، والتجربة أثبتت النتائج الكارثية للديمقراطية في كافة الدول العربية داخل بلدانها وفي مقدمتهم تجربة العراق منذ العهد الملكي وفي الوقت الحاضر!
*- هل يستطيع العراقي قيادة شوؤنه بنفسه ؟
منطلق آخر خاطيء وقع به الثوار وهو الإعتقاد بقدرة العراقيين الشرفاء على قيادة بلدهم وإدارة شؤونه بأنفسهم ، وحسب تجربة الدولة العراقية منذ تأسيسها عام 1921 ولغاية الآن وكذلك تجارب جميع الدول العربية نجد فشل أبناء هذه البلدان في إدارة شؤون بلدانهم بأنفسهم ، وما ان تركهم الإستعمار وإستلموا ساسة البلدان السلطة حتى عمت الإضطرابات والأنقلابات والحروب وهدر الثروات ، ماعدا دول الخليج العربي التي إستعانة بالوصاية الأميركية- الأوربية ، وحصل فيها إستقرار وأمان وإزدهار .
ففي العراق تاريخنا السياسي هو تاريخ الفشل المزمن المزدحم بالصراعات والإنقلابات والدم … ولحد الأن لم يتغير شيء في طبيعة الشخصية العراقية من حيث إخفاقها الدائم في النشاطات الجماعية وروحها الفردية وغياب نكران الذات والشعور بالمسؤولية نحو الجماعية ، وماقدمه الثوار من روح جماعية نبيلة باهرة لايقاس عليه لأن جاء كرد فعل على تسلط وظلم فساد الساسة والإحتلال الإيراني ، وهو لحظة حماس ظرفي وليس سلوكا في ظروف عادية صدر عن الأفراد في مبادرات وممارسة أصيلة نابعة من الداخل وليست مفروضة بفعل التحديات الخارجية .. لذا لاتوجد ضمانات لدينا في الثبات عليه .
والخلاصة : ان العراق والدول العربية جميعا لم يخلقوا للديمقراطية ، وفشلوا في إدارة شؤونهم بأيديهم ، وان هذه الشعوب تكرر وتعيد إنتاج ذات الأخطاء والمشاكل ولاتريد الأعتراف بقصورها التكويني وقدراتها الذاتية المحدودة الدائمية التي ليست لها علاقة بالتطور التاريخي وعوامل البيئة .
والحل الوحيد أمامنا كعراقيين هو إنشاء نظام سياسي دكتاتوري وطني بعيدا عن شعارات المطالبة بالدكتاتور العادل لأن واقعيا وحسب التجربة العدالة مبدأ مثالي ومجرد أمنية لايمكن تحقيقها كونها فوق طاقات الإنسان ، وعليه نريد حاكما دكتاتوريا وطنيا لديه أقل قدر من الأخطاء يمارس سلطة ضبط الفوضى ونوازع التدمير الذاتي لدى أفراد الشعب ، وتكون الحكومة بإشراف الولايا ت المتحدة الأميركية على غرار تجارب الدول الخليجية الخاضعة الآن للوصاية الأميركية وتعتبر بلدانها جنة ونعيم بالنسبة للعراقيين الذين يحلمون بالعيش في الإمارات وخصوصا دبي .
* هامش شاهد فيديو:(( الطفالة النفسية وحاجة الشعوب العربية للوصاية )) الذي عرضت فيه رؤيتي هذه بشكل تفصيلي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here